recent
جديدنا

التاسعة صباحاً

الصفحة الرئيسية



ميران أحمد


وأنا أتجه إلى المدينة، إلى الطابق العلوي بعد انقطاعنا عنه، اليوم سأدفع عمري للقائنا الفوضوي.

«بعد ساعة سأنتظرك هناك في الطابق العلوي، في شارع المحطّة، مثلما كنا نفعله في لقائنا».

أرسلت رسالة وأقفلت الهاتف، كالعادة ستتأخّرين مثل كلّ مرّة، وأنا سأدخّن الكثير من السجائر، سأمشي عدّة خطوات ذهاباً وإياباً، سأشعر بملل كبير، مثل غريب في المدينة.

سأجلس في الشارع كالعادة، سأصل مبكّراً إلى هناك، وستذبل تلك الوردة في يدي، وكلّ المارّة سينظرون إليّ. أحبّ المشي معك إلى الطابق العلوي، ونحن نمضي بين المقاهي وتأتينا أصوات كؤوس الشاي، وصوت أحجار طاولة الزهر، ودخان السجائر، وأنت تأتين وتلوّحين بيديك، وكأنك تقولين: «أنا مَن رأيتك أولاً».

ولا تعلمين بأني شارد بك، وأنت تبحثين عني، تلتفتين يميناً وشمالاً، تجولين بنظرك هنا وهناك.

مضت ساعة على وجودنا، لم أعرف كم من الوقت سنبقى على الأريكة ورأسك على كتفي، والمكان ممتلئ بدخان سجائري...!

صوت الأغاني من هاتفكِ المتروك على طاولة بجانبها حقيبة اليد خاصّتك، وأنت مغمضة العينين، أرى وجهك من بلور ساعة يدي.

هدوء كالمعتاد يفرضه وجودك هنا!

«في الخارج مطر خفيف، هل نتمشّى؟».

بعد مرور ساعة ونصف من الصمت، كان هذا الحضن جرعة كافية للمشي والحديث حول ما كتبناه، والكتب التي قرأناها، والليالي الموحشة التي قضيناها، ونحن في هذا البعد، حيث يكوينا الاشتياق.

مرّ الوقت سريعاً، والسماء غائمة، حلّ الظلام ونحن على وشك المغادرة.

كلّ منا سيعود إلى الجحيم الذي ينتظره في الغرفة.

ملل لا يملّ منا، سنمضي ستة أيام شاقّة من الاشتياق، من الحرب والاكتئاب.

وأنت في الطرف الآخر من الطريق تنتظرين الحافلة، والبرد بدأ يلمس كتفك منذ بداية فراقنا، تتحسّسين كتفك بيديك.

وأنا، وأنا أحترق من الداخل، يؤلمني قلبي ويضيق صدري. أقطع الشارع،

أهرب إليك، وتهربين إلي،

لنعانق بعضنا قبل أن تأتي الحافلة.

 

 

google-playkhamsatmostaqltradent