-->
U3F1ZWV6ZTEzNzUzMDQwMTQxX0FjdGl2YXRpb24xNTU4MDI5NzIxNDY=
recent
جديدنا

نظريات العقد الاجتماعي

هوبز توماس

 رشيد جمال 

مفهوم العقد الاجتماعي: أي الالتزام أو الاتفاق أو التعاقد بين الجماعات المتناحرة أو مجموعة من الأفراد وذلك لتأمين حقوقهم وحمايتهم، وقد يكون هذا التعاقد بين الشعب والحاكم أو بين أطراف الشعب ذاته، وبهذا الاتفاق أو 
العقد نكون قد توصلنا إلى حل يمنع الصراع بين تلك المجموعات وهذا العقد يجب أن يكون بموافقة المجموعتين المتناحرتين، مثال: بين المحكوم والمُحاكم.

 إن نظرية العقد الاجتماعي ليست حديث الولادة بل كانت موجودة في أيام حكم الكنيسة وأيضاً في الحقبة الرومانية وأيضاً في الفلسفة اليونانية وفي هذا البحث سنحاول البحث في نظريات العقد الاجتماعي لكل من الفلاسفة
١- توماس هوبز.  2-  جون لوك.  3-  جان جاك روسو.

وذلك حسب التسلسل الزمني للنظريات وتطورها لفلاسفة العقد الاجتماعي ونحاول طرح أفكار كل نظرية على حِداً والنقد الذي توجه لكل نظرية من قبل الفلاسفة والمفكرين، لأن كل نظرية كانت تحاول بأن تقدم نظام جديد للمجتمع الذي ينتمى لها وتجاوز العقبات التي كانت تواجه الأفراد والسلطة في نفس الوقت، أيضاً سنلاحظ بأن بعض أفكار هذه النظريات ما زالت تُمارس من قبل الدول والسلطات. فمثلاً: فكرة السلطة المطلقة للحاكم عند "هوبز" مازالت تمارس لدى السلطات الدكتاتورية  كالسلطة البعثية في سورية وأيضاً النظام الدكتاتوري في كوريا الشمالية.
وأيضاً هناك معظم دول العالم ما زالت تطبق بعض أفكار من نظرية روسو في إحلال الديمقراطية واحترام حقوق وحريات الأفراد. وقد يكون هذا أمراً طبيعياً، ولكن هل الفرد ما زال يحمل نفس الأفكار التي كان ينادي بها أسلافهم في عصر صُدور تلك النظرية؟
هل ما زال الإنسان المعاصر ينتمى إلى حالة الفطرة لتطبق نظرية العقد الاجتماعي عند "هوبز" عليه ويتخلى عن أبسط حقوقه مثل الحرية والكرامة؟.
سنكون أمام مجموعة من الأسئلة المنطقية التي ما زالت موجودة في واقعنا التي تطرحها تلك النظريات حتى في سلبياتها.
رشيد جمال 

أولاً: نظرية العقد الاجتماعي عند توماس هوبز (1679- 1588).
بما أن كل فيلسوف ابن بيئته لابد لنا من دراسة الإرهاصات التي كانت موجودة في زمن ذلك الفيلسوف من ظروف سياسية واجتماعية واقتصادية، لأن أي حدث يُوثر على فكر وتوجهات الفيلسوف أو الكاتب لذلك عندما تعود إلى العصر الذي كتب به "هوبز" هذه النظرية نرى بأنه كان هناك حرب أهلية في إنكلترا بين عامي ( 1642- 1647) حيث القتل والسلب ونهب ممتلكات الخاصة، زمن القوي الذي يسيطر على كل شيء، والكل يخونُ الكل.
لذلك نرى بأن "هوبز" في كتابه (مبادئ القانون الطبيعي والسياسي) يحاول التبرير للسلطة المطلقة للحاكم.
لأنه الحامي الوحيد للشعب وهو الوحيد الذي يستطيع حماية الدولة وتحقيق الأمن للأفراد لذلك لابد لنا من معرفة الظروف التي تأثر بها الفيلسوف والتي أدت إلى طرح أفكاره التي تؤيد الحكم الملكي المطلق للدولة.
في نظرية العقد الاجتماعي يلجئ هوبز إلى الحالة الفطرية للإنسان حالة الغزيرة والفوضى والصراع من أجل البقاء والسيطرة والرغبة في تحقيق المجد وأن الإنسان في حالة الطبيعة حسب نظرية " هوبز" شرير وأناني ويحاول حماية مصالحه الخاصة من الآخرين وأن أنانية الإنسان تفرُض عليه دائماً بأن يكون الأول في كل شيء بحيث يحاول القضاء على أي فرد يهدد مصالحه الخاصة ففي هذه الحالة يكون الإنسان في صراع وحرب على المصالح الخاصة للأفراد وهذه الحرب هي (حرب الكل ضد الكل) حسب تعبير "هوبز"، ويحاول أيضاً إثبات الطبيعة الأنانية للإنسان عندما يقتصرها بجملة بحيث يقول: (الإنسان ذئب لأخيه الإنسان).
ويدعم هذه المقولة ببعض الحجج عن الطبيعة البشرية بطرح ثلاثة أسباب رئيسية للصراع بين البشر:
1- التنافس   2-الاختلاف  3- الرغبة في تحقيق المجد.

1 - التنافس: الناس متلهفون إلى اكتساب الربح واتباع شهواتهم في الحصول على ما يودّون ويحاولون الوصول إليه بأي وسيلة تُأمّن لهم هذه الأشياء.

2 - الاختلاف: يدفعهم إلى طلب الأمن عن طريق القوة التي تُشعره دائماً باختلافه عن الآخرين ويستطيع تقديم الأمن للذين ينتمون  إليه.

3 - الرغبة: في تحيق المجد : يسعى الفرد إلى تحقيق الشهرة، ويحاول القضاء والسيطرة على كل من يحاول التقليل من شأنهم، والذين يحاولون الوقوف في طريق مجدهم.

وبهذه الطريقة ينعدم القانون وتحل الفوضى ويصبح الإنسان خاضع لشهواته ويتحول المجتمع إلى غابة بحيث يأكل القوي الضعيف ويصبح الإنسان ذئب لأخيه الإنسان.
نلاحظ بأن جميع النقاط التي يطرحها هوبز عن الطبيعة البشرية هي انعكاس واقعي لواقعه الذي كان يمر بظروف أهلية قاسية على الشعب الإنكليزي في تلك الحقبة من الزمن من قتل وتهجير ومجاعة وحرب، فحاول "هوبز" إنقاذ الإنسان من الموت وتأسيس نظام اجتماعي مدني ينقل الإنسان من حالة الطبيعة إلى الحالة المدنية وذلك من أجل أن يؤمن للإنسان الأمن والأمان، ولم يرى الحل سوى في الحكم المطلق للحاكم الذي سيوفر للناس الأمن ويحمي مصالح الجميع ضمن دولة مدنية موحدة تخضع لسلطة رجل واحد يتميز بالقوة والنفوذ وهو صاحب السلطة المطلقة في النظام السياسي الجديد الذي يطرحه "هوبز" كعقد اجتماعي يتم بين الأفراد ذاتهم والحاكم لن يكون طرف في هذا الاتفاق.
ومضمون هذا العقد أو الاتفاق هو:
( التنازل الكلي والمطلق عن كافة الحقوق والحريات الطبيعية لصالح الحاكم).

وبهذه الحالة يستطيع الحاكم القضاء على الحروب والصراعات وتحقيق الأمان للشعب لأن الناس سوف تقر وتتماثل لأمر الحاكم وأن ولاءهم له يضمن لهم السلم، وبمجرد تحقيق السلم يقوى نظام الحكم وتزداد درجة امتثال الناس للحاكم.
وهكذا نرى في نظرية "هوبز" الاجتماعية أن الحاكم أصبح يتميز بسلطة مطلقة وليس من حق الأفراد مخالفته، وأي فرد يخالف أوامر تلك السلطة يُحاسب بحسب العقد المُبرم.
هذه الدولة التي تحمي مصالح الرعية والتي تجمع بين السلطة الدينية والمدينة بحيث يتم اخضاع السلطة الدينية للسلطة المدنية المُمثّلة بالملك.
إلا أنه هناك مآخذ كثيرة على نظرية هوبز في العقد الاجتماعي:
١ - مصادرة الحريات الشخصية وتجريد المجتمع من أبسط الحقوق.
2- تحويل الحاكم إلى دكتاتور عن طريق وضع جميع السلطات تحت أمرته من تشريعية، قضائية، تنفيذية.
3-أيّة حالة تمرد على الملك مرفوضة بما أنه يقدم للشعب الأمن والسلام.
أما الجانب الإيجابي من النظرية فهو قد أسّس لبناء نظام اجتماعي سياسي يتحول بالأفراد من الحالة الطبيعية إلى حالة التنظيم والمجتمع  المدني والدولة الحديثة.
وأيضاً إبعاد سلطة الدين وتقليص دورها في قيادة المجتمع.

المصادر والمراجع.........

-         هوبز توماس، اللڤياثان، ت. ديانا حبيب حرب و بشرى صعب، أبو ظبي، هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث (كلمة)، ٢٠١١.
-          إحسان عبد الهادي، توماس هوبز وفلسفته السياسية، المكتبة العامة، السليمانية، ط١، ٢٠١٢.
-          جورج زيناتي، رحلات داخل الفلسفة الغربية، ط١، بيروت. دار المنتخب العربي للدراسات والنشر، ١٩٩٣.


الاسمبريد إلكترونيرسالة