recent
جديدنا

قصائد من «طابق عُلوي»

الصفحة الرئيسية

 


ميران أحمد

 

قصائد مختارة من كتابه «طابق عُلوي»، الصادر عن دار نوس هاوس للنشر والترجمة والأدب، 2025م

 

1

ألفُ مرّةٍ خُذلْتُ

خذلَتْني طرقاتٌ سريعةٌ

وإشاراتُ مرورٍ تسابقُ الزمنَ

خذلَتْني أنهارٌ وغاباتٌ

خذلَني صديقٌ

رحلَ مع الموتِ في نزهةٍ،

ولم يعدْ

ولم يأخذْني معه.

تلكَ السكينةُ

جندي الحدودِ

الطابقُ الثالثُ وسلكُ الكهرباء

كلُّهم خذلوني.

خذلَني كتفُك

خدُّك

وحضورُك المسكون بالرحيل

خذلَني يداك وجمالُك

خذلَني الطابقُ العُلويُّ مرّاتٍ ومرّات.

 

2

كيف أقنعُ ذاكرتي

بأنها ليسَتْ هنا،

وبأن بيني وبينَها مسافاتٌ وحدودٌ

وكثيرٌ من المدن...؟!

كيف أقنعُ مخيّلتي

أن أنفاسَها لم تعُدْ تطرقُ بابَ نومي،

وأنها الآنَ تسكنُ ليالي غريبٍ لا يعرفُني؟!

هي ليسَتْ هنا

هذه الشوارعُ لا تعرفُها

هذه الجدرانُ لا تتذكّرُها

إنها مجرمةٌ لم تُعِدْ لي قلبي.

 

3

يلاحقُني الحنينُ أينما ذهبْتُ

مثلَ طفلٍ يمسكُ بفستان أمِّه

بعضُ هذه الاتّهاماتِ والدلائلِ تشيرُ إليك

بأنني أحببْتُك سرّاً

وفي جيوب قلبي ذكرياتك

وحلمٌ واحدٌ هو أنتِ...

وجودُ بصماتِك في كفّ يدي

القُبلةُ على الخدِّ

الأنفاسُ تقفزُ في خيالي

يقولون أن هذا قليلٌ

وكلُّ هذا القليلُ يقتلُني.

 

4

في كلّ مرّةٍ كانَتْ تسألُني:

-      أما زلْتَ تدخّنُ؟!

وأنا مثلُ كلِّ مرّةٍ

أصمتُ

أتجاهلُ

وأهربُ..

كانَتْ تمسكُني من أكمامي:

-      لا عليك! ستتخلّصُ منها

-      لا..، لا يمكنُني

أنا سريعُ التعلّقِ،

ولا يمكنُني التخلّصُ من أيّ شيءٍ

لا يمكنُني طردُ أحدٍ

مثلُ بقائك بداخلي،

على الرغم من غيابِك عني وتجاهلكِ...

 

5

على الرغم من أنك طردْتِنِي من مفاتنِ قلبِك

كيف حالُ يديك؟

ألا تشتاقانِ لاحتضان عنقي؟

عندَما ألقيْتِ بي خارجَ حياتِك في صحراء الأشقياء

أقفُ بعيداً بعدَ الغيابِ،

ويمرُّ بينَ أصابعي

سيجارةً تلو الأخرى

كأنها أصابعُكِ.

 

 

 

google-playkhamsatmostaqltradent