خديجة بلوش
هي لا تضع أحمر الشفاه ولا ترسم ظلاً لعينيها
الصغيرتين لمنحهما شساعة بحيرة غامضة, لا ترتدي ثوباً يلائم نظرة العابرين ويضيق بأنفاسها
المرهقة، لا تبتسم في وجه عابس يمر بها, لتساهم في نشر الفرح, تقول لنفسها: «سأبتسم لي داخلي كي أشعر بالرضا ولمن حولي حرية
القرار, فليسعدوا بما لديهم أو فليصمتوا».
هي لا تكثر من الثرثرة على رصيف الانتظار, لا
تسابق ظلها المائل في الصعود إلى رحلة تأخذها صوب البعيد ولا خيال قد يقنعها أن كل
المحطات تزخر بينابيع الدهشة.
هي فقط تشد على نبضها كي لا يسقط في غفلة منها
في زحام الحياة, لا تملك إلا هذا النبض المثقل بالحنين, وتصر في كل مرة ينتابه
التعب أن تراوغ الصمت الذي يتربص بها في الزوايا المظلمة, تفتح لروحها كل النوافذ
كي تشع ويكتسي الضياء أروقة النجاة.
تقول لنفسها في وقوفها المتكرر أمام انعكاس
صورتها: «أنا قوية بي ومن أجلي, أنا أستحق الحياة
الجميلة كي أكون جميلة».
وفي لحظات الضعف تمنح نفسها دفعة حانية «رافقي العصافير في رحلتها الآنية, كوني كما
زهرة تنفض عنها جمود الشتاء»، وتركض صوب شمس دافئة «وامنحي الطفلة فيك لحظة تزيح فيها عن قلبها
سطوة القيود, واركضي كما يفعل الصوت, وحين يغادرك الصبر لا تفشلي, لا ترضخي للنحيب, اصرخي
وأطلقي العنان لصوتك, كوني مثل طلقة طائشة, واقفزي عالياً فوق كل الأسوار, واركلي
الحواجز الغاشمة.
لا تكترثي إن وصفوك بالفاشلة، أخبريهم ببساطة
أن لا نجاح يأتي إلا رسوب وأن الفشل من علامات الصمود.
اخبريهم أنك تفضلين فشلاً يأتي بعد محاولات
عميقة من نجاح يأتي دون جهد يذكر.
أنت قوية بك أنت فقط، ولا فضل لأحد عليك سواك.
تذكري دائماً أن تسعدي نفسك, ولا تنتظري لحظة
إحسان من أحد.
غامري بكل ما لديك, والخسارة لن تكون صادمة إن
حدثت, ستكون لك دهشة الفوز, ولن تندمي.
احلمي قدر ما شئت, فليس للحلم حدود ولا يحتاج لتأشيرة أو
رخصة.
اعتنقيه وناضلي ليصير حقيقة.
انبذي الآمال فإنها مضيعة للوقت, تأخذك كالسراب بين فكيها وتقذف بك إلى
متاهات اللاوجود، تسحب من شرايينك كل ذرة قوة، وتنشرك على قارعة الفراغ. الأمل كذبة كبرى, مثل الذي يقتله الظمأ, يغرف من البحر, كل
ظنه أنه يروي عطشه ولا يدرك أنه يروي الموت الذي يقتص منه رويداً رويداً.
كوني قوية، وامنحي لنفسك فرصة للحياة كما تشتهين أنت
لا كما يريد محيطك، وتذكري أن الريشة بين أناملك وأنت من تحددين ما ترسمين بها، وأنت
وحدك تملكين خيار اختيار اللون الذي يناسبك.
لا تتركي السنوات تأخذ منك شغفك, واصقلي هوايات روحك وامتنعي عن الانسياق وراء كل ما يقولون عنك.
أنت القوية, أنت الجميلة, أنت المبدعة.
أنت من تحددين موقع خطواتك المقبلة.
أنت فوق الألم, فوق البكاء.
سخري ألمك ليكون قوة والبكاء ليسقي حقول صبرك, ولتزهري فوق كل الظنون,
كوني أغنية, لحنا جميلاً، صوتاً يكون بوصلتك للوصول
إلى حلمك, غادري القوقعة التي يصرون على إبقائك
داخلها, أنت أقوى وأقوى وأقوى, وأنت بكل الصفات
التي تملكين.. جميلة».