-->
U3F1ZWV6ZTEzNzUzMDQwMTQxX0FjdGl2YXRpb24xNTU4MDI5NzIxNDY=
recent
جديدنا

قراءة في ديوان أبجدية_امرأة_في_الحب للكاتبة أحلام الدميني





بقلم أ.عبدالباري طاهر

*شاعرة من أول كلمة حتى آخر حرف. أظن هذه الموهوبة – وبعض الظن ليس بإثم- أنها ولدت شاعرة.*

*قدمت إليَّ ديوانها فأخذته بحذر شديد. فكثير من الشباب والشابات يستعجلون الإعلان عن أنفسهم قبل أن تلدهم الموهبة أو يلدوها.*

*اندهشت – والدهشة بداية المعرفة – لمقدرتها على خلق لغة مغايرة ومختلفة لعملة الشعر السائدة والمتداولة. للمبدعة لغة مبتكرة حقاً وصدقاً. الأبجدية في لغتها المبتكرة امرأة، والحياة امرأة، والحب امرأة. (من مقدمة ديوانها).*


*الشاعرة المسكونة بخلق الأسماء والصفات التي علمها الله أباها آدم (وعلم آدم الأسماء كلها). فالمقدرة على إعطاء المرأة الصفات الأصدق والأعمق هي عتبة مسار طويل للإبداع.*

*تستطيع أحلام أو تمتلك مقدرة أو فلنقل «معجزة » على تحويل الحكمة الجافة إلى شعر. فهي تغرس الشعر في المألوف والعادي وتولد منهما وفيهما شعراً.. شعراً يتجاوز المجاز والصورة المطروقة.*

*«أتمنى أن تعرف الرسائل معنى العشق؛ حتى تعلم ما يعانيه العاشقون من مرارة أن ترسل عكس ما ترى».*

*(في قصيدتها الإهداء) «أتسلق منصة أول حرف باسمك، يعلوها عمود يتدلى بلا أرض».*

*الافتتاحية ( الإهداء) رحلة حب تصطدم بجدار صلب. القصيدة صور عميقة عن تجربة تنتهي بالطواف حول «الاسم»، وزفرة تنهيدتين: صغرى، وكبرى بهما تهيم.*

*تمتلك الشاعرة الواعدة خيالاً واسعاً وخصباً تغذيه أو تعبر عنه بلغة رشيقة وصور زاهية ترسم لوحات شديدة الغموض والإيحاء.*
....

*أما في المقدمة فتماهي بين المرأة والحياة، والمرأة والأبجدية، والمفارقة والمقاربة.. الفكرة ذاتها تومئ لشاعرية ومقدرة إبداعية تجعل العدم وجوداً، والوجود عدماً.*

*«يزين الدمع ثغري برسم مبسم موشوم باسمه، لا يثمر حرف، لم ينبت من جذوره، ولا شهقة تسبق ذكره، خر المستحيل صريعاً إذا هل حسنه"،*
*ذكره وجود بذاته، لكأنه حضور دائم لا يغيب، لا تسبقه شهقة؛ لأنه يملؤ الذاكرة والمشاعر، ويمتزج بالروح.*

*الديوان من أول كلمة وحتى آخر حرف (سِفْر حب)، وحياة جسدين بروح واحدة.. (نحن روحان سكنا بدنا) كإبداع الحلاج.*

*«يرسمني على جدران غرفته في جميع الاتجاهات، وحيثما ولى وجهه كنت قبلته». الشاعرة أحلام تتحول إلى كعبة العاشق.*

*في تجربتها الواعدة حد النضج والوفاء بالوعد تجمع بين نزوع حكمة ميخائيل نعيمة، وشاعرية جبران. ديوانها يكاد يكون قصيدة واحدة تعتمد المفارقة في الأفكار كثيراً.*

*وعلى القصيدة اللقطة أو ما يسميه الأديب الراحل زين السقاف الأقصودة، أو الفكرة المصاغة كمفارقة.*

*«ضجيجك يشغل حيز فراغ كل العالم داخلي، ويمنعني من سماع انفجار قنبلة».*

*المفارقة في الضجيج والمنع يضعف المفارقة. فالهدوء هنا أنسب لتزكية المفارقة. ويمنعني من سماع انفجار القنبلة فيه إرادوية. والأنسب للمفارقة هو الصم.. ويصم أذني.*

...

*تمتزج مفارقة الفكرة بشاعرية.. تعلمت أحلام الأسماء كأبيها آدم، ولكنها تعطي للأسماء معانٍ ودلالات مختلفة ومغايرة عن المعتاد والمتداول والمعروف. فالشهيد كبرياء الحب، والماء ليس هو الماء، والوردة مسلمة لاشية فيها. فالحب واهب الحياة، وبارئ الصورة.*

*الحب عند ابن عربي دين وإيمان، ولكنه، عند الشاعرة كل تفاصيل الحياة.. إنه المعنى العميق للسمع، والإبصار، والعيش، والشرب.*

*أحلام تتحول أو تصبح وتمسي قبلة عاشقها، عكس قيس ابن الملوح الذي يجعل ليلى مصلاه وقبلته.*

*أراني إذا صليت يممت نحوها بوجهي ولو كان المصلىورائيا*

*قيس الشاعر العاشق المجنون يحول معشوقته قبلته، أما أحلام فهي من يجعل عاشقها ييمم وجهه نحوها.*

...

*لدى الشاعرة الكون كله رجل وامرأة، شاعر وقصيدة. الديوان (سِفْر عشق) من يائه إلى ألفه.*

*في القصيدة يجتمع الحوار الداخلي: المونولوج، والديالوج. في النصف الأول من الديوان تتجلى العاطفة وتتسامق، أما في النصف الآخر فتطغى التجربة الحياتية الأميل للعقلانية، وفيها يقوى الرأي شيئاً فشيئاً على حساب دفق العاطفة.*
...

*في قصيدة «تنهيدة رجل» فكرة شاعرية بامتياز تمتزج الحكمة بالشعرية بمستوى رفيع من الإبداع. مدرسة جبران خليل جبران، والشاعر الحكيم ميخائيل نعيمة، وبعض رموز الصوفية الكبار ابن عربي، والحلاج، وابن سبعين، وابن الفارض، وابن علوان، والبرعي، وعبد الهادي السودي، والنفري هم الرموز الخالدة في مزج الحكمة بالحب، بالشعر، بل تحويل الحكمة إلى محبة، والمحبة إلى شعر خالد و متجاوز. فمزج الشعرية بالسرد، بالقص -كما في «منطق الطير»- عند فريد الدين العطار، أو «المثنوي» لجلال الدين الرومي لون رفيع وراقٍ من الآداب الإنسانية التي تمثل أسمى ما في الآداب الإنسانية.*
...


*الشاعرة الواعدة والمبشرة أحلام تتلمس طريق الإبداع، وديوانها أول بشارة بوعد صادق، بإبداع يكون له شأن -أي شأن- في مستقبل ليس بالبعيد!*






*باحث في مركز الدراسات والبحوث اليمني*

*عضو المجلس التنفيذي لاتحاد الأدباء والكتّاب اليمنيين*

*رئيس نقابة الصحفيين اليمنيين سابقاً*

*رئيس الهيئة العامة للكتاب والنشر حالياً- اليمن.*
تعديل المشاركة Reactions:
قراءة في ديوان أبجدية_امرأة_في_الحب للكاتبة أحلام الدميني

Şan

تعليقات
    ليست هناك تعليقات
    إرسال تعليق
      الاسمبريد إلكترونيرسالة