ما معنى الوجود يسبِق الماهية؟ وهل الإنسان حرٌّ في أفعاله؟

خليل صويلح / خاص سبا

ألجأ إلى الفايسبوك لمقاومة الضجر، وكأنني ذاهب إلى مقهى. أتفرّج على شِجار هنا، ونِزال بالسيوف هناك، وتوقّعات علماء فلك مزيّفين، وفضائح جنسية، ونصائح طبيّة، وعقاقير في طبّ الأعشاب تشفي من الأمراض المزمنة، وأسلحة فتّاكة، وفيديوهات لحيوانات مفترسة، ومواقع أدبيّة، وكتب مقرصنة، وصور مشاهير، وطهاة فتنة، وغرقى، وركاكة كاتبات مهووسات بالشهرة، ومرضى حنين، وصنابير شتائم مفتوحة تصبُّ في أنابيب الصرف الصحّي، وتهديدات بالحذف من قائمة الأصدقاء.

أقول لنفسي:

كان أمبرتو إيكو محقّاً حين وصف «تويتر» و«الفايسبوك» بأنّهما تمنحان «حقّ الكلام لفيلق من الحمقى ممّن كانوا يتكلمون في البارات فقط، بعد تناول كأس من النبيذ، دون أن يتسبّبوا بأيّ ضرر للمجتمع، وكان يتمّ إسكاتهم فوراً».

بلهاء ومرضى وعشّاق يتقاسمون الخرائط، وغنائم الغزو، والحريم، وأنوثة تائهة بين شهوة التحرّش اللفظي، والحشمة الكاذبة. ستبقى كوّة صغيرة مفتوحة على سجالات جديّة، ومعلومات، وتواصل حميم، ونصوص مشعّة، وسط الغبار الذي تثيره قافلة الدهماء في حروبها الشرسة.