بانكين عبد الله / خاص سبا
ليلة الدخلة نقطة تحول تنزف من بكارتها كل المشاكل الاجتماعية، وتنحصر فيها المعرفة والعلم والثقافة والشرف والكرامة بين فخذي المرأة، وتصبح كل القيم والمقدسات عرضة للخطر، وتتوقف الرجولة، والعفة،على خروج عضو الرجل بعد الولوج من فرج المرأة ملطخ بالدماء. مجتمع يقدمُ برهان عفته دم قانٍ، وتتفاخر فيها المرأة إلى جانب الرجل بدم بكارتها، ليشهد بعفتها وتشهد برجولته في ليلتهم الأولى.
لو نزفت عفيفة ولو لم تنزف عاهرة!
كلما كان زمن الجماع قياسياً دل ذلك على الرجولة!
إن أغلب مشاكلنا الاجتماعية تكمن في جهلنا بمفهوم الجنس، والذي يكثر حوله الغموض، ويشكل هاجساً لدى الجميع. مما يجعلنا ننصرف إلى السلوكيات والوسائل الخاطئة لنعرف عنه وبجوٍ من الرعب والشعور بالذنب والعار. حيث تربينا في مجتمعٍ بمجرد ذكرنا لكلمة "الجنس" فيه، يخال إلينا من بواطننا اللاشعورية تعريف (أفكار/ ممنوع حرام) رافق ذكره بحكم التربية الدينية والمجتمعية والمدرسية... التي كونت جذرنا النفسي) ارتبط سواء بقصد أو بغيره بمشاعر الخوف والذنب والعار والمعصية، مما جعله (الجنس) يطابق قاعدة "كل شيء ممنوع مرغوب" التي زادت من تأثيره على وعينا بفضل تركيزنا عليه، ونمت – وبسبب المنع – مشاعر الحقد، ونوع من الانتقام في اللاشعور لدى مجتمعنا الشرق أوسطي، مما أفرز عنه أبشع مشاهد الاغتصاب، والعنف الجنسي، والقمع والمنع، والانتقام من الأنثى، وزواج القاصرات، وتعدد الزوجات نتيجة للكبت (بفضل التركيز عليه لا شعورياً والخوف من ممارسته بفضل العادات والتقاليد والأعراف والدين) الناتج عن منع الجنس وبطريقة لا تمت للعلم بصلة.
حيث أننا نعيش في مجتمع يحكمه الأعراف والعادات والتقاليد، ويعيش وفق قواعد لأناس ماتوا منذ قرون، أجبرنا فيه على احترام ما لا يمت بالعلم صلة في أغلب الأحيان، وقمنا بمنع مشاعرنا وحجبها عن بعضنا البعض، مما زاد من أعبائنا النفسية، وأثقل كاهلنا مع تقدم العلم وغزو التكنولوجيا لحياتنا الخاصة والعامة، وتدخلها في أدق تفاصليها، وما نشاهده من تغيير طرأ على حياة الشعوب من حولنا، وكم تخلفنا عنهم بسبب تلك الأعراف التي وبجرائها تحولت مشاعرنا إلى عقد نفسية "وسيرورات نفسية لاشعورية" تخلج صدورنا – لأنها ممنوعة – كلما انفردنا بذواتنا وبرغباتنا، والتي أثرت – سواء بوعي أو بغيره – على نمط تفكيرنا وجميع سلوكياتنا، لأن تركيزنا صب نحوها لاإراديا؛ وخاصة في مرحلة المراهقة.
فلو كان الجنس في مجتمعنا أكثر تحرراً وعقلانية، لربما ما كانا قد شاهدنا كل هذا العنف، وهذه السلوكيات الشاذة، وحالات الاغتصاب، وتعدد الزوجات، وحتى وباعتقادي كنا أكثر تطوراً وتقدماً، وأكثر قدرة على التعايش والتناغم، وانتهينا من ذهنية الرجل الشرقي، وغيرها من الأمراض المجتمعية الشرق أوسطية.
وفي النهاية لست أدعو تحت مسمى "التحرر الجنسي" إلى الدعارة! وإنما أن يكون هذا الموضوع مطروحاً بجرأة، وأن يدرس في المناهج المدرسية حتى يزال الغموض حوله، ويصبح مباحاً – وبالتالي – ينصرف عنه الجيل، ويتفرغ إلى مهامه بتركيزٍ أكبر دون أن يشغله الجنس، ويتحول إلى عقد نفسية و"سيرورات نفسية لاشعورية" تعيق تطوره ونموه بشكل سليم.