خديجة بلوش / خاص سبا
لا
شيء يوجعُني في هذه اللحظة
أنتظرُ
هطولَ المطرِ، وأنا خلفَ النافذةِ المغلقة
من
مكاني تبدو الصوَرُ خارجاً مثلَ فيلمٍ من الزمن البعيد
الظّلامُ
الذي يُهيمنُ على مساحات كبيرةٍ والأضواءُ التي تسطَعُ في البعيد مثلَ وهجِ
الشموعِ، والبرقُ الذي يصفعُ المنظرَ في لحظة؛ ليُظهرَ مدى ضعفِ الأشياءِ حينَ
يُسلَّطُ عليها الضوءُ.
تفقدُ
الأشجارُ فجأةً في تلك الوهلةِ هيْبتها وتختفي ملامحُ قسوةٍ تـشْرئبُّ بها في
الظلام.
تلك
الأيادي المخيفةُ التي كانتْ تتعاركُ قبلَ قليلٍ لم تكُ سوى أغصانٍ ضعيفةٍ في مهبّ
الرِّيح
كم
أشبهُ ما يحدثُ في الخارج
تناقضٌ
غريبٌ
مُبهرٌ...
ومخيف.
التفتُّ
خلفي كأننا لأوّل مرّةٍ أرى غرفتي… أجل غرفتي
يتردّدُ
الاسمُ مثلما يردّدُ الصدى صوتَ صرخةٍ مجهولةِ المصدر
لأولِ
مرّةٍ أدركُ مدى قوّةِ التملُّك... أن أقولَ أنَّ هذا شيءٌ يَخُصّني
لي
وحدي... ثم أَرتبكُ للحظة...؛ لتعودَ كلُّ ثقتي بنفسي وقدُراتي لِتتجسّدَ أمامي في
هذه الغرفة
كلُّ
ما فيها لي والبابُ أغلقُه متى شئتُ وأتجرّعُ حُزني وفرحي كيفما شئتُ
حتى
إنّني أتعرّى من كلّ ملامحِ الألمِ وأنا في قمّة الذوبانِ فيه لأنظرَ في المرآة كي
أتباهى بابتسامةٍ تُظهرني بعُمر أصغرَ من عمُري
غرفتي الواسعة.
كلُّ
شيءٍ فيها له حكايةٌ أو إنه أتى انطلاقاً من قصّة ما لنوع ما من الحرمان
السريرُ
تبنَيْتهُ مُذْ أن صرتُ مستقلةً بذاتي مند أشهرٍ لا غير
أولُ
ما اقتنَيْت... سريري واخترتُ شراشِفَه بعناية كأنني أختارُ ثياباً ستغيرُ مجرى
حياتي
لطالما
قيلَ لي إنهّ يجبُ على المرأة المتّزنةِ أنْ تختارَ من الألوان الدّاكنةِ؛ كي لا
تهرقَ حكْمتها
الألوانُ
هي التي تمنعُ أُنوثَتها من الانزلاق في بُؤَرِ الخطيئة
ونكايةً
في كلّ النّصائحِ اخترتُ ألواناً فاقعةً تقطرُ شهوةً
الأحمرُ
الذي يُشبه لونَ الكرزِ الشهيّ وثمّة ألوانٌ أُخرى أتركُها لمزاجي الذي يركنُ أحياناً
للهدوء، فأستبدلُ الصارخَ بالهادئ
لكن
لا وجود لألوان الحِدادِ... والرزانة.