-->
U3F1ZWV6ZTEzNzUzMDQwMTQxX0FjdGl2YXRpb24xNTU4MDI5NzIxNDY=
recent
جديدنا

على هامش المشوار



مدْرس تعلكلي

 
الشاعر والقاص مدْرس تعلكلي



قصدَ الحديقة بعد الظهيرة، إثر إصابته بنوبة ضجرٍ. كلُّ شيءٍ كان معهوداً؛ الأشجار.. الأزهار.. الممرّات.. الكراسي.. النوافير... مشى هنا وهناك، قرأ جريدةً، تأمّل كعادته الوجوه البائسة، بعد ذلك صعد الدرج مودّعاً الحديقة والشمس.

على يسار باب الحديقة لفت انتباهه مشهد فتاةٍ وهي تعانق شابّاً بشوقٍ عارمٍ وتقبّله بعفويّةٍ عذْبة.
لم يكن الشابّ مستغرباً بما يحدث، وكأنَّ الأمر تحصيلٌ حاصل، بل كان يغمره فرحٌ داخليٌّ لا مثيل له، وهو يشاهد الفتاة تنهال عليه بالقُبلات الحارّة، وهي لا تصدّق ما تراه كمَن كان يبحث عن شيءٍ في السماء يجده فجأةً أمامه على الأرض.

كان الشابّ أطول من الفتاة بحيث كان منحنياً قليلاً عليها، وهو يلبس بنطالاً وقميصاً ينمّان عن ذوقٍ جميلٍ مع حقيبة على كتفه، كما كان في منتهى الوقار مع مسحة حزنٍ مريحٍ على وجهه.

في حين كانت الفتاة ترتدي لباساً يدلُّ على أنّها ذات ثقافةٍ رفيعة، وهي في غاية البراءة والتلقائيّة والحنان. كانت تلفُّ يدَيْها حول عنق الشابّ لا تتركه فحسب بل تمطره باللثمات.

ناجى ذاته متسائلاً:
-         ما الذي فعل هذا الشاب لهذه الفتاة لتحتفي به بهذا الشكل الغريب واللذيذ في آن؟!

ربّما كان الشاب صديقاً للفتاة، وقد سافر إلى الخارج والتقيا بعد غيابٍ عند باب الحديقة خاصّةً عفويّة الفتاة لا توحي إلى موعدٍ مسبقٍ بينهما. ولكنهما كان على أقصى اليسار ممّا يرجح عدم مصادفة اللقاء. أو ربّما كان الشاب أستاذها الخصوصي، وهي تكنُّ له ودّاً واحتراماً خاصّين، ولا سيّما كان الشاب يكبرها ببضع سنوات... محتمل أيضاً.

أو يمكن أن يكون الشاب قد أطلعها على بعض آرائه وأفكاره بشأن مسائل عدّة، وقد أثبتت تجارب الواقع لها بأنّ الشاب كان على حقّ بمجمل ما كان يقوله... وارد جداً.

لم يمعن النظر في المشهد كثيراً مخافةً أن ينزعه، عبر إلى الجهة الأُخرى دون أن يلتفت منتشيّاً ممّا رآه، ومن ثَمّ توجّه إلى البيت. نام.. استفاق.. مضى إلى العمل.. ذهب إلى تعزيّةٍ في المساء الأول، إلى حفلة زفافٍ في المساء الثاني، إلى زيارة أحد أصدقائه القُدامى من العيار الثقيل في المساء الثالث... وهلمَّ جرّاً. واللوحة التي رسمها الشاب والفتاة لا تفارق خياله!!

تعديل المشاركة Reactions:
على هامش المشوار

Kaya Salem

تعليقات
    ليست هناك تعليقات
    إرسال تعليق
      الاسمبريد إلكترونيرسالة