سليم بركات
حين تستيقظُ صباحاً أيقِظِ الصباحَ معكَ.
لم يحْظَ النائمُ بحاجته من القتل في حلمهِ: أيقِظوه، واسندوا إليه مَهامَّكم.
ما الفتحُ الأعظمُ إن لم يكن تهشيمَ بوابات المدنِ قرْعاً بالرؤوس؟
الجلوسُ قربَ النار ليس جلوساً قرب معنى النار.
الحياةُ حيلةٌ، والهذيانُ مَخْرجٌ عقلانيٌّ.
بياضٌ مِن سهرِ السوادِ على السواد. أو:
بياضٌ مغمىً عليه ينعشُه السوادُ نفْخاً في فمه.
الأشباحُ تصاميمُ رقميةٌ.
منذ القِدَمِ بَلَغتِ الآلهةُ والإنسانُ، معاً، هذه الطريقَ المسدودة.
الظلالُ الكثيفةُ مَخْبأُ الظلالِ اللُّصوص.
الشفاهُ متشابهاتٌ.. شغفُ التقبيلِ يخلقُ اختلافَها الفريدَ.
زواجٌ لن يُنْسى: زواجٌ بلا عروسٍ وبلا عريس.
كلُّ نِكاحٍ هو هو: كحرقِ بابِ قلعةٍ قبل اقتحامها، أو كانكسارِ سيفٍ من الضربة الأولى في معركة.
الجنونُ مريدُ العظمةِ الوفيُّ.
زائرٌ لطيفٌ هذا الدِّينُ الذي بلا كتابٍ.
الحانةُ حانةٌ حَقاًّ بعد الكأس التاسعة من البراهينِ المُسْكِرة.
مبصِرون بأقدامٍ عمياواتٍ، وبأصواتٍ تتعثرُ بالأقدام.
الصوتُ احتكامٌ إلى الصمت.
الوجعُ دولةٌ بنظامٍ من الوجع.
لا أريد نبيذاً، أريدُ جراءةَ الخابية التي اختمرَ فيها النبيذُ.
الصوابُ بقدمٍ في النبيذِ، وبأخرى في حساءِ العدس.
النافذةُ اعترافٌ بسُلطة الباب.
الخوفُ سؤالٌ جوابُه الخوف.
أأنتِ قاسيةٌ على ثيابكِ، أمْ قاسيةٌ ثيابُك عليكِ؟
كلُّ زحامٍ يصنعُ مدينةً.
الخطأُ جيدٌ بتكراره للمرة الثالثة: يختمرُ كنبيذٍ.
أَخَرَجتَ عن صمتكَ، أمْ خرجَ صمتُك عليك؟
لستُ مضطرباً، بل استجمعُ نفْسي قِطَعاً بلا تناسبٍ في أوزانها.
الأعمى للأمير:
- حين يُصاب المرء بالعمى تتفتح عيونٌ في جوارحه كلها، يا مولاي.
- في جوارحه كلها؟
- نعم، يا مولاي. في خصيتيه أولاً.
- لماذا العميانُ بذيئون في كلامهم؟
- لأنهم لا يسمعون الكلمات الصامتة، يا مولاي.
- ما الكلماتُ الصوامتُ؟
- المهذَّبةُ منها، يا مولاي.
الظلامُ محايدٌ. النورُ غيرُ محايد.
الأفرانُ أخبارٌ نارية.
يأتي شعبٌ. يذهبُ شعبٌ. مُلكيةُ الأرضِ قلقةٌ، والتاريخُ للشعراء.
حوار:
- اقتلْهُ قليلاً.
- أفي قَتْلِهِ قليلٌ وكثيرٌ؟
- القتلُ بلا إهانةٍ قتلٌ قليلٌ.
كُنْ حافياً حين تنظر إلى عينيِّ التنين الحافي. لا تكلِّمْه عن الأحذية.
كُنْ كتاباً حين تنتهي من إحراق المكتبة.
الشُّغورُ هو اكتمالُ النِّصابِ في اجتماعِ الفراغِ بالفراغ.
حوار:
- لا يليق بنا أن نتخاطب على هذا النحو.
- على أيِّ نحوٍ إذن؟
- على النحو الذي تدرك الكلماتُ أنها في فخٍّ.
ها هو الإصغاءُ إلى الحطامِ مغرِّداً في نومٍ هانئ.
الأفاويحُ تتعظُ من غدر الإنسان بها في تاريخ الطهوِ،
والإنسانُ لا يتعظُ من غدر الأفاويحِ به في تلاعبها بتاريخ المطاعم.
حوار:
- استعِنْ بالمرتزقة، إنِ استعنتَ، ليومٍ واحد.
- ماذا يحْدثُ إنِ استعنتُ بهم ليومين؟
- ستُدمنُ ذلك.
- ماذا إن أدمنتُ ذلك؟
- يصيرون جيشَك الذي ليس لك.
إبقَ حيث أنت مستلقياً على الأرض بوجهكَ إليها:
السماءُ خفيفةٌ إن سقطتْ على ظهرك.
لا تكوني بحراً؛ كوني ما لا يحتملهُ البحرُ من لُطْفِ شاطئه.
سِكِّيرٌ جيدٌ إن تراقصتِ الخوابي من حوله، وانذعرَ الماءُ إنْ لَمَسَ الماء.
الرواية وقتٌ مقتطعٌ في ملعب كرة السلَّة.
كلُّ إشكالٍ يَصْلحُ مفتاحاً لسرقةِ دراجةٍ نارية.
سيلتهم، آخرَ ما يلتهمه، قُفلاً بنكهة التفاح.
خُذِلتُ حتى لم يبق عليَّ إلاَّ النومَ إلى جواري، على سريرٍ واحد.
أنتِ؛ أنا: كلانا المشتركان في حصاد الزيتون الحجريِّ.
الأزمةُ والحتميةُ تتضاربان بالقباقيبِ،
والبقاءُ والمصادفةُ يتضاربان بالأحذية.
يُؤكلُ الموتُ كما تؤكلُ الحياةُ مطهوَّةً في وعاءٍ لا نقوشَ على صلصاله.
كلُّ تاريخٍ يكفيه جرحٌ واحد. كثرةُ الجروحِ تلفيقٌ لتواريخَ بلا سَنَدٍ.
الظلمُ ما لا يتسعُ إلاَّ لمثْله.
وصيتي أخيراً: أبْعِدوني عني، وافْرِغوا من جيوبي معنى ابتكارِ الجيوبِ في الأثواب.
سأخاطبكم بصدقٍ: تذكَّرتُ كلَّ ما لم يكن صِدْقاً قطُّ؛ تذكرتُ الحياةَ.
اعترفُ بأنني المسؤولُ عن أخطاء البنادقِ، التي احْتَبَسَتْ فيها الطلقاتُ فلم تنطلق.
الذهبُ ذهبيٌّ قبل أن تتراكم عليه ديونُ الحديد.
لا تُصغوا إليَّ ـ أنا الصوتُ العثرةُ،
بل اصْغوا إلى الرتوقِ في الثياب.
مَنْ تُصِبْه الطلقةُ يكُنْ متواطئاً معها.
صِورٌ على الجدرانِ من رسومِ الجدران.
دائماً كان الدائمُ على خلافٍ معْ دوامه.
أجيبوني: أكلُّ ألمٍ تحصيلٌ من ودائعِ الأساطير؟ أين الألمُ في الواقعِ؟ أين سحرُهُ الذي بلا واقعيةٍ؟
الكتابُ جهادُ السطور في الخروج على تبَعيَّتها للصفحات.
ما أكْملَكَ أيها الحصارُ الذي أريدُهُ أخاً في تقاسُمِ الإرث.
حظِّي عاثرٌ اليومَ: خذلتني الريحُ في اقتلاعي من جذور الريح.
معضلةٌ أخلاقيةٌ أن ينحرفَ القَدَرُ عن سكَّةِ قطار الضواحي.
إنسانٌ واضحٌ كحيوانٍ مُلْغز.
تنقلبُ الطرقُ أيضاً على ظهورها كانقلاب العربات.
كلُّ جسديْنِ، في خلوةٍ، دائرةٌ واحدة.
الأرواحُ تدورُ حول نفوسها، وليستِ الأرضُ.
لا يتوقف الراقصون إن بدؤوا رقصَهم،
بل تتوقف الحلبةُ تحت أقدامهم عن تأمُّلِ جُرحها.
أُقسِمُ بالظلامِ، أيها النُّورُ الواشي.
خيرٌ بأحمالٍ من مآزقِ الطوائف على ظهره.
الرفوفُ ليست لحملِ الكتبِ، أيتها المكتباتُ،
إنها لتتدلى منها أقدامُ إيماننا في الفراغِ الذي نكونُه.
السياجُ حُرٌّ لا يَعْنيه الملاكُ ساخطاً على جهةٍ منهُ،
ولا الشيطانُ راضياً على الجهةِ الأخرى.
فيمَ تحيَّرتم أوَّلاً بأوَّلَ؟:
هي سارقةُ الدجاجِ الأولى،
وهو سارقُ البَيْضِ الأوَّلُ.
هذه الشجرةُ حُلمُ جارتها الشجرة.
لم تسقطْ عنِ الشجرة،
سقطتِ الشجرةُ أخيراً عن كتفيك.
ما تنقلُه من يدٍ إلى يدٍ ليس لعبةً. إنها الحلقات المفقودةُ من نظامِ الكمال.
كلُّ وضوحٍ مُرْهَقٌ من وضوحه.
شبكاتُ تهريبٍ دينيةٌ. مهرِّبو أديانٍ، ومراكبُ من لاجئي الأديان.
كلابُ الحربِ لا تنبح. إنها مدرَّبةٌ على الإصغاءِ إلى نباحِ الإنسان.
حين أُبْرِمَ عَقْدُ اللهِ مع القلمِ زُجَّ بالحبرِ في المأزِق.
عن موقع القدس العربي