-->
U3F1ZWV6ZTEzNzUzMDQwMTQxX0FjdGl2YXRpb24xNTU4MDI5NzIxNDY=
recent
جديدنا

فيلم «أخوات في السلاح»: ذُعر داعش من موته على يد امرأة



سربند حبيب / خاص سبا



لا تزال السينما حيّز قادر على تقطيب الجروح أو فتحها، وعلى إعادة صياغة المفاهيم وامتصاص الأزمات وتكثيفها، فالأزمة السورية أصبحت خامة فنّية لكلّ مبدعي العالم، من الكتّاب والفنّانين والمخرجين...



فمخرجة الأفلام الوثائقية الفرنسية «كارولين فوريست – Caroline Fourest» استطاعت في أول فيلم سينمائي لها أن تكسر قواعد اللعبة السينمائية، فعادة الرجال هم الذين يسطرون التاريخ ويصنعون أفلام الحرب، لكن «فوريست» استفادت من تجربة المرأة الكردية في مواجهة أخطر تنظيم إرهابي في عصرنا الحالي «داعش»، ليس فقط لإثبات ذاتها كامرأة وإنما دفاعاً عن قضية أبناء جلدتها ووقوفاً إلى جانب الرجل في أشرس معاركها الوجودية.



تقول «فوريست»: «كنت أرغب في الذهاب إلى هناك، وتقديم الدعم لهم، بطريقة أو بأخرى. ولمقاومة الرغبة في حمل السلاح، تصورت أخوات في السلاح. أنا قناصة جيدة في النقاش، لكنني لست متأكدة من أنني مفيدة جداً في الجبهة. ما يمكنني فعله هو الإخبار والإرسال وتسليط الضوء، وهذا الشريط السينمائي هو طريقتي في القتال إلى جانبهم».


 

سربند حبيب - قاصّ كردي


يسلّط فيلم «أخوات في السلاح – Sisters in Arms» الضوء على الهجوم البربري للدولة الإسلامية والإبادة الجماعية، التي تعرّض لها الكرد الإيزيديين في منطقة «شنكال» من السيطرة عليهم وقيامها بأبشع المجازر بحقهم (قتل جماعي، خطف، تشريد... سبي النساء وبيعهم كسبايا، اغتصابات جماعية ممنهجة).



تُشير «فوريست» في بداية الفيلم إلى بعض الرموز الإيزيدية بشكل طفيف، كملك الطاووس التي رسمتها بطلة الفيلم «زارا»، وتحريم البصق على الأرض، لكنها لم تتعمّق في تفاصيل هذه الديانة؛ فغايتها من الفيلم كانت التركيز على حركة المرأة وقدرتها في مواجهة الصعاب كالرجل، وليس إخراج فيلم خاصّ عن بطولات الكرد  وتاريخهم، حتى الأعلام الموجودة لم تكن لأيّ حزب أو جماعة، بل كانت من محض خيالها؛ لكنها تأمّلت توحيد الكرد في فيلمها تحت راية واحدة، وكلك الأمر بالنسبة للزي المقاتلات كانت منوعة لكلا القوتين الكرديتين .



شدّدت «فوريست» بشكل أساسي على الصراع الديني والقومي في منطقة الشرق الأوسط، وكانت رسالتها واضحة؛ تعزيز دور المرأة في الحرّية والمساواة بين الجنسين، وهو دعم من وجهة النظر الأوروبية للمرأة في مواجهة الأصولية الإسلامية والتطرّف.



يتمحور الفيلم بشكل عام حول الكتيبة الأممية (كتيبة الأفعى)، متعدّدة الجنسيات والهويات لفتيات قدِمنَ من مختلف دول العالم (المقاتلة الفرنسية مسلمة من أصل جزائري، والأمريكية يهودية كاهنة، والإيزيدية بقيادة المقاتلة الكردية)، وهذه المجموعة تقاتل في سنجار بدعم من التحالف الدولي لمواجهة تنظم داعش الإرهابي.



ركّزت المخرجة على الأعمال الوحشية التي كانت تقوم بها الدولة الإسلامية (داعش)، وخاصّة بحقّ الإيزيديين، من سوق لفرز النساء بحسب أعمارهنّ وعذريتهنّ وعرضهنّ للبيع وسبيهنّ، وكذلك مشهد الحرق لذاك الشاب مع كتبه وسط المدينة بتهمة المطالعة وقراءة الكتب الثقافية والفكرية، حتى الأموات لم تنفد من شرّها بتدميرها للمقابر الإيزيدية، وتجنيد الأطفال وغسل أدمغتهم وجعلهم قنابل موقوتة ومشاريع للجهاد.



ومن ضمن أهم أحداث الفيلم يقوم أحد المجاهدين بشراء «زارا» الفتاة الإيزيدية التي كانت مفعمة بالطاقة والحيوية، إذ تصبح سبية لديه (المجاهد)، حيث يغتصبها عنوة، ولكنها تستطيع وبأعجوبة الفرار منه والهروب، لتنضمّ أخيراً إلى تلك الكتيبة؛ لتنقذ أخاها الصغير «كيرو»، الذي يختاره الأمير من بين الأطفال ويُعلّق مفتاح الجنة على صدره.



من خلال الحوارات التي تدور بين فتيات الكتيبة، يتطرقنَ إلى الحقد الذي يحمله العرب والأتراك وحتى فئة من الكرد أنفسهم للإيزيديين، إبادتهم ومحو تاريخهم والقضاء عليهم عبر القرون.



تقول زارا وهي واقفة بين ركام المقابر: «ثلاث وسبعون حملة إبادة جماعية شاملة تعرّضنا إليها؛ لأننا لم نقبل بتغير هويتنا الدينية ومبادئنا العقائدية». ومن هنا نستنتج اختيار المخرجة لهذه الأقلية المضطهدة باسم الدين كما يعتبرونهم الجهاديون عبدة الشيطان.



وتطرّق الفيلم أيضاً إلى قواعد الشرف لدى المقاتلين الكرد، فمحظور عليهم تعذيب العدو – الأسرى، عندما يقع أسير بين أيديهم، فإنسانيتهم لا تسمح لهم بذلك، فعندما يُؤسر المجاهد البريطاني من خلال اشتباكات تدور بينهم لا يقتل إنما يستجوب، لكن استفزازاه لزارا، تجعلها تفقد صوابها فتقتله كما قتلها.



ركّزت «فوريست» في استعراضها بعض مشاهد القتالية للحرب، لغاية المقارنة بين الطرفين، فمقاتلات الكتيبة تقاتلن بمتعة كأنهم تشاركن حفلة يهاجمن بالزغاريد لرفع الروح المعنوية، بينما نشاهد مقاتلي داعش مدججين بالخوف والحقد تعلوهم التكبيرات؛ غايتهم الموت من أجل الآخرة، لكنهم يخفقون عندما يصطدمون في مواجهتم النساء، وهي قضية جوهرية لدى داعش (القتل على يد امرأة)، الأمر الذي لا يخوله – بحسب معتقداتهم – الدخول إلى الجنة، فثمة عدة مشاهد في الفيلم، وخاصة المشهد الأخير قبل قتل الأمير من قبل إحدى الفتيات حينما يبتسم تخبره الفتاة: «لا تبتسم لن ترى الجنة».



ينتهي الفيلم بنهاية سعيدة، بتحرير المنطقة من رجس داعش والاحتفالات التي تعمّ المنطقة، وتنوّه «فوريست» بتخلّي قوّات التحالف الدولي عن الكرد في تحقيق حلم الاستقلال، لكن تبقى الإرادة والعزيمة لدى قائدة الكتيبة أكبر من دعمهم حيث تقول: «سنبني كردستان مستقلة بدونهم»، فتطبع قبلة حبّ أخيرة على شفاه صديقها القائد، التي تُرمز إلى التحدّي والصمود وحبّ الكرد للحياة واستمراريتها، رغماً عن أنف المعاناة.



تم تصوير بعض مشاهد الفيلم الذي عُرض في فرنسا في شمال العراق، ولكن معظمه صُوّر في قرية جبلية أمازيغية في المغرب، وبمساعدة بعض الأسر الكردية من مدينة كوباني، التي تعيش هناك، لتعليم الممثلين اللغة وبعض الطقوس الكردية، وأيضاً ساعدتها البيشمركة بتقديم المعدّات الحربية، ليبدو الفيلم واقعياً أكثر.



تعقيباً على النقد الذي تعرّضت له الكاتبة والصحفية والمخرجة الفرنسية «كارولين فوريست – Caroline Fourest» من قبل مجموعة من المقاتلات والمقاتلين الفرانكفونيين في غربي كردستان بأن الفيلم قد شوّه وقائع الحرب التي خاضتها الفصائل الكردية المسلحة لمواجهة تنظيم داعش، أرى عكس ذلك، فرسالة الفيلم كانت واضحة وصريحة، هدفها دور المرأة ومساواتها مع الرجل، ومحاربة الإرهاب والتطرّف الديني، فهي تعكس خلفية المخرجة العلمانية.



وكان هدفها من اختيارها للكرد، في أنهم شعار الإنسانية التي تقاوم القوى الظلامية في العالم، ولترفع عنهم صفة الإرهاب؛ لأنهم حقاً أثبتوا وبكل جدارة شجاعتهم في الحياة رجالاً ونساء.



عن الفيلم:


-         الإخراج والسيناريو: كارولين فوريست.

-         الإنتاج: جاد بن عمار – صموئيل حديثة – ليو مايدنبيرج.

-         الموسيقى التصويرية: ماتيو لامبولي.

-         مدة الفيلم: (72) دقيقة.

-         الممثلون:

ديلان جوين (زارا).

كاميليا جوردانا (كينزا).

أميرة كاسار (كوماندر).

ايثر جارل (يائيل).

مايا سانسا (أم شمس).

نانا بلوندل (القناصة).

باسكال جرجوري (قائد التحالف).

مارك رايدر (البريطاني).

نويش سكاجين (سيدة كوردا).

كوركماز أرسلان (القائد).

يوسف دوزو (التونسي).

-         ميزانية الفيلم: (5.6) مليون يورو.

-         تاريخ الإصدار: (9) أكتوبر 2019م.




تعديل المشاركة Reactions:
فيلم «أخوات في السلاح»: ذُعر داعش من موته على يد امرأة

Kaya Salem

تعليقات
    ليست هناك تعليقات
    إرسال تعليق
      الاسمبريد إلكترونيرسالة