فريق تحرير سبا
يعتبر
الفن قديماً أداة لتوثيق الأحداث الكبرى من الحروب وصراع الإنسان مع قوة الطبيعة والحيوانات المفترسة برسمه نقوش على جدار الكهوف فهي بمثابة كاميرا فوتوغرافيا، تطور الإنسان عبر التاريخ وظهرت حضارات كثيرة، لكن بقي شبح العنف بصورته الوحشية كامن في نفس الإنسان حيث لم تضع الحرب أوزارها ولم تخمد نيرانها إلى هذه اللحظة.
حتى
بداية القرن التاسع عشر كان الفن التشكيلي يمجد البطولات والمعارك حيث يصور الفنان الحرب من زاوية القصص البطولية وإظهار القائد بالمظهر الجليل بل حتى الرحيم والمبارك، وكذلك يوثق المعركة بتمجيد القائد ورفع معنويات الجيش، فنابليون بونابرت كان يصطحب معه في جميع معاركه فنانين ليرسموا بطولاته ويصور مشاهد القوة للقائد وهو يخوض المعركة ففي هذه اللوحة يبين لنا أنطوان جان غروس 1808 نابليون وهو في ساحة معركة إيلو منتفضاً بحصانه بالقوة والجبروت.
بدأ الوجود الإنساني في التراجع داخل اللوحات، وظهر ما يطلق عليه الفن المفاهيمي والفن الحركي، وهو الفن القائم في الأساس على الفكرة التفاعل بين الفنان وعمله الفني، بعيداً عن المفهوم القديم للفن الذي يتمحور حول نقل الواقع والقدرات التصويرية والنحتية الاحترافية، لذلك أصبح الفن وسيلة الفنان للاحتجاج على كل هذا الخراب الذي يحيطه، ووسيلته أيضاً لتجاوز تلك الفظائع والمرور منها، حيث ظهرت الحركة الدادائية كَرد فعل من الفنانين على الحروب والدمار وكذلك وسيلة ذاتية للسخرية من الحرب وتغيير عالم نحو الأفضل، ناهض الفن التشكيلي بشاعة الحرب ومرارتها بقلق الفنان وانشغاله المرهف أمام الرعب والموت.
فلوحة
غرنيكا Guernica للفنان الاسباني بابلو بيكاسو استوحاها من قصف غرنيكا، في إقليم الباسك حين قامت طائرة حربية ألمانية وإيطالية مساندة لقوات القوميين الإسبان بقصف المدينة في 26 أبريل 1937 بغرض الترويع خلال الحرب الأهلية الإسبانية وتعتبر هذه اللوحة رمزاً مضاداً للحرب وتجسيداً للسلام.
انتقد الفن فظاعة الحرب بوصفها آلة للدمار والخراب، فكانت لوحة “ثالث من مايو 1808” من أشهر لوحات الرسام الإسباني فرنسيسكو دي جويا والتي تصور إعدام الثوار رميا بالرصاص، عمليات الإعدام التي تعرض لها الشعب في اليوم التالي للانتفاضة، حيث صور مجموعة من الجنود منحنيي الرأس يوجهون بنادقهم نحو مجموعة من المواطنين العزل، وحرص جوياً في اللوحة على جعل المنطقة التي يظهر فيها المواطن هي المنطقة المضيئة باللوحة ليسلط الضوء على انفعالات وجهه التي تلخصت في الرعب والاستسلام للموت
لوحة
الرسام الألماني ماكس بيكمان “ The Night” الذي
صور فاجعة الإنسان وبالرغم من أنه لا يصور بشكل مباشر معركة أو مشهد حرب معين ،
إلا أن الصورة تعتبر واحدة من أكثر القطع تأثيراً وتأثراً في فن ما بعد الحرب.
وحديثا
جسد الكثير من الفنانين السوريين مأساة بلادهم في لوحات فنية ومن أهمهم الرسام يوسف عبدلكي الذي ترجم معاناة أبناء شعبه السوري؛ باستخدام أقلام الفحم والورق حيث رسم لوحات رمزية صامتة تتراوح بين أقصى الضوء وأقصى الفحم، مصوّر من خلالها مأساة سوريا بين أقصى الظلم وأقصى اللُجم.
وهنالك الكثير من الرسامين جسدوا بشاعة الحرب وقاوموا الخراب والدمار بمختلف أشكاله وظلت أعمالهم خير شاهد على العديد من المآسي الإنسانية، وهي تعتبر وثائق بصرية خالدة ومرجعيات تاريخية، استطاع الفنانون بفنهم انتزاع الحقد والكراهية من نفوس المجتمع وغرس قيم النبل والحس الجمالي وبناء الإنسان السوي قادر على تذوق الجمال والحفاظ عليه.
لوحة للفنان الفرنسي إدوارد مانيه لوحة «إعدام ماكسيميليان»، 1868 |
لوحة مذبحة في كوريا – بابلو بيكاسو (1951) |