كان كل شيء من حولي حقل من الأسئلة والغموض، أجهل أشياء كثيرة ، فجأت امتنعت عن اللعب مع الصبيان ولم أعد أختلط بهم ، ولا أدري لماذا كان يجب أن أرتدي وشاحا على رأسي وأخفي شعري الذهبي تحت تلك القماشة ، كنت أشعر بالاختناق ، في وقت أبكر من هذا تعرضت لــ لآت كثيرة "لا تنطقي هذه الكلمة, أنت بنت ، لا تضحكي ، لا تغنّي ، لا تلعبي حينما تجلسين شدي ساقيك على بعضهما، " كأن شيئاً سيسقط مني ، صدري تكور مثل حبتين من التين وكان جسدي يشهد تحولات غريبة، ونمت بعض الحبيبات على وجنتي وفوق أنفي،
و أحد الأيام استيقظت من فراشي و قد سال مني الدم على ساقي ,بكيت بصمت ولم أخبر أحدا، لماذا خرجت الدماء وماذا سأقول؟ كان سيل من الأسئلة يغمرني ، كنت أعيش معركتي الداخلية بصمت , لم يرشدني حينها أحد ؟..كانت أمي تدير شؤونها الخاصة وتتحدث ساعات وساعات على الهاتف , تتحدث عن الملوخية وفستانها الأخير الذي ضاق عليها لأنها أصبحت سمينة ، وتتحدث عن حرب العراق وظلم الغرب للمسلمين والاحتشام، لكنها لم تنتبه لابنتها التي تتعرض للغزو وتداهمها كل شهر حرب دامية ، وكيف يئن ثدياي تحت الحرام ليلا ، ولم تنبته إلى عانتي التي تحولت من زغب أصفر إلى السواد ، وكيف يصرخ فيَّ كل عضو برغباته الدفينة ، وعرفت الفرق الشاسع بيني وبين إخوتي الصبيان ، كان أخي الذي يكبرني يتحدث بتباهٍ عن مغامراته ولقاءاته الغرامية, وأمي تبتسم له بفرح ويخرج الضحك حتى من ركبتيها. جريمتي أني وُلدت بعضو تناسلي مختلف عنه ،كنت ألمس عانتي بصمت تحت اللحاف ،كنا ننمو وننضج معاً ، شاركت مع عانتي أسراري التي كانت مثل كمشة من المخمل تئن تحت
يدي ، وثدياي المكتنزان ، تخيلت معهم الممثل الأمريكي جورج كلوني ، ولا عب كرة قدم أسمر ، ومدرسي الأخير قبل أن تلفظني العادات خارج أسوار المدرسة ، اشتعلت ليالي بالنجوم وانطفأت بالحسرات، كنت أكبر كنبتة سامة في حقل الذكور، وأسرج صهوة أحلامي وأنطلق بها بعيداً عن الواقع قريباً من رغبتي ،وأسمع صهيلي الداخلي ،أسقط وأتعثر بأوتاد العادات، ماذا يعني لو كنت مثل أخي أجاهر بعلاقة خارج جدران البيت التي أصبحت سجناً لا أغادرها إلا في المناسبات برفقة الحراس ، الآن أعيد كل تلك المراهقة إلى البيت الأول، لم يختلف بما يُسمى بزوجي عن ترس عادات أهلي ، لقد هرمت عانتي من الحب الذي لم أصله ، أنا الآن تلك المرأة التي تهتم بالغسيل والطبخ و أتابع المسلسلات الفارغة وأملأ كرشي بالكولا وأستهلك في لياليّ الكثير من الموالح، لم تعد لتلك المراهقة أي أحلام تجعلني أفضل مما أنا عليه لكن ما زلت أملك صورتك في خيالي بكل تفاصيلها بانتظارك.
تعفن قلبي , ما عاد يصلحه ملح الحب, أبكي أحيانا دون أن ينتبه أحد إلى أنني دفنت الكثير من الأحلام , سبخة من الملح تمتد في عينيّ , لم أنتصر في الحياة بل هزمت أنا قدر ما شاء الواقع وهذا العالم الشرير، لقد أنجبني الحزن ، وما كنت بحاجته ,أكرره على مراهقة ابنتي وهي تتذمر قائلة :" لا أعرف كيف أضع الفوطة بين فخذي" وتضحك بخبث ،وما زلت كإسفنجة أتشرب الوحدة وما من أحد لأشاركه هذه القصص المثقوبة من الحزن.
كلمة هيئة التحرير