جوانا حجي / خاص سبا
في النِّهايةِ،
أعني الآن في هذهِ اللحظة،
أو حتّى البارحة،
أو قبلَ تسعةِ سنواتٍ،
لا أعلَمُ متَى حلّت النّهايةُ
تمامًا،
ولكن لَم يكُن الأمرُ بِهذا السّوء،
بنينا أحلامًا وخُططًا مستقبليّةً
كبيرةً،
حسنًا وماذا بعد؟
جلَسنا على كلِّ طُرُقاتِ هذهِ
المدينةِ البائسةِ،
مدينةُ الأحلامِ المنسيّةِ والمحطّمةِ،
دِمَشْقْ،
مدينةُ الجّمالِ والحُزنِ،
اِحتسينا ما يُقاربُ الخمسينَ كوبًا
مِنَ القهوةِ،
واِستمعنا إلى جميعِ أُغنياتِ العظيمِ
ملحم بركات، وتانيا صالح وزياد والسّت القديرة، في كلِّ الأزقّةِ الضّيقةِ هذهِ!
ولكن لَم يكُن الأمرُ بهذا السّوءِ
عِندما انتهى،
ماذا إن كُنّا قَد اِفترقنا؟
مَن هُم الّذين لَم يفترقوا في
نِهايةِ المطَافِ؟
وعلى هذهِ الأرضِ تحديدًا،
حسنًا... حسنًا،
ربّما ستقول – أعني لو كُنتَ هُنا – أنّ
هناك مَن نَجَحوا في الأمرِ المعقّدِ هَذا،
ولكن ما هي الإحصائياتُ الّتي تقولُ
أنّ الأكثريةَ هُم مَن ينجحونَ فيهِ؟
نحنُ في مدينةِ الفشلِ والضّجرِ مِن
كلّ شيءٍ بَعد لعنةِ الحربِ الّتي حلّت علينا يا عزيزي،
هَذا يعني أنّ لا مِن شيءٍ جميلٍ
يَكتمِل،
فلِما قد ننجحُ هذهِ المرّة؟
إنّها مُعضِلةٌ بسيطةٌ بِرأيي،
تسكُن في أجملِ بقعةٍ مِن هذهِ الأرضِ
الواسعةِ،
ومِن ثمّ تأتيكَ رصاصةٌ مِن حيثُ لا
تَدري،
بِكلِّ بساطةٍ الأمرُ هكذا،
ستموتُ في أيِّ لحظةٍ،
أعتقدُ أنّها ضريبةُ انتمائِكَ إلى
هذهِ البقعةِ المرعبةِ بِجمالها،
فلا أعلمُ لِما عينايَ تذرِفُ كلُّ
هذهِ الدّموعِ!
لِما أشعُرُ وكأنَّ قلبي يُطحنُ في
آلةِ طحنِ لحومِ الحيواناتِ؟
إِن كانتْ المُعضِلةُ بسيطةً لهذا
الحدّ لِماذا لَم أُفارقْ ضريحَك مُنذُ أَن رحلتْ؟
فقد قمتُ بتقبّلِ الحقيقةِ،
على الأقلِّ هَذا ما أظنّهُ أنا،
أمّا الأطبّاءُ وأُمّي فلديهم رأيٌ
آخر،
فقط لرغبتي في البقاءِ بِجانبِك هُنا،
وِسط كلَّ هذهِ الأجواءِ المرعبةِ يظنّنوني جُننت!
أسئلتُهم الغبيّةُ لا تنتهي،
وهُناك سؤالٌ واحِدٌ يتكرّر يوميًّا!
السّؤال الأكرهُ على قلبي!
«إن كُنتِ قد
تقبّلتي الحقيقةَ فلِما تمضين حياتَكِ هُنا بجانبِ ضريحه»
لا أعلم،
تِهتُ اليوم في هَذا العالمِ المرعبِ،
ماذا أفعل؟
استيقظ وقُل لي أرجوك!
هل أنتظرُ رصاصتي لأُدفن بِجانبِك،
أَم أعود إلى أمّي الّتي تنتظر عودتي
مُنذ أَن جعلتُ مِن جانب قبرِك مسكنًا لي؟