recent
جديدنا

مرثية الأشياء الصغيرة

الصفحة الرئيسية

 


أشتاقُ إلى لغتي، إلى صَوتِ لقالقِها وأعشاشِ القصب،

إلى وقفتها الأمّ، إلى بكرة طريقِها.

أشتاقُ للفَراش الموشّى باللّيلكِ الجبلي،

لصبغة التوتِ البرّي على أصابع الخزامى،

لدجاجات الحيِّ وبيضِها الدافئ

في التبن المرتجفِ برعشة البيادر.

أشتاقُ إلى نبتة عطرِ الليل،

كي أُشاكسَ حزني بقبضةٍ من زهرها،

فينامُ المساءُ في كفّي كطفلٍ وديع.

أشتاقُ لخوفي وأنا أعدُّ النجوم

كأنها ستسقطُ على جسدي نمشاً.

أريدُ أن أعدَّها أكثرَ من عام…

أريدُ أن أكونَ سماءَها، أرضَها، ملاذَها.

أشتاقُ للصوف حينَ كانَتْ أمّي تُشمِّسُه على السطح،

لعصا الرمّان التي تنفضُه بها.

لرائحة الشمسِ بينَ خيوطِ قمصانِنا الصغيرةِ،

وحبالِ الغسيلِ تتراقصُ عليها حماماتٌ

تُذَكِّرنا بلآلئ الصيف.

أشتاقُ إلى مدفأة الحطبِ في بيت جدّتي،

إلى صفير الإبريقِ فوقَها،

إلى “الزوفة” وهي تُغرغِرُ كحجلةٍ في الماء.

أشتاقُ لمفاتيح أبي حين ترنُّ من وراءِ البابِ،

للهفةٍ مختبئةٍ في علب الراحةِ والبسكويت،

لأصابعِنا المغموسةِ بقطر التلاج

وطَعمِ الطفولة.

أشتاقُ لشتاء كانونَ،

لأحاديث البناتِ ووشوشاتهم الخجولة،

لأواني الألمنيومِ وحلّةِ القمحِ وخزانةِ المؤونة،

للبلاط المعرّق

ولنوافذَ تأبى أن تنغلقَ بوجه الضوء.

أشتاقُ لجزءٍ منّي،

لكلّي،

للحياة التي خُلِقَتْ لتكوني كسورية…

وانطفأتْ.

google-playkhamsatmostaqltradent