-->
U3F1ZWV6ZTEzNzUzMDQwMTQxX0FjdGl2YXRpb24xNTU4MDI5NzIxNDY=
recent
جديدنا

طلال حيدر لـموقع «سبا»: أنا الزمان والمكان معا جئت إلى الشعر من شعراء العالم فضائي الأول بعلبك التي رأيت فيها الدّنيا

 


حاورته: فاتن حمودي


يقول طلال حيدر : 

هاجسي القبض على الزمن الهارب"، كأنه في حالة عشق أبداً أو كما يقال في لحظات الحب القصوى "ينسرب من بين الأصابع الزمن".

مضى الحوار مع الشاعر طلال حيدر منفلتاً نحو الشعر وفلسفة الزمان والمكان كأنه القصيدة المتألقة وأغنية فيروز التي لا تنسى "وحدن بيبقوا متل زهر البيلسان".

شعر مقطوف من القلب ومن الذاكرة المكانية؛ وقاموس شعري قادم من منابع الجمال وسراج الطبيعة اللبنانية المتوقد أبداً.

كأنه حطّاب الأزمنة  يجرجر من الأحراج كل لحظات الحب والعشق والوجد، يمضي مع الشعر بصدق مثل بياض الثلج ودموع المطر، يغني مع فيروز: "يا زمان يا عشب داشر فوق هالحيطان ضويت وَرد الليل ع كتابي .. برج الحمام مسور وعالي .. هج الحمام وبقيت لحالي...".

طلال حيدر شاعر (رؤيوي) يرسم منصته الكونية بألوان قزحية وضبابية ومطرية وصيفية وعشبية ليدخل كونه في حالة عشق وتأمل وصلاة، كون خارج كون يسحب الزمن من ضفائره ويأخذ المكان إلى منصة الشعر ليكون هو اللوحة والمغنى معاً في حضن هذا الكون. يتربع بعدها على عرش القصيدة الطالعة مع روح الرحابنة وبيبلوس وأليسار وروح الشاعر التي تفيض بعشق الصوفي الحائر والعاشق والمتوحد والملتم ليصل إلى صدق المقولة: "عبر كل كائن حي ينفتح مكان حميم وفريد على العالم". هذا المكان هو بعلبك الجالسة في حضن سهل البقاع، ويضعنا أمام الأصيل ذي النكهة (الأفراس، الخبرات،  المدن،الشجر، الحجارة،  البيوت،  الأبواب وركوة القهوة ) والإنسان بطل على هذا المسرح دائماً كأن شعره من عصر مضى، عصر الرومانس والفروسية والتغني بالطبيعة.

يحفظ في ذاكرته مخزوناً ثقافياً قادماً من إيلوار وبريتون ومن "كتاب الموتى الفرعوني والمتنبي" والأهم كتاب الطبيعة، وصوت فيروز لهذا أصبحت تجربته تشكل تياراً في الشعر اللبناني المحكي،  الشعر القابض على الهارب والمهجوس أبداً بزمان ومكان لأنهما الإنسان . 

تحدث عن الزمن كأنه في حالة  تجدد دائم لا تستطيع أن تستحم في مياه النهر الواحد مرتين،

 ‏هكذا يمضي  الشاعر نحو الحلم ‏والنوم المنام 

حتى يتحول الزمن إلى بعد سريالي نوراني يأخذنا الى أتون العشق والجنون معاً . 




- طلال حيدر الشاعر، ما  الذي يشكله لك الزمان والمكان كبعد  فلسفي وشعري ووجودي؟

*- الزمان والمكان هما الإنسان نفسه وكلّ شاعر وكلّ إنسان هو الزمان والمكان، فحين يتحدث 

الناس عن هذين المفهومين الزمان والمكان يحدث التباس ما، خاصة حين يضعون الزمان والمكان خارج الإنسان، فالزمان والمكان هما الإنسان نفسه لأنه لولا الإنسان كيف سيقيس العقل حركة المادة؟ وكيف يدرك العقل حركة الأرض؟ لهذا فالمكون الأساسي لحركة الزمان هو الإنسان، كونه يُشكّل الجزء الأساسي من الزمان. المكان ليس خارج الإنسان، لأن المكان الأول الذي يسكنه الإنسان هو الجسد، هذا الجسد يعني كائن في المكان، لهذا أقول نحن الزمان ونحن المكان. يقولون الزمن الأرضي وزمن المريخ أوالزمن الكوني الذي يتعلق بمدى سرعة  دوران هذا الكوكب حول الشمس. الأزمنة تقاس بالعقل الإنساني لحركة المادة، فإذا خرجنا من الدائرة الفلسفية إلى الدائرة الشعرية فإنني أرى نفسي في مكان تمرُ عليه الفصول، ويتداخل مع الزمان حتى ليصبح المكان والزمان شيئاً واحداً. لا يكفي الإنسان أن يستعيد ما سرق منه من الزمان، لأن الزمن مستمر، يكفي أن يغمض عينيه على ديمومة الزمان الذي يعيشه الشاعر ليشمّ رائحة الأمكنة المنسية في ذاكرة العين؛ وحين أمدّ يدي للزمن البلعبكي البعيد زمن طفولتي أرى ذلك -الطلال- يركضُ في ملاعب الطفولة تحت المطر. أرى ذلك المكان وأشمُ رائحة الزمان ومن يفصل بينهما المكان هو العنصر الأساسي مع الانسان في تكوين الزمان، وليس هناك مكان أزلي إلا في الجنة، إنه خارج الزمان ويقع في الأبدية. المكان الأرضي هو دائماً مكون

 زمني أساسي لا نستطيع أن تحكي عن الزمان والمكان مفصولين لأنهما متداخلين حتى ليشكلا وحدة الوجود والإنسان ولا ينظر إليهما خارجه، لأنهما بين هدبين وفي المسافة التي تقع بين عقله ويديه، من هنا أنا الزمان والمكان . 

 


- طلال حيدر عين كبرى ترصد، تختزن، تهجس، تحول الأشياء إلى إبداع وبخاصة الأشياء ذات العلاقة بالأمكنة الحميمة، كيف تعيد الزمن الذي ينسرب من بين الأصابع؟ 

*- أنا مسكون بهاجس الزمان لأنني أبحث عن بطء الحركات السعيدة التي لا تقطف، كنت وأنا 

صغير أنام تحت شجرة اللوز أوائل الربيع لأرى كيف يتفتح زهر اللوز. كنت أستفيق وقد فتح زهر اللوز في غياب الصحو و أنا نائم لم أفتح عيني بعد . 

هاجسي في القبض على الزمن الهارب مثل ألمي يفتح الواحد كفيه ليملأهما ماء، ويشرب ويسيل الماء بين الأصابع كما يسيل الزمان على حافتي وجه الإنسان الراكض . 

سكناي في الهاجس الزمني والمكاني هما السمة الأساسية في شعري، أنا لا أبحث ابداً إلا عن سر الزمن الهارب فيّ وفي العالم.

 


- ذاكرتك الشعرية من يحفظها غيرك؟ 

*- لم أر إنساناً قابلني وأنا لا أعرفه إلا وأسمعني شيئاً من شعري. كنت في أبوظبي مول أوقفني رجل ثم سأل ابنته عن شعري، فسمعت منها قصائد  لي كنت قد نسيتها. مايدهشني هي الذاكرة الجماعية التي حفظت شعري مع أنني بخيل في إعلان ما أكتب!

- البيت الذي ولدنا فيه محفور بشكل مادي في الذاكرة، وعلى الرغم من السلالم الكثيرة نعود إليه، هل لك أن تحدثنا عن فضائك الأول الذي تفتحت روحك ووعيك به؟ 

*- السؤال جميل. الفضاء الأول، المكان الأول هو ليس بيتي، هو بعلبك أول مرة رأيت الدنيا "

عم ينزل  فيها ثلج... أول مرة شفت فيها الدني عم تشتي، أول مرة شميت فيها ريحة المطر بعد الشتي ... أول مرة شفت لعبة الطفولة كيف  بتتخبا تحت مخدة النوم... أول مرة شفت كيف التياب بتتخزق تحت سياج البساتين... أول مرة شفت كيف بيصفر ورق الحور والخريف... أول مرة شفت الصيف كيف بيحمل عناقيده ع شجر البستاتين... أول مرة شفت السما كيف بِتْسَكِر وجهها بملاية الغيم وكيف بتفتح وجهها بأزرق الصيف..."، كل هذا كان بعلبك.


- وماذا عن أول حب؟ 

*- أول حب كان مثل اللغات القديمة ع ورق برُدي.

نامت وماعاد حدا شاف منام من بعدا كان ما رقْ الطقس قبل شوي من حدا \والمي زرقا مثل 

جايه السما بالصيف لعندا \وطارت عصافيرالأساور ما حدا ردا \عم يقطفوا لولاد بنومهم ورد 

وعم يوقع الورد من نومهم ع خدا. 

 


- ما الذي قطعه طلال حيدر من فضائه الأول الأم والأب ليصلا به كل سلال الشعر؟ 


*-كثير من الأوروبيين يدخلون بالعلاقة الأبوية  أو الأم من أجل أن يصلوا إلى فرويد أو يونغ هذا كله كلام ،نحن خمسة أخوة شباب وبنت كل  واحد منا يقطف من مطرح ناس بيقطفوا من سلة المصاري \وناس بيقطفوا من سلة النجوم \

أعود إلى أمي وأبي والبيت الذي نشأت فيه. 

تصوري لم أكن أحكي مع أبي بكل زماني أكثر من خمس دقائق، ففي زماننا لم يكن أهلنا يحكون معنا، وكانوا يستحون أن يقولوا كلمة حلوة\ يخجلون أن يقولوا لنا من فضلك أعطنا الملح! يخجلون أن يقولوا الكلمة الحلوة ويستحون من الحلو\ كانو فقط يعلنون غضبهم.

أما كلام الحب والحِنية والعاطفة لم يكونوا يقولونه لا لأنهم قساة القلب، أبداً. كنت أشم رائحة الحب بالهواء، ولكن فقط كانوايخجلون من الكلام الحنون. 

وقد كتبت لأبي، عفواً أنا لا أكتب لأحد \أنا بكتب من بيي ( أبي) ما الذي عمله بي من الداخل؟

مساحات روحية أكتب عنها \كل واحد يكتب عن شيء أقل من الحدث بكثير، ففي الحرب اللبنانية الذي حكى أو كتب عن ولد قتل برصاص قناص \وهو ناطر على الفرّان \أقل بكثير من الولد الذي مات، لكن من يكتب عن ولد صغير قتل فيه أي قتل بالشاعر\ جوّه (داخل) فهو يلخص كل أطفال الأرض بذاك الطفل الذي قُتل بالشاعر، لذلك نكتب من وليس عن. أنا اكتب من بيي مش عن بيي أقول لأبي :"

مات بيي يا قمر ضوي بأرض الدار\ الحجر ميت بالقفص والولاد عم بيتراشقو بحجار .

قلنا في مصطبة وسلّم ع باب الدار وفي عشبة النسيان بحجار الدار وقلنا في درابزين وفي ليلكة تهرهر غياب الدار" .

أنا أكتب عن أبي ما الذي فعله بي في الروح؟  وأكتب عن أمي أيضا، أحبهم لأنهم أصحابنا وأهلنا مع الوقت

 وصحابنا\ حتى لو كنا صغاراً وقت اللي راحوا \لازم نبقى أطفالا لأننا بدورنا صرنا أهل \وبدنا يضل التوازن بين الصبي يلي صار أب وبين الأب يللي راح.

 


- الشباب الأول افتراق وتأكيد وجود عين قلقة تحاول خلخلة الأشياء، هل لك أن تحدثنا عن تلك المرحلة والتغيرات الطارئة على مستوى الحلم والواقع معاً؟ 

لا يوجد شباب أول أوشباب ثان. أنا ما أزال في الشباب الأول، ولا أومن بأن هناك شعر عربي أو أجنبي ( انجليزي - فرنسي )، إنما هناك يوجد شعر بالعالم. حين أتيت إلى الشعر جئت إلى الشعر من العالم، جئت وأنا جايب أراغون وبريتون وإليوار وسان جون بيرس. جئت وأنا جايب  بيتس شكسبير وخوان ريمون خمينيز،  كل شاعر منهم كنت شوف كيف فتح السما تبعو\ و وسّع الفضا الشعري ،ولذلك أنا جاية (قادم)

من كل الشعربالعالم، جايه لحتى افتح بواباتي وافتح سمايي وضيف نجومي وقمري \

الشاعر يلي ما عندو شي يزيدوا على السما الشعرية يزينها ينقط فيها نجوم أو قمر \أحسن يسكّر(يغلق) شبابيك بيته ويغمض عيونه وينام \مش حرزانة يحكي 

شيء \فأنا جايه أولا من الشعر اللاتيني بشكل عام، ثم توسع  ثقافتي على الشعر الإسباني والإيطالي ، ثم انفتح على الشعر الانجليزي ، رحت إلى فضاءات الهند واليابان والصين والشعر القديم،   فمن يبدأ بالنسبة لي تراثه الشعري من كتاب الموتى في تراث الفراعنة،  ومن بيكنغ الصيني القديم بين عشرة ألاف وسبعة إلى ثمانية آلاف عام \ من هونيك (هناك)، بدأ فضائي الشعري مش بس من الشنفزى وتأبط شراً و...


- السفر اكتشاف، تجارب السفر تدخل في الخبرات والتزوّد بالثقافة والعلم، ماذا عن تلك التجارب؟ ما الذي أخذته وكيف تقرأ الرحلة والكوكب و السفر؟ 

*- السفر أنا 

يقول: ( ها الأرض جاية مدوخة بتهز ع الميلين\ ع كتر ماهي خفيفة بيحملوها تنين \

وزغيرة طير الحمام بيقطعا بيومين\

 كان الناس سابقاً حين يسافرون يحكون عن أدب الرحلات أو عن الغربة برأيي لا يوجد أدب 

رحلات ذلك(تجليط) وما في غربة الأرض كلها طير الحمام بيقطا بيومين .

السفر الحقيقي والغربة الحقيقية حين يغترب الإنسان عن حاله،  وهنن نايمين ولادي على مخدتهم بإيطاليا \وهم يكبرون ويتعلمون\ هونيك كان السفر بالنسبة لي شوق العين\ بعدين .. بعد ما دوّخت الأرض دوران 

يلي بسافر بحالو بتصغر مسافات الأرض البرانية عليه\ واللي بحالو مابسافر بأي خطوة 

يخطوها يسقط من الفضاء وبتتلقاه الأرض .

أنا ادمنت السفر لدرجة صارت الأماكن هي مطارحي الحميمة كلها \أ حين أرى لبنان تمتزج جغرافية الأرض بأرضي\ وانا ماشي ببعلبك بكمل بباريس وبروح على ساحة كاليفاردي في بالما بإيطاليا\ وببرم (أتجوّل) بأبوظبي على الشواطئ البحرية التي اعرفها منذ عام١٩٧٠ بتصير كلّها مطارح لأرض النوم 

تبعي\ السفر يوسع جغرافية النوم قد ما بوسع جغرافية الروح .

ولذلك  لا أقول  دهشة السفر، ولا  ماذا أكتشف في الرحلة، فكلّ شيء موجود فيك. ماذا تعني الغربة وبيننا وبين المريخ سبعة أشهر؟ الذي يدمن السفر بالداخل بيصير السفر بالخارج نزهة عين، وليس تلك المسافة التي يقطعها، بتصير سرعته سرعة الضوء، ما الذي سيسبق الضوء، في السفر بالأرض نحن نمشي بسرعة الضو\ لازم نصير نوم\  تانشوف مناماتنا ونرسمها بسرعة الضوء ومافي سفر يساعد 

فيروز والرحابنة 

- ما الذي أضافه صوت فيروز وموسيقى الرحابنة لشعر طلال حيدر؟ 


*- ألخص علاقتي بفيروز بكلمة عشرة عمر، وقل كتبت كتاباً عن فيروز من أول العمر، 

وفيروز عشرة عمر حين أجريت عملية قلب مفتوح وجاء صوتها مرة واثنين وثلاث واربع 

يأتي صوتها يتفقدني كنت اطلع من القلب المفتوح الى  الفضاء الذي أركض به\ فيروز عِشْرِة عُمُر بدأت حين كنا صغاراً وبعدنا صغار\ عمر الصداقة ما بيخلص والعمر بيخلص .

الناس تكتب قصائد لتغنيها فيروز المغنون يطلبون قصائد لتصير شعراً ليس مهماً أن تغني

 فيروز لي أو لغيري، المهم أن تغني وغني يا فيروز، وضلي عم تغني\ حين أسمعها تغني أتعلم معاني ما كنت بعرفها بشعري أنا و عم أكتب.



- ماذا عن الأولاد والبيت والعائلة ولحظات العشق الساكنة فيك؟ 

*- ألخص هذه العلاقة بما يلي: الذي يفكر بأن أولاده لازم يكونوا بهاء الدني ويحققوا له أفكاره ورغباته وأحلامه يكون عم يقتل أولاده \ولادنا بدنا  نتعلم منهم كيف يرون الدني لانهم أكبر منا بفرق العمر هم لمساحة الزمن إللي  جايه، ونحن لمسافة الزمن اللي راح\.. وياريت عندي بنت لعلم الدني قديش البنت مية (ماء)الروح وبعرف بدون ما يكون عندي بنت يأتي مدمن عشق من عشق لعشق بعرف أديش عشقي من 

شعري يللي بيطلع مني مو من حبيبي\ أُضئت بحالة العشق وإليك هذا المقطع من قصيدة لي 

لتعرفي كم أنا عاشق:

عم تسرح الغزلان

  ما أوسع البرية

  طلع الطقس بكير ما بيرجع لعشيه

طلّوا بنات العرب

عم يسألوا عليي 

شالوا عن وجوهم

غطا لبنان

فكرتهم هيي تاري الغزالة بلبنان 

بتكبر شويه. 


تعديل المشاركة Reactions:
طلال حيدر لـموقع «سبا»: أنا الزمان والمكان معا  جئت إلى الشعر من شعراء العالم فضائي الأول بعلبك التي رأيت فيها الدّنيا

can

تعليقات
    ليست هناك تعليقات
    إرسال تعليق
      الاسمبريد إلكترونيرسالة