-->
U3F1ZWV6ZTEzNzUzMDQwMTQxX0FjdGl2YXRpb24xNTU4MDI5NzIxNDY=
recent
جديدنا

الوعي والوعي الزائف

 

هيئة التحرير

 

من بين الطرق التي نحاول اللجوء إليها لكي نتحرّر من سيطرة الآخر، والتي دائماً ترسم لنا صورة زائفة لوجودنا، والوعي الذي نحاول المناداة به أمام وعيهم الزائف والمنتشر بكثرة في مجتمعاتنا، كان لا بدّ من وجود أصوات تحارب أصحاب هذا الوعي الزائف، الذي أصبح مسيطراً على العقل الجمعيّ، وبشكل خطير، بانهيار المجتمع بكل جوانبه. ولكي نحدّد مفهوم الوعي الزائف لا بدّ لنا من معرفة الوعي أولاً، وما المقصود به.

 

الوعي: كلمة تعبّر عن حالة العقل إدراكاً، وعلى تواصله المباشر مع المحيط الخارجي عن طريق نوافذ الوعي المتمثّلة بشكل عام بالحواس الخمس، ويعتبر الوعي جوهر الإنسان وخاصيته التي تميّزه عن باقي الكائنات الحيّة، وهي عميلة ترتبط بمجموعة من المشاعر والأحاسيس، وأيضاً بسلوك الإنسان وكيفية تعامله مع الأشياء.

 

ولكي نتعرّف على أساليب وطرق نشر الوعي الزائف المنتشرة بكثرة على وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي وغيرها، لا بدّ من معرفة الأسباب التي تجعل بعض المؤسّسات والأشخاص الذين يستخدمون هذه الوسائل، للوصول إلى أهدافهم، والتي عادة تكون مصالح شخصية أو حزبية ومؤسّساتية.

 

ومن هذا الوسائل يأتي في المرتبة الأولى الإعلام والسوشيال ميديا، أولاً  الوسائل من حيث التأثير على المجتمعات، نرى بأن الإعلام الذي يبتعد عن مهمته الأساسية وهي الرقيب والبحث عن الحقيقة وتقديم الصورة الحقيقية وتوعية المجتمع، التي تكون أهم أهدافه، فنرى بعض الوسائل الإعلامية والمواقع الحزبية أو التابعة لبعض الدول والأطراف الإقليمية والأشخاص المحليين تقوم بخدمة المصالح الخاصة والابتعاد عن المصداقية والحقيقة، وتفصّل الخبر أو الموضوع على مقاس مالِك الموقع أو القناة أو الجريدة.

 

وهكذا تصل الفكرة غير كاملة ومشوّهة، ويصدقها معظم الناس وتكون لهم ردّة انفعالية بعيدة عن التفكير والوعي، ولتكون الفكرة المراد نشرها والترويج لها قد وصلت إلى النقطة المراد تحقيقها، فيصبح الوعي الزائف هو المسيطر على المجتمع والعامة.

 

والوسيلة الأخرى المنابر الدينية وبرامجها، التي تكون عادة لخدمة جماعة معينة تؤمن فقط بأفكارها، وتكفر كل رأي خارج عن دائرتها الضيّقة، وكل مَن لا يؤمن بفكر هذه الجماعة يكون كافراً. والجماعة تأخذ كل آية أو حديث يخدم أفكارها ومصالحها، وبهذه الحالة يتحوّل الدين إلى مجرّد وسيلة لمصالح الجماعة والشخص.

 

وأما في مجال التربية التي أصبحت فيها المناهج مجرّدة من كل شروط التربية والتعليم والمعرفة، وأصبحت وسيلة للسيطرة على عقول الجيل الصاعد عن طريق نشر أفكارهم. ولا ننسى الهيئة التدريسية التي تكون مختارة على أساس الطاعة، وأن كل فكرة تخدم الجماعة تكون صالحة وحقيقة، وكل شخص جاهل وأمّيّ يتبنّى أفكار الجماعة أو الحزب يكون أستاذاً من الدرجة الأولى، وكل شخص يكون ضدّ أفكارها مهما كان تأهيله العلمي وثقافته عالية فهو شخص جاهل متخلّف، لا يصلح لتعليم جيل المستقبل، حسب رأي الجماعة.

 

ولا ننسى أيضا الفئة التي تحاول العمل على مصالحها الخاصة الوقتية والطبقية وهذه الفئة ينتمي إليها أصحاب الشعارات والمسؤولين وطبقات رجال الأعمال المستفيدين من تضليل العامة وينادون بالشعارات الوطنية الفضفاضة وهم أكثر الفئات المستفيدة من الفساد ونشر الوعي الزائف، والهدف الأساسي هو المصلحة الشخصية التي تكون فوق الجميع.

 

لا بدّ أن تكون عملية الوعي لدى الفرد ألا تنحصر على جانب ولون واحد من الحياة، وهذا النوع من الوعي نجده بكثرة لدى الأحزاب والتيارات الدينية التي تحاول دائماً المناداة بأنها على حق، ولا يتقبّلون الرأي الآخر.

 

وفيما يخص الوعي الشامل الذي يجعل الشخص يدرك المصلحة العامة فإن الإنسان فوق كل اعتبار، ومصلحة وأصحاب هذا الوعي ينظرون إلى الإنسان نظرة إنسانية، والى الأشياء بموضوعية، ويدركون ما يدور حوله من تحوّلات في المجتمع، ويواكبون التطور الذي يحدث في الواقع، وأصحاب هذا الوعي ضد أي تعصّب أيّ قومي ديني حزبي، ولا يرتبطون بأي أهداف ومصالح مادية، فيكون أصحابه مستهدفين من قبل أصحاب المصالح الخاصة والمؤسّساتية التي تحاول نشر أفكارها التي تخدم مصالحهم. وهم عادة يكونون مبعدين عن وسائل الإعلام ومهمشين من قبل دولهم، وهذه الفئة تحاول دائماً نشر الوعي ومحاربة التضليل والمصالح الخاصة للدول والشخصيات، وعادة هذا الوعي يكون ضد الوعي الزائف المنتشر بشكل كبير في مجتمعاتنا.

 

وهكذا يمضي المجتمع نحو الهاوية، ويصبح خاضعاً لفكر شخص أو جماعة معينة، ويكون كل رأي مخالف لرأي الجماعة خاطئاً، ويصبح الوعي الزائف هو المسيطر على العقل الجمعي للمجتمع، وأصحاب الوعي والفكر يصبحون منبوذين ومبعدين من المجتمع؛ لأنهم ينادون بالحقيقة، ويشكلون خطراً على مصالح الجماعة، فكيف نستطيع محاربة هذا الوعي الزائف في مجتمعاتنا؟ ومتى نستطيع أن نكون أصحاب رأي وشخصية مستقلة في الفكر والمعرفة؟

تعديل المشاركة Reactions:
الوعي والوعي الزائف

Kaya Salem

تعليقات
    ليست هناك تعليقات
    إرسال تعليق
      الاسمبريد إلكترونيرسالة