-->
U3F1ZWV6ZTEzNzUzMDQwMTQxX0FjdGl2YXRpb24xNTU4MDI5NzIxNDY=
recent
جديدنا

قوة الإدراك



بانكين عبد الله / خاص سبا


لو أن الإنسان يستطيع أن يعيش الحياة الواعية هذه بوعي الحياة اللاواعية التي عاشها مسبقاً، سيتمكن من تحقيق جميع رغباته والتغلب على جميع المصاعب والسيطرة على "طاقاته الكامنة" للوصول إلى النيرفانا.

لأنه بذلك سيتمكن من ربط الزمكان(الزمان والمكان) بين الماضي والحاضر والمستقبل، لكن شريطة أن يتمكن من إدراك اللحظة التي يعيش فيها في حياته الواعية وأن يتذكر في نفس الوقت؛اللحظة نفسها من الحياة اللاواعية التي عاشها مسبقاً ويستفاد منها في سلوكه أو تصرفه باعتبارها تجربة سابقة.

وحتى يفعل هذا،عليه أن يتمكن من التفكير بأكثر من أمر في نفس اللحظة، وهذه الميزة يتميز بها الله بحسب وصف كل الاديان لقدراته الغيبية وتحكمه المطلق بكل شيء، وهذا يعنيتوحده مع الله وكسر قواعد الواقع المكتسبة للعقل البشري،مثل قانون" نشاطات العقل الباطن"، والذي يقول:(أن العقل البشري لا يستطيع التركيز إلا على معلومة واحدة في الوقت المحدد ثم الأخرى).


  • ماذا نعني بتوحده مع الله؟

  • ماهي الحياة اللاواعية وأين عاشها الإنسان قبل ذلك؟
  • هل فعلاً يمكننا ربط الزمكان وإدراك المستقبل؟
  • لو افترضنا جدلاً تمكننا من كسر القواعد الزمكانية؛ ألا يعني هذا بأننا المسؤولين عن كل ما يحصل لنا، وماذا عن القدر والقدرية إذاً؟


هناك الكثير من المفاهيم وبالأخص الدينية التي ستشل قدرتنا على التفكير وتحد من حركة الخيال الذي يشكل أكثر من 80 بالمئة من الواقع ضمن اطرها الضيقة عند سماعنا لمثل هذه الاسئلة؛ وستكون مصدر الخوف الذي سينتابنا عند التفكير في الإجابة عنها؛ متعوذين شفوياً ونحن ضمنياً في ريب من أمرنا بين مشروعية الأسئلة وأجوبتها التي ربما تنسف كل قيمنا المعرفية ومعتقداتنا المجتمعية المكتسبة من حياتنا الواقعية بالتوالي من الأجيال المتلاحقة عبر الزمن، وما ستخلفه تلك لأجوبة من تناقضات بعدها. 

نحن شعب قدري المنطق غالباً بفضل ما تم غرزه من قناعات وأعراف ومعتقدات... الخ، كمفاهيم وأٌسس مسبقاً ومنذ الصغر في ذواتنا؛ والتي كونت هويتنا النفسية وأصبحت عقائد وثوابت راسخة غير قابلة للدحض؛ بل وأن دحضها يعتبر كفراً؛ لأنه يدخل الريبة في الأنفس،والإيمان يكمن أساساً في الفصل بين الشك واليقن.

وهذا التناقض (بين الشك واليقن) بدوره زاد مخاوفنا من منطقية ومشروعية السؤال وجوابه الذي قد يشكل الضربة القاضية وينسف كل معتقداتنا وعقائدنا أذما صدقت ظنونا وكانت الأجوبة هي ما توقعناها ضمناً رغم تهربنا منها لحظة تواردها على خواطرنا ومحاولتها شدنا نحوها بقوة؛ مقاومينا عدم الإنصهار فيها تجنباً للوقوع في المعصية لحظة التفكر بالأجوبة.

وبالعودة الى ما ورد أعلاه عن عدم قدرة العقل البشري في التفكير بأكثر من أمر في آن واحد وما نعنيه بالقدرة على إدراك اللحظة نفسها التي عاشها مسبقاً في الحياة اللاواعية، وكجواب أيضاً للسؤال الذي سبق طرحه،سنأخذ من "الحلم" مثالاً نوضح من خلاله ما نرمي إليه، وأيضاً كجواب للسؤال المسبق ونشّرح عليه فكرتنا لما يحمله من قواسم مشتركة تجمع بيننا باعتباره واقعاً في حياتنا اليومية اختبرناه جميعاً.

أن أغلبنا مع أن رغبتي بالجزم هنا، شاهد على الأقل حلماً واحدً في حياته خلال نومه، (ولتتأكد من ذلك بإمكانك أن تراجع ذاكرتك الآن وغالباً ستجد فيها حلماً روادك يوماً ما). لذا، لن افوت على نفسي هذه الفرصة لأسالك هل تعرف كيف نكون، أو ماذا يحدث لنا في الحلم، أو ما هو الحلم حتى؟

أننا عندما ننام وندخل الحلم؛ نكون في حالة إدراك لا واعية نشاهد فيها أحداث ووقائع وأزمنة وأمكنة مختلفة. (وهذا ما يفسره بعض العلماء بالسفر عبر الخيال). فتخرج الروح من الجسد وتسافر في الخيال لترى أشياء مختلفة(لتفهم هذه النقطة بشكل أوضح يمكنك الرجوعالى تجربة "الإسقاط النجمي" وتقرأ عنها) ولا يمكننا أن نستيقظ قبل عودت الروح إلى الجسد؛ فإذ لم يعد يكون الموت حينها هو المآل. وعندما نستيقظ من الحلم ونعود إلى الواقع المدرك في الزمكان الذي نحن فيه؛ غالباً ما ننسى تفاصيل هذا الحلم، ولكن نتذكرالخطوط العريضة منه. فنتحدث للآخرين به دون وعي منا وكأنه حديث من أحاديث الساعة أحياناً أو بسبب خوفنا منه أو فضولنا في معرفة تفسير لهذا الحلم الذي راودنا خلال نومنا.

وهنا تكمن المشكلة في إخبارنا عن الحلم دون معرفة كمائنه الماورائية والتي تؤثر على الواقع بطريقة ما؛ لا يسعنا الالمام بشرحها هنا.لذا يمكنك العودة الى (فيديوهات الدكتور "عدنان ابراهيم" وغيره لتفهم ما نقصد والذي نسميه ب"الرؤية لأول عابر").وهذا أيضاً بحسب أحد أهم "قوانين نشاطات العقل الباطن" في "البرمجة اللغوية العصبية" والذي يقول:( إن أي شيء تفكر فيه وتضع معه أحاسيسك وشعورك يخزنه العقل بكفاءة عالية لأنه يأخذها كأولويات له، نسبة إلى الإحساس الذي وصلت إليه). لذا وبعد فترة، وبحسب الظروف، أحياناً للحظات وأحياناً لأيام نبقى نتذكر هذا الحلم ونتأثر فيه دون إدراك. لأن التفكير فيه حرض المخ على أخذه كأولوية. وهذا أيضاً بحسب القوانين نفسها "للعقل الباطن" ومنها أيضاً وهو: (إن أي فكرة تفكر فيها وتضع معها أحاسيسك وشعورك تصبح اعتقاد، وإن كررت الاعتقاد أصبح برمجة عصبيةوتكييف عصبي يخرج تلقائياً في سلوكك دون تفكير). وذلك بناءً على القانون الآخر الذي يقول:( إن أي معلومة تفكر فيها وتضعها في ذهنكسوف تتسع وتنتشر من نفس النوع).  وهذا يحدث لدى العقل الواعي اختلاط في ترتيب الأحداث وتنجذب اليك تلك السلبيات وتجعلها تتجسد في واقعك بفضل التفكير المستمر والمتكرر والتركيز عليها وتوقعها.وأحياناً نتذكر هذا الحلم ونكاد لا نفرق في إذما كان حلماً أصلاً أو هو حدث واقعي بسبب الخاصيات المكتسبة "للعقل البشري" كقوانين ومنها أيضاً يقول: (أن العقل البشري لا يفرق بين الواقع والخيال).

لذا، نصادف في حياتنا الواقعية واليومية الاعتيادية العديد من الأشخاص والأحداث وكأننا نعرفهم أو شاهدناهم مسبقاً. لكن الحقيقة تكمن في ثنائية (نعم / لا) وهي:أننا شاهدناهم في الحلم ولكن لم نشاهدهم في الواقع (شاهدناهم ولم نشاهدهم).  لأن العقل البشري لا يفرق بين الواقع والخيال، الحلم والحقيقة. أي هنا عندما نقول شاهدناهم، فنحن لا نكذب بناءً على الحلم، فقد شاهدنا فعلاً هؤلاء الأشخاص والأحداث. ولكن شاهدناهم عندما سافرنا عبر الخيال كطاقة وتجردنا من ماديتنا الجسدية في الحلم. وعندما عدنا الى الجسد وأدركنا وعينا فيه، اختلف علينا الزمكان؛ ووعينا مع الجسد مختلف عن وعينا في حالتنا كطاقة المجردة من المادة (الجسد) في الحلم.

وهذا يشبه الى حد ما حالة مرض "انفصام الشخصية". وبعدها نحتارفي أمرنا هل شاهدنا هذا الشخص أو الحدث أم لا. ويكون الجواب مفقوداً غالباً وبمثابة صدمة للعقل والذاكرة. ويُحدث هذا تراكم واختلاط في الذاكرة القريبة والبعيدة، فلا نستطيع أن نتذكر إن شاهدناهم في المنام أو في الواقع. ولا نستطيع أن نكذب أنفسنا بأننا شاهدناهم أو لم نشاهدهمقبل الآن. فنحن نشاهدهم للمرة الثانية، لأننا شاهدناهم مسبقاً في الحلم والعقل أرشفالأحداث والوقائع المصورة في العقل الباطن، وفي نفس الوقت نحننشاهدهم للمرة الأولى بالنسبة لعقلنا الواعي. والعقل اللاواعي هو نفسه الذي يوحي للواعي بأنه شاهدهم قبلاً. وهنا العقل الواعي محتار هل يصدق الخيال أم الواقع الذي أمامه؛ بأنه يشاهدهم لأول مرة. (يمكنك أن تقرأ أيضاً عن ظاهرة "ديجافو" لتفهم ما سبق بشكل أوضح).

وهنا يكمن الادراك الحقيقي؛إذا تمكن الانسان من برمجة عقله الباطن الذي يستطيع أن يستوعب أكثر من 2مليار معلومة في الثانية الواحدة ولديه القدرة على الادراك، تفوق قدرة العقل الواعي بأضعاف مضاعفة. أي يقوم بتحليل كل شيء من حوله بسرعة فائقة في الزمان والمكان الذي هو فيه،والتي من خلاله يسترجع منه العقل الواعيالمعلومات عن كل شيء من حوله ويدرك الزمكان. أما العقل الواعي قدراته محدودة، فهو لا يستطيع أن يستوعب أكثر من 7 معلومة متتالية ويفقد غالباً كفاءته في التركيز بعد مرور سبعة دقائق. وهنا؛ الفارق شاسع بين الاثنين الواعي واللاواعي.

لذا، لو أن الانسان يستطيع أن يربط الأحداث والوقائع الآنية والمسبقة ويتمكنبعقله الواعي من إدراك الزمكان بقدرة عقله اللاواعي، عندها سيتوحد مع الله ويتحكم بالمستقبل بل ويغير فيه.  وهذا أيضاً بحسب رواية "أفلاطون" عن الحياة البشرية الذي يقول بأن الجنين يرى مسبقاً حياته كلها في مراحله المبكرة، وكأنه يكتب الأدوار والسيناريو ويعود لتمثلالمسرحية (مسرحية الحياة) أو أنه يحضر العناوين العريضة ويعود لكتابة التفاصيل بعد الولادة. وربما لهذا قال "شكسبير"،"الدنيا مسرح كبير، وكل الرجال والنساء ما هم إلا ممثلون على هذا المسرح". للشرح بقية نكمله في الجزء الأخيرة لهذه المقالة انتظرونا.

تعديل المشاركة Reactions:
قوة الإدراك

Kaya Salem

تعليقات
    ليست هناك تعليقات
    إرسال تعليق
      الاسمبريد إلكترونيرسالة