تُعدّ الثقة بالنفس من
أهمّ السمات الشخصيّة التي تُحدّد حياة الفرد وتوافقه مع ذاته ومع مجتمعه،
بالإضافة إلى أنّها تعني تَقبُّل القُدرات التي منحها الله للفَرد والرضا بها،
والتكيُّف معها، والقدرة على مُواجهة الظّروف اليوميّة بكافّة أنواعها
بفاعليه أكثر؛ فالثقة بالنّفس تُضيف للفرد إحساساً بالاعتزاز، والافتخار
بمهاراته وكفاءاته.
تعريف
الثقة بالنفس : هي نوعٌ من
الأمان الداخلي المُمَنهج والمَدروس يَعتمد على ثقة الفرد باستِعداداته وإمكاناته
ومَهاراته، ومدى تَمكُّنه من تنفيذ أهدافه وثقته الذاتيّة بإمكانية تحقيقها،
وبالتالي تَحقيق التوافق النفسي والاجتماعي،
ومن المُمكن تَعريفها أيضاً بأنّها إدراك
الفرد لقُدراته ومؤهّلاته وثقته في إمكانيّة تَوظيفها في مواجهة المشكلات والعوائق
التي يُصادفها بشكل فعّال وبنَّاء، بالإضافة إلى الاستجابات المُتوازِنة
والتوافقيّة خلال تَعرُّضه للمُثيرات المختلفة، كما أنّ الثقة بالنّفس تُعبّر عن
الرضا والتقبل الذاتي والمجتمعي للفرد وإدراك الآخرين لقُدراته وكفاءاته
تقوية الثقة بالنفس
الثقة بالنفس هي من
السمات الشخصية المُكتسبة من البيئة المُحيطة بالفرد، فهناك الكثير من الطرق
والأساليب والخطوات التي يجب أن يَسير عليها الفرد ليتحلّى بثقَته بنفسه، والحِفاظ
على ديموميّة هذه الثقة في ظِلّ جميع المواقف والظروف، وتطويرها بشكلٍ مستمر،
وفيما يلي بعض الخُطوات المُساعدة في كيفيّة تقوية الثقة بالنفس والمُحافظة عليها:
- محافظة الفرد على سلامة المظهر العام، وارتِداء الثّياب النظيفة والأنيقة، والمُلائمة لكلّ حال وموقف،
والاهتمام بالنّظافة الشخصيّة، والابتعاد عن العادات التي تُولّد نفور الآخرين من
الفرد كالبصق على الأرض أثناء التحدّث مع الآخرين، والتجشؤ بصوتٍ عالٍ وغيرها من
العادات غير اللائقة، بالإضافة إلى استقبال الناس بوجه بشوش وسعيد وصوت هادئ بعيد
عن ترك طابع الهم والاكتئاب، كلّ ذلك يعكس تعبير الفرد لمن حوله عن ذاته، وبالتالي
اكتساب قبولِ الناس والمُجتمع له.
- يَجب
على الفَرد مُقاومة مَخاوفه وفسح
المجال لنفسه لمُمارسة الخبرات الجديدة والمواهب المُختلفة، وتوسيع المَعارف
والمَدارك.
- التمرين الذاتي على
الانخراط في العلاقات الاجتماعية، والمُشاركة بها، وتوسيع دائرة التواصل مع
الآخرين، وحُضور المُناسبات والتجمّعات.
- مُحاولة استدعاء التفاؤل في شتّى الظروف، والثقة بأنّه لا يُوجد حال يَدوم على حاله.
- تعويد النفس والذات على التفكير الإيجابي والاستجابات الإيجابيّة، بالإضافة إلى المُبادرة لبذلِ العطاء
في جميع أشكاله الماديّة والمعنويّة، وعدم التردّد في تَقديم النصح والإرشاد في
المَواقف المُختلفة.
- حبّ الذات بجميع
تفاصيلها وبكلّ ما تملك،
وتقبُّل المَهارات والقُدرات والكفاءات الموجودة لدى الفرد، والسعي الدائم إلى
تَطويرها وتَدريبها وإضافة كلّ ما هو جديد لها.
- تمرين النفس على الردّ على جميعِ الأسئلة الموجّهة ولو بتأجيل
الإجابة، والابتعاد عن التصريح بعدمِ المعرفة، والتدريب المُستمر على
التحدّث مع الآخرين والمُشاركة بالنقاشات والحوارات، وقهر الخوف الداخلي والتوتّر،
والتغلّب عليه بالمُداومة والإصرار على إحرازِ التطوّر في آليّة المُشاركة في كلّ
نِقاش حاصل، والسعي إلى قيادة الحديث وتوجيهه.
- التوجّه
إلى اكتساب المَزيد من المَعارف الجديدة من أهل الخبر، وبالتالي الارتفاع
لمَكانتهم من خلال السير على خُطاهم والاستفادة من تَجاربهم، والابتِعاد عن
الأخطاء التي وقعوا بها.
- الابتعاد عن مقارنة النفس بالآخرين، وعَدَم انتظار الثناء منهم، والظُّهور أمامهم بالقدرات
الحقيقيّة، وعدم إخفاء القصور في بعض القدرات، فالجميع لديه كفاءة عالية في مَجالٍ
مُعيّن، والضّعف في مجالٍ آخر.
-الابتعاد عن إحساس الفرد تجاه نفسه بأنّه شخص غير مرغوب فيه ومنبوذ تجاه أيّ تقصير صادر من الآخرين.
- الابتعاد عن اتّخاذ القرارت بشكل مُتسرّع، وأهميّة
دِراسة الاحتِمالات والخيارات المُتاحة بشكلٍ مَنهجي، وفصل الآثار السلبيّة
والإيجابيّة المُترتّبة على قرارٍ ما، واختيار البديل أو القرار المُناسب.
مقومات الثقة بالنفس
المُقوّمات هي السمات
والغرائز التي تَدفع بالشخص إلى الاعتزاز بذاته وثقته بنفسه؛ حيث تُرسّخ
هذه المُقوّمات الثقة، وبالتالي يَحتفظ الفردُ بالقوّة الداخليّة والنفسية،
ويدعمها قدر الإمكان بالاستقرار الذّاتي، والصحّة النفسية، والبناء الشخصي السوي،
وكانت هذه المقومات كالآتي:
المقومات الجسمية: إنّ تحلّي الفَرد
بالمهارات الجسميّة السليمة والخالية من الأمراض والعاهات والتشوّهات الخلقية
والإصابات المزمنة، بالإضافة إلى المظهر الخارجي الجميل والجاذبية الشخصية؛ كُلّ
هذه المقومات تجعل منه ذا كفاءةٍ جسديّةٍ سَليمة لا تُعيقه عن القيام بمَهامه،
ومُمارسة حياته بشكلٍ سويّ ومُستقر.
المقوّمات العقلية: المقوّمات العقلية هي سلامة النمو العقلي للفرد، بالإضافة إلى
عدم تدنّي مستوى الذكاء، والقدرة على تَوظيف القدرات العقليّة لاكتساب خبرات
جديدة، والابتعاد قدرَ الإمكان عن الخبرات المؤلمة وغير المَرغوب فيها، بالإضافة
إلى القدرة على استِخدام الخَيال الخصب في شتّى المَجالات كالشعر، وابتكار كلّ ما
هو جديد في العلوم المُختلفة، كما أنّ للذاكرة أهميّة كبيرة في استرجاع المَعلومات
وتوظيفها في آليّة استجابات الفرد للمُثيرات المُختلفة.
المقوّمات الوجدانية: تعني هذه المُقوّمات
نموّ الفرد النفسي السليم، وخلوّه من الأمراض النفسيّة، والوساوس، والتوتر،
والقلق، والشك المرضي، والقُدرة على التحكّم في الانفعالات المزاجيّة وضبطها،
والتقييم المُتوازن للذات دون ترفُّع عقيم يدفعه إلى الغرور، ولا تحقير مُهين
يدفعه للخضوع، بالإضافة إلى القدرة على التَحرّر من الآثار المُترتّبة على التنشئة
غير السويّة والخبرات غير المَرغوب فيها في مَراحل الطّفولة النمائية، وتَحلّي
الفرد بالأخلاق الحَسنة الإسلاميّة تجاه نَفسه ومُحيطه.
المقومات الاجتماعية: تُعدّ الأسرة والمجتمع هي اللبنة الأساسيّة في النموّ التوافقي
النفسي للإنسان، فالتقبّل الأسري للفرد منذ ولادته والإحساس بالرضا تجاهه يُكوّن
الصورة الشخصيّة والبناء المُجتمعي والنفسي السليم للفرد، منذ فترة الطفولة وخلال
مَراحلها النمائية المُختلفة، بالإضافة إلى التنشئة السليمة، كل هذا يُنتج فرداً
واثقاً بذاته مُتحمّلاً لمَسؤولياته قادراً على التغيير،
المقومات
الاقتصادية: من المُمكن أن تكون هناك علاقة طرديّة بين المُستوى المادي للفرد
وارتفاع دخله بارتِفاع مُعدّل ثقته بذاته، إلا أنّ المُقوّمات الاقتصاديّة ليست
ذات تأثير مباشر في الثقة بالنفس، وتدنّيها أو ارتفاعها؛ فالكثير من الشخصيّات
الفعّالة خلال التاريخ كانت تمتدُّ من أُسرٍ ذات مستوى مادّي متواضع.
رشيد جمال