-->
U3F1ZWV6ZTEzNzUzMDQwMTQxX0FjdGl2YXRpb24xNTU4MDI5NzIxNDY=
recent
جديدنا

معسكرات الأبد




سليم بركات

 

 حين انفصلا، لمرة واحدة، دارا حول البركة، كل من جهة، ليغرقا بمنقاريهما- المفتوحين من التعب- بعض الماء يبردان به  حوصلتيهما الساخنتين. ولما أكملا الدورة والتقيا، ضرب ذيلاهما الأرض ليندفع جسماهما أعلى، متواجهين مخلبا إلى مخلب، وصدرا إلى صدر، ومنقارا إلى منقار، وعينين إلى عينين، وأعماقا إلى أعماق بما فيها من شرود كأن غيرهما يتخاصمان، لا هما. وإذ تصادما بعظمي القص في صدريهما، صدر عنهما أنين خافت، عميق، احتبسته عظامهما القاسية، ولحمهما الذي لا شحم في عضله وأليافه. ثم تبادلا انقضاضاتهما العالية، في تناوب متفق عليه. حتى أن أحدهما، إذا لم يتمكن من تسديد ضربته، بسبب انزلاقه على الطين مثلا، يتيح له الآخر أن يعيد الكرة ليتعادلا بشهامة طائرين لا يطيران، بل أنهما لم يسألا نفسيهما من قبل، قط، لم لا يطيران.

ولماذا الطيران على أية حال؟ أهو تمرين للأجنحة؟ لقد اختبرا أجنحتهما من قبل، وهما واثقان أن لهما مقدرة على النفاذ بريشهما، وعظامهما، فلطالما تعرضا لغضب غير مبرر من الكلبين “ توسي” و” هرشة” ، يباغتانهما مهاجمين فيطير الديكان. نعم ، يطيران من الذعر الذي يرفع الأجنحة بحكمته إلى مدارج الريح فيعلوا جسماهما أمتارا عن الأرض، ويندفعان بقآقآت مديدة كالصراخ ممتزج بجلال الهواء الذي يجعلهما خفيفين ككائناته الخفيفة. ولطالما هاجمتهما الإوزات الثلاث، أيضا، فكن مصدر اختبار.

 

تعديل المشاركة Reactions:
معسكرات الأبد

Kaya Salem

تعليقات
    ليست هناك تعليقات
    إرسال تعليق
      الاسمبريد إلكترونيرسالة