حاورته: فاتن حمودي
غالباً ما تشكل ذاكرة المكان عند كثير من الأدباء والأعلام محطات جديدة تضاف إلى دهشة الطفولة وبيت الوعي الأول، هكذا تحضر جلفار عند الروائي علي أبو الريش مضافاً إليها الصحراء – البحر وجلفار، فيشكل المكان البطل الأول عنده كأنه يستدرج ماء الذاكرة إلى أحضان الحبّ والعشق، حتى تتحول (رأس الخيمة) إلى كوكب بكامله، و(المعيريض) إلى أرض الغواية والغرام.
يستدرج الذاكرة، ناظراً إلى الزمن على أنه كائن حي يتعامل معه كما يتعامل مع أيّ كائن يؤثر فينا ونؤثر فيه، ودائماً يمضي بذاكرته إلى القرية كأن المدن بلا ذاكرة ولا خيال، فيأتي الماضي عبر شخصيات كأنها قادمة من عالم فانتازي يقترب من عالم (ماركيز)، ونسأل ما الذي يحمله هذا الكاتب من عالم البحار وروائحها، ومن الأمكنة الأولى، وما الذي تمثله له الرحلة والسفر في المخيلة، فالعلاقة مع البحر كما العلاقة مع المرأة في حالة مجاسدة وروح معاً (أيتها الأرض كم أنت طيبة، وكلهم أنذال!)، حتى ليبدو على أبو الريش كأنه الحوذي الذي يجرجر أمكنته الأولى إلى منصاته، وكأنه القطار الذي يدور ويدور وما زال يدوزن روحه ويرتب بيتها الأول من أجل تأقلم صعب مع المدن، لهذا فهو يرى نفسه منفصلاً عن هذا الواقع نتيجة التغيرات يقول: «لا بد أن أربط هذه السلسلة التاريخية بما مضى، حتى أستطيع أن ألحق بهذا القطار السريع»، وحول ذاكرة المكان والمرجعيات الثقافية والرواية، كان لجريدة «سبا» هذا الحوار المفتوح على التجربة والحياة.
· ما الذي يعنيه لك المكان من خلال علاقتك مع الذاكرة التي تحملها إلى النص؟
هناك فرق بين أن تسكن المكان أو يسكنك المكان، وأن تسكن المكان فهو جائز في أيّ تضاريس جغرافية من هذا الكون، ولكن لا يسكنك إلا مكان واحد كما أنه لا تسكنك إلا امرأة واحدة، فالمكان حبل سري مرتبط بالذاكرة واللاشعور لدى الفرد رغم أنّ كثيراً من الناس يعتقدون أن المكان مجرد شارع وجدار ورمل، إنما الأمر عكس ذلك بكثير، فالمكان يعني الصرخة الأولى عند خروج الإنسان من رحم الكون، وتدفق ذلك الضياء القادم عن بعد متجهاً نحو حيز صغير أشبه بالومضة وهو الأنا، أتصور أن المكان الحقيقي بالنسبة للإنسان هو المكان الداخلي، هو الصوت الداخلي، هو البرلمان الداخلي، هو الخلايا التي تعيش في الدم.
· إذاً كيف تقرأ المكان الأول بعين طفل مشدود باتجاه الفن والإبداع؟ وهل استطعت أن تغادر أمكنة طفولتك أو تغادرك؟
بالنسبة لي وخلال هذه العقود من الزمن، حيث طرأت تطورات وتغيرات في الزمان والمكان الخارجيين، ولكن تبقى (جلفار) المكان المعشعش القابض على جمرة القلب، فهناك كما أتصور علاقة ثلاثية لا يمكن أن يفك ارتباطها (المرأة – الأرض – البحر)، هذا الثلاثي استطاع في وعي من الزمن أن يصبغ كائناً ما يعيش على هذه الأرض ويرضع من حنين بحرها ويتمازج مع ملح امرأة بقيت في الوجدان وكأنها الدماء التي تسير في الشريان.
· أي امرأة هذه التي استطاعت أن تثبت للآخر، لك أنها الكون بأسره؟
في اعتقادي أن المرأة لا تعني فقط المرأة التي تتعاطى معها الرجل بشكل طبيعي، فأنا هنا أتحدث عن الأنثى وكلّ شيءِ له علاقة بتاء التأنيث (جدير بالخلق والإبداع وصياغة وجه العالم، وجدير أن يكون هو المحور وهو المرتكز).
بدأت طفولة ذات علاقة اجتماعية ممتدة أفقياً هذه العلاقة شكلت في نفسي بنياناً رصيناً وحميماً باتجاه الأنثى، فالأم التي تربي هذا الكائن بين يديها كانت بمستوى الأرض الخصبة، والبحر المعطاء لذلك أتصور أن مثل هذه العلاقة في ذلك الزمن قد لا تتكرر في أزمانِ قادمة، فقد عشت طفولة متعبة ومؤلمة لكنها لذيذة، فالحرمان كان في كل شيء إلا من الحنان، لذلك تبقى الأطر المادية ومراياها وزواياها قابلة للرفض في أية لحظة عدا الحب، الحبّ كائنٌ يعيشُ داخلي كما تعيش الرواية في دمي، (معيريض) هذه القرية أشبهها بكوكب ذخر بالحشر والنشر في يوم ما، إلا أنها فقدت هذا الضجيج في غفلة عن الزمن والآخر، لكنّ عين المحب تبقى في حالة يقظة ومتابعة لتفاصيل النبضات من خلال الجدران المنهكة والأشجار المتباعدة، والبحر الذي يصرخ لينقذ أسماكه من الاختناق.
· الشباب الأول افتراق وتأكيد وجود، عين قلقة تحاول خلخلة الأشياء، هل لك أن تحدثنا عن انطلاقتك إلى عالم الدراسة، وتلقي الثقافة؟ وما هي مرجعياتك الثقافية التي تفتخر بها؟
المكان هو الكتاب الأول، لم يستفزني شيء أكثر مما يستفزني ضجيج الصمت في (معيريض) ولم يقلقني شيء مثلما تقلقني امرأة عجوز لا تزال تسير على الرمل حافية القدمين، لذلك أعتقد أن (معيريض) هي ملحمة روائية في حد ذاتها، وأزقتها شخوص تتحدث عن الذي كان، وجدرانها ثيمة هذه الرواية، فمنذ أن تفتحت القريحة شعرت أن هناك علاقة ما بين الرواية ومعيريض لذلك فأنا أصر وأتحدى كل المنظرين والمفكرين والمؤدلجين، لأقول إن الرواية بنت القرية، وما المدينة سوى ذلك المسخ الذي شوّه بداخلنا ملامح هذا الكون وأشياء أخرى، إذاً المرجعية الأولى لي هي المكان، بعد ذلك تأتي القراءات فلم يكن هناك وسائل أخرى لمعرفة هذا العالم سوى القراءة، قرأت لنجيب محفوظ وحنّا مينة، وقرأت كتباً في مجال الفلسفة خاصةً الوجودية، ومسرح العبث، قرأت (صموئيل بيكيت في انتظار غودو) إضافةً إلى جانب دراستي في القاهرة، وتخصصي في جامعة عين شمس (علم النفس)، فقد عشت في فترة السبعينات، حيث كانت القاهرة وعاءً يضم كلَّ ألوان الطيف من ثقافة وفكر وسياسة ففي أي كشك يوجد كتب، لهذا فقد قرأت كتب نوال السعداوي وأنا معها قلباً وقالباً.
نتشكل من الهواء والماء ورمل المكان، من القراءات، والتي تُشكّلني، أنا الذي لم أهمل لحظة قراءة الصمت والضجيج وموج البحر، وصوت الرمل والغناء، وهمهمات البحارة، ولم أهمل القص الشفاهي، لأنني أعتبره مرتبطاً ارتباطاً قوياً بالعمل الروائي وببعد تكويني الشخصي، بما يحمله من دلالات وخيالات، ومن سماته الأساسية الطبيعية التي تخلق الأسطورة والخرافة، فنصل من خلال الخرافة إلى حقائق كثيرة عن هذا الكون.
· الأدب (الرواية – الشعر – المسرح)، حدثنا عن بداية علاقتك مع الكتابة.
أنا لست بشاعر، وربما يعود الشعر إلى ثقافة الإنسان هنا، أما بالنسبة للرواية فلم أمضِ إليها نتيجة تشجيع، لأن المحبطات كثيرة منذ الطفولة إلى يوم يبعثون، لا يوجد شيء في هذا الكون يستطيع أن يجفف منابع الإبداع، فالإنسان يستطيع أن يكتب حتى ولو كان نائماً على جنبه، إنني أتصور عقل الإنسان أشبه باستوديو تصوير كامل فيه السيناريست والمخرج والمنتج والممثل فكيف يخرج الحلم؟ يخرج نتيجة وجود فكرة غير قابلة للتطبيق على حيز الواقع.
· تجارب السفر تدخل في الخبرات والتزود للفن ماذا عن أسفارك؟ وما الذي يعنيه لك السفر تحديداً؟
السفر الحقيقي هو السفر الداخلي والتضاريس الجغرافية الموجودة على الأرض موجودة داخل الإنسان، أعتقد أن الإنسان يولد وخارطة الكون موجودة داخله، نسافر في الخيال، في القراءة، في الفن في السينما.
تجربتي مع السفر، فقد سافرت إلى دول عربية فقط، ولم أسافر إلى أوروبا أو الغرب، عشت في مصر خمس سنوات، وبنيت علاقات إنسانية جميلة وحميمة مع ناس القاع، لذلك حملت من مصر الإنسان البسيط الذي لا يتجاوز تفكيره حدود قوته اليومي.
· إلى أي حدُّ يشكلُ هؤلاء المهمشين اجتماعياً عصباً في الرواية؟ وماذا تعني لك الرواية؟
الرواية هي السؤال الدائم وملح الحياة، وهؤلاء هم الذين يحملون الأسئلة، ولا يملكون الإجابة، لأن العمل الإبداعي أمل لا يقبل الجاهزية ولا الاستهلاكية، فالسؤال الكبير بحجم هذه الخارطة هو هؤلاء الذين يفترشون الطريق، لهذا فأنا أتعايش مع هؤلاء، أستمع إلى أسئلتهم وأبحث عنهم، فتراني أتسرب إليهم في جلساتهم البسيطة، هكذا كنت في مصر أنزل صباحاً عند البواب فأراه يتدفأ على الحطب، يشرب الشاي، ويأكل الكُشري، ولا يفكر لا بتفنيش ولا بأي شيء، لأنه حسم قضيته وهكذا الشغالة، والبائع المتجوّل. هؤلاء من أروع ما يكون، المهمشون هم ملح الرواية عندي.
· الشخصيات الروائية المهمشة عندك تذكر بأبطال روايات زوسكيند (العطر) و(الحمامة)، وبالتالي تعطي بعداً تغريبياً في جنوحها الاجتماعي – عزلتها وانطلاقتها نحو الحرية، ما الذي جعلك تستحضر تلك الشخصيات (حمزة المشعوذ – عبد الرحمن السبلمة و(الشاذ))؟ وما الذي يعنيه لك صوت الجنون؟
في نظري أن المجنون هو العاقل الوحيد في هذا العالم، والذي رفض القوالب والأطر، وهذا يندرج طبعاً في العبقرية، أن ينتصر الإنسان على نفسه أولاً وعلى الآخر ثانياً، وأن يحقق استقلاليته ومشروعيته في الوجود، وإذا كنا نعتقد أن العالم يجب أن يكون ضمن أطر واحدة مستنسخة، فلماذا كلّ هذه المليارات من البشر لنكتفِ بشخص واحد وانتهينا، لهذا اخترت في روايتي (مجبل بن شهوان) هذه الشخوص التي تعود إلى المكان والبيئة والتي يعتبرها الآخرون نافذة شاذة، لأنني على يقين من أنها شخصيات تستحق الوقوف أمامها بانحناء وتقدير، لأنها شخصيات لا تشبه غيرها، وهنا ندخل في مرحلة التميز والتفرد في صنع الشخصية من خلال السلوك المدهش والذي تطرح حوله الأسئلة.
· عند غابرييل غارسيا ماركيز شخصيات محكومة بالعزلة الجغرافية، عزلة نفسية، هل ثمة خيوط لقاء بين كاتبين في مكانين مختلفين؟
اللقاء ليس بين كاتبين، وإنما اللقاء بين قناعتين ,فأحيانا قد تتقارب القناعات بين أشخاص رغم ابتعاد الأمكنة، أو حتى عدم معرفة هؤلاء الأشخاص لبعضهم البعض، إلا أن الفكرة في الأساس كونية أي موجودة ككائن حي، لهذا كانت هناك (ماكندو) وكانت هنا (جلفار) حيث الأبطال هم أقرب إلى اللامنتمي الذي يعزز حالة الاغتراب.
· علي أبو الريش المسكون بالمكان الأول (المعيريض) هل يشعر بالغربة والاغتراب تجاه الأمكنة الجديدة؟ وما الذي يكسر حّدة الخوف داخله؟
الإنسان المسكون بمكان ما يعيش دائماً حالة خوف من الواقع وحالة ترقّب وترصّد للتفاصيل التي قد تلحق بهذا الواقع، مثلاً في المدينة يشعر الإنسان بأنه مسافر إلى بلد بعيد لهذا فهو بحاجة إلى اكتشاف التضاريس والتفاصيل والعلاقات الإنسانية أي أنه يحتاج إلى زمن ليصل إلى وعي ما حوله، أما القرية فهي الكائن الأبدي المشكل لكينونة وصيرورة الإنسان.
ولكن حين يعمُّ العالم الخراب والاغتراب فأعتقد أن السبب الأول هو فقدان الحب... الحب يبدد الخوف ويبدد الخراب... والكراهية تأخذ الكون إلى جحيم الخراب.
أعتقد أن الإنسان بمختلف طوائفه وملله ونحله لو تخلى عن جل النظريات والمعتقدات وتمسك بشيء واحد وهو الحب لاستراحت البشرية من الدمار الذي أصبح سمة هذا العصر الخرب، وأعتقد أن المشكلة في الإنسان الذي لا يستطيع التصالح مع نفسه أولاً، ثم يأتي الآخر، نحن الآن في هذه المرحلة بالذات نتحدث قليلاً عن الظلم والقهر والديكتاتورية في صناعة القرار السياسي، ونتناسى أنه بداخل كلّ فرد منا ديكتاتورياً صغيراً فجّاً لا يقبل الرأي الآخر وبالتالي فإن فاقد الشيء لا يعطيه، نتحدث عن سياسات دول، ولكن سياسات الدول هذه يسيرها أفراد كانوا في يوم ما أطفالاً صغاراً رضعوا الحلم الفردي ونشؤوا وترعرعوا عليه، حتى أصبحوا يستبدلون الحليب بالصواريخ عابرة القارات لإرهاب الآخر، كل ذلك يعود إلى شغف عنيف بتحقيق الذات والتفوق على الآخر وهذا في الحقيقة ما يجعلني أكثر إيماناً بأهمية الرّواية في هذا العالم.
· لماذا الرواية، هي المنصة أو أداة التعبير الأكثر أماناً لك؟
لأنها المساحة الديمقراطية الوحيدة التي يستطيع الكاتب أن يتحاور فيها مع شخوصه هذه الكائنات الحية التي تسير على قلم وسطر لا يرهبها كبير ولا يوقفها زئير وهي في الحقيقة مساحة الحرية (الرواية)، هذا البرلمان الشعبي لشخوص مثل حمزة وعبد الرحمن وأحمد بندر، وغيرهم من سكان الأرصفة وهي (الرواية) رأي لمن لا رأي له في الواقع، هي صوت هؤلاء كي يقولوا كلّ شيء بحرية قصوى.
· (جيكور) السياب, و(جلفار) علي أبو الريش، ما الذي تود قوله عن (المعيريض)؟
أعتقد أنه لا يوجد كاتب إلا ويكون له رمز مكاني يستند إليه، طالما عزّت الأمكنة فتعلق الكاتب بمكان ما يعني رفضه المطلق لأمكنة كثيرة يعتقد أنها شائهة ومزورة جاءت إلى هذا الكون بفعل فاعل و(جلفار), ما هي إلا ذلك المطلق المتناهي في الوجود استطاعت أن تكتب روايتها بنفسها قبل سومر بخمسين سنة.
· ما الذي يعنيه لك الزمن؟ ولماذا وقفت عند الماضي أكثر؟ هل شكّل لك الحلم النقاء؟ هل يدلنا الماضي على الحاضر؟
الزمن كائن حي أساساً لهذا نتعامل معه كما نتعامل مع أي كائن حي يؤثر فينا ونؤثر فيه، عندما أتحدث عن الماضي لا أتنكر للحاضر، لأن المقارنة بين بعدي الزمن تكون من خلال تسليط الضوء على الماضي، فالكثير ممن ولدوا الآن، لا يعرفون شكل العلاقة وشكل الإنسان فيما مضى، وبالتالي يكون الدخول في خلايا الماضي مسألة هامة جداً لمعرفة الحاضر.
· ما الذي فعلته بك متغيرات الزمان من خلال انعكاسها على المكان والإنسان معاً؟
أشعر وكأنني واحد جيء به من أدغال الكهوف وقّذف به في عالم مختلف تماماً، فلذلك دائماً ما تسبق الدهشة العبارة وتتقدم الصدمة، المفردة حتى كبرت الأسئلة وصارت بحجم جمرة ملتهبة.
· لو انتقلنا للتحدث عن لحظات حياتية حميمة، ما الذي تقوله عن مؤسسة الزواج؟
علاقتي بكائنات هذه المؤسسة علاقة حميمة فأنا لا أستطيع أن أتعامل مع أفراد الأسرة كالمدرس والتلاميذ كلُ ما يجمعنا علاقة الأدوار، الزوجة لها دور، والأبناء أيضاً والقاسم المشترك بيننا هو الحب، بالطبع أنظر إلى مؤسسة الزواج بحب ..ولكن لو تركناها بحدودها الطبيعية لتحّولت إلى قيد شرس، لهذا فأنا بين الرواية التي هي زوجتي وحبيبتي الأولى، وبين تلك المؤسسة التي أثمرت تسعة أولاد ذكور قسم منهم يقرأ رواياتي بدافع الفضول والاكتشاف، واثنين منهم يحبون أدبي ... وزوجتي تقرأ لي دائماً كم أحب الأطفال ولهذا أثمرت تلك العلاقة تسعة كواكب.
· ماذا تحدثنا عن رحلتك في عالم العمل؟
ما بين قطبي الصحافة والإبداع أتحرك، فالصحافة مهنة العمل اليومي والحدث المتلاحق، أما الإبداع فهو مسألة يبرز فيها البعد الإنساني والنظر إلى ما هو أبعد عن سطح الأرض إلى عوالم أخرى مغلقة بالسحر والمشاعر المتدفقة فالمبدع إذا لم ينل قسطاً من حرية النأي بعيداً عن المترادفات وعلاقتها بالسياسة فإنه يفقد توازنه، بل إنه يعيش في دوار يومي، لهذا فالمبدع الذي يعمل في الصحافة يجب أن يكون لصاً ماهراً يستطيع أن يسرق الوقت ليمارس حقه في الكتابة.
ويتابع الأديب الروائي علي أبو الريش حديثه عن تدرجاته في العمل فيقول: «التحقت بالعمل عام 1979م وبدأت محرراً في القسم السياسي بجريدة الاتحاد، وعملت فيه لمدة سنتين ونصف، ثم انتقلت إلى القسم الثقافي وترأسته، بعد ذلك أصبحت مديراً للشؤون الثقافية، وفي هذه المرحلة عملت في الديسك المركزي، بعدها أصبحت نائباً لمدير التحرير ثم مدير تحرير تنفيذي , ثم مدير تحرير.
بدأت العمل في جريدة الاتحاد وتدّرجت في المراتب وبقي الأدب والفن هاجسي الأول.