رنه يحيى (لبنان)
مدينتي مضرّجةٌ بالدم
أزهارُهَا نائمةٌ من أصواتِ الجرحى
الجدرانُ تشققّتْ من صدى الدخان
الكلابُ تمشطُّ الأزّقةُ بنباحِهَا
عصا الظلمِ تدقُّ كلَّ بابٍ
الأبوابُ سقطَتْ فارتمَتْ أسرّةً للشهداءِ
خطفَتْ الرّيحُ أثوابَ الصّلاةِ من على الشّرفاتِ
وحدَها القبّةُ صامدةٌ
أعمدةُ الكهرباءِ غدَتْ سيوفاً
الفقراءُ تحولُوا إلى قضبانٍ في سجنِ الّليلِ
الشّمسُ خجلَتْ من زيارةِ الجوامعِ والكنائسِ
ضوءُ وجوه الأطفال كافٍ لإشعالِ المصابيحِ
ابتلعَ اليّمُ دموعَ الأمهاتِ
أهدَتْ الحربُ هدايا مغلّفةً بالأكفانِ
مدينتي تكابدُ من الغربةِ
الشُّعراءُ وحدَهم ينحتون قصائدَهُم سداداتٍ لبنادقِ العدوّ
مدينتي جريحةٌ
حروفي تضمّدُها
تبّاً للآلام
مخالبُهَا تنهشُ دفاتري
وجعي تجاوزَ الخطّ الأزرقَ.