ملاك لمع
أمامَ المجازِ فتاةٌ
تنقّي الوعودَ من الوهمِ.
كانا معاً يوم قالَ:
على صدركِ التينُ يطلعُ مُرّاً ولا يستوِي
فاحملي الحزنَ عنّي...
أنا سيّدُ الأرضِ
والناسُ نوعانِ: وردٌ وطينٌ
وأنت بنفسجةُ القلبِ...
بعدَ غدٍ سوفَ آتيكِ بالتينِ
فانتظريني بلا كللٍ...
وإذا حطَّ بيني وبينكِ عندَ النوى أرقٌ
صالحيهِ معَ الليلِ قد يأنسُ النومَ
ما أصعبَ الحبَّ لولا التأنّي...
تمرُّ السنينُ...
يحينُ الحصادُ...
ولكنّهُ التينُ يأبى بأن يستوي!
قلتُ ما خذلَ الحبَّ غيرُ التمنّي.
أنا جاهزٌ للفراقِ
ورائي خريفٌ منَ الذكرياتِ
يدا عاشقينِ يسيرانِ في ولهٍ
«عانقيني...
أحسُّ الوجودَ غريباً بلا جسد امرأةٍ تنزعُ الشوكَ منّي
فإن جُرحتْ تتركُ الوردَ لي
ثمَّ تمضي بلا عتبٍ نحوَ خيبةِ ظنِّ...».
أُعيدُ الحنينَ إلى البيتِ فجراً
يدي تنزفُ البردَ
لا شكلَ للبردِ...
إنّ كلينا بعيدٌ
فكيفَ تصيرُ البيوتُ طلولاً
ويستوطنُ الحبُّ في غيرِ حضنِ؟
يعلِّمني النضجُ كيفَ تنفَّسَ قلبيَ رغم الثقوب ولم أعِ
لا صوت للقلبِ وهْو يضيءُ الندوبَ على جسدي نجمةً نجمةً ثمَّ يبكي...
لذاكَ اتخذتُ البياتَ رسولاً وأومأت بالريحِ:
يا... جرّحيني على مهَلٍ ربّما يصبحُ الثقبُ ناياً
فيوحي ليَ الشعرُ: غنِّ...
أُجالسُ موتاً كئيباً وأسأله:
هل تريدُ إذن عملاً آخراً كالزراعةِ؟
قال: بلى
ذاتَ يومٍ دعاني صبيٌّ إلى دفنهِ قائلاً:
إنَّ عيبي البرودةُ
لو أستطيعُ البقاء لعشرِ دقائقَ قرب الجنازةِ حيثُ البكاءُ هنا ساخنٌ سوفَ أفهمُ حزني!
- وما الحزنُ؟
- أسطورةُ الماءِ
شوقٌ تكثّف في قلبِ أنثى فأصبحَ نهراً
ودمعٌ تكثّفَ في جفنِ أنثى فقلتُ:
ولا يصبحُ البحرُ بحراً إذا هاجرَ الملحُ.
رفيقانِ...
شعريَ والجرحُ...