-->
U3F1ZWV6ZTEzNzUzMDQwMTQxX0FjdGl2YXRpb24xNTU4MDI5NzIxNDY=
recent
جديدنا

واحة الغريب.



عبدالله عيسى


أشبهُ بجرذٍ تائهٍ في سجنِ النساءِ

تطاردُهُ الشتائمُ و الملابسُ الداخليّةُ المتّسخةُ ، و الأحذيّةُ.

وحدُكَ الآن تقيسُ المسافةَ بين ظلّكَ المرتجفِ على الجدارِ

 و الضوءِ الذابلِ بين عينيكَ 

في الزاويةِ المعتمةِ. 

ما الّذي تفعلُهُ الريحُ في جيبِ بنطالِكَ الممزّقِ ،

 المبلولِ بخوفِكَ من لسانِ السجّانِ الطويلِ ،

و قبضتيهِ الكبيرتين. 

ما الّذي كان يجعلُ المارّةَ 

في شوارعِ المدينةِ لا يعتذرون كلّما ارتطمتْ أكتافُهم مسرعةً بصدرِكَ النحيلِ ، 

و أصدقاؤُكَ الطيّبين مثل نكتةٍ ساذجةٍ يبتسمون 

لدوريّةِ الأمنِ الّتي اصطحبتْكَ إلى حيث لا شجرةَ تصعدُ معها إلى النهرِ ، 

و لا امرأةً تتبعُها كلّ صباحٍ لتندمَ في المساءِ أنّك لم تقلْ لها : صباحُكِ فلّ يا أميرة. 

لا شيءَ هنا يدلّ على أيّ شيءٍ هناك 

أيّها الحلزونُ الّذي خلعوا بيتَهُ عن ظهرِهِ. 



******



لا أزالُ أحبّكِ 

بين المرايا الّتي هرمتْ في بيوتٍ تباغتُها الحربُ في ما يدوّنه العابرون ، 

و بعض الرواة ، 

ومغتنمو الفرصِ الضائعةِ. 

مثل ريحٍ على عجلٍ تتعثّر بالسرو فوق التلالِ البعيدةِ ، 

كنتُ أجيئُكِ 

بالقبّراتِ الّتي داهمتْني ، 

و خوفِ النجومِ الّتي سقطتْ في الغديرِ بلا أثرٍ ، 

كلّما التفتتْ لي يداكِ. 

و كنتِ بنشوةِ سنبلةٍ تنضجينَ ظلالَكِ بين السواقي الّتي لم تعدْ تقتفي خطوتي ، 

و المراسي الّتي صدأتْ في مرافئ

ما زلتُ فيها غريباً

كأجراسِ طيفي الّتي غرقتْ في دموعِكِ. 

ليس ضبابُ الرحيلِ الّذي اسودّ في دمِنا فجأةً ، 

لا ارتباكَ الشفاهِ الّتي علقتْ في شبّاكِ الجفافِ ، 

و لا أنّة الحلمِ حين نفيقُ على غفلةٍ من أصابعِنا في سريرين في بلدين غريبين . 

بل لم يعدْ أحدٌ ما يرانا نطيلُ العناقَ قريباً من الديرِ في الليلةِ السابعةْ .



******


المرأةُ الّتي كانتْ جباهُ الرجالِ تخرّ على مقربةٍ من ظلِّها الغاوي ، 

و يشتهونُها كلّما خلوا بنسائِهم في المضاجعِ. 

ذاتُها الّتي وصفَها السكارى النرجسةَ الكاذبةَ ، 

و أسميتُها حقلَ بنفسجٍ بريّ. 

لم يعدْ عطرُها يتجوّلُ في الحاناتِ 

و يعبرُ بين الأرصفةِ و الحدائقِ 

و يرمي على عابرٍ تحت شرفتها قطرَ الندى. 

المرأةُ تلك 

لن يتعجّلَ من أجلِها أحدٌ هذه الريحَ

حتّى يكلّمَ ما تحت قميصِها من غاشيةِ الأعضاءِ. 

المرأةُ الّتي لم يرجمَها العصاةُ بالخطايا. 

لم تقلْ لسواي: 

أيّها الرجلُ الغريبُ ، 

لستُ رجلاً .. غريباً. 

أمس 

أفسدتُ ليلةَ زوجي لأنّكَ لم تبتسمْ لي. 

و مضتْ ناحيةَ الديرِ فوق التلالِ البعيدةِ. 

المرأةُ تلك 

ذاتُها 

لم يرَها أحدٌ بثيابِ الراهباتِ.

تعديل المشاركة Reactions:
 واحة الغريب.

can

تعليقات
    ليست هناك تعليقات
    إرسال تعليق
      الاسمبريد إلكترونيرسالة