أخيراً، وبعد حربٍ لم تحمل أوزارها بعد , وافقَ المؤتمرُ على تحريرِ مدينةٍ مدمّرة , وعلى حقِّ كلّ مواطنٍ بالعودةِ إلى الأنقاض، ككلِّ الدّجاج و الخيول إلى حلم ٍ من حجرٍ، فواصل الناس يعودونَ أدراجهم فرحين، خائبين، ولكنْ بعدهم واصلوا التشرُّد عبر إيجة إلى القارّة العجوز ، لعلّهم يعيشون ما تبقّى من تعاستهم هناك، فمنهم من لم يصلْ حيث أصبحوا طعاماً للحيتان والأسماك، وتناثر غبارهم في المدى وماتت أحلامهم قبل الحلم، والعائدون الفرحون يضحكون من هول ما حدث، ولكنّهم لم يدروا بأنّ قدراً أحمقاً يلاحقهم أينما حلّوا، والموت السّكران يتربص بهم، في ليلةٍ سوداء لا ضوء فيها، دقّت ساعة الصفر، وبدأ الطغاة بحصد الأرواح وقتل البراءة غدراً بآلاتٍ مذعورةٍ من كونها قاتلة ، والآلهة لا تزال نائمة، والشاهد الوحيد على المجزرة هو القمر الذي لن تدعوه أيّة محكمة ، فيضيعُ الدمُ والحلمْ، وتلدُ النّهايات طاحنةً في كسادِ أقدارها، ويدوم العبثُ جليلاً في اقتسام الإرثِ الكرديّ بين صانعي الموتَ ومُريديه.
سربند حبيب