-->
U3F1ZWV6ZTEzNzUzMDQwMTQxX0FjdGl2YXRpb24xNTU4MDI5NzIxNDY=
recent
جديدنا

سؤال الهوية، أم البحث عن الذات بصيغتي المفرد والجمع في رواية «أثلام ملغومة بالورد»


بوزيان موساوي – المغرب / خاص سبا


1.    بطاقة تعريف:

صدر عن فضاءات للنشر و التوزيع ـ عمان / الأردن ـ 2018 ، رواية للكاتبة الفلسطينية صابرين عايد فرعون تحت عنوان: " أثلام ملغومة بالورد ".. الكتاب من الحجم المتوسط.، 112 صفحة.. تصميم الغلاف: الفنانة المقدسية: رشا صوان.

صابرين عابد فرعون كاتبة فلسطينية من مواليد القدس الشريفة سنة 1988 .. حاصلة على بكالوريوس في اللغة الانجليزية و آدابها.. عضو اتحاد الكتاب و الأدباء الفلسطينيين.

صدر لها إضافة إلى رواية "أثلام ملغومة بالورد"، " ظلال قلب " (نصوص سردية ـ 2015 )، و "مرايا المطر " (نصوص سردية ـ 2016 )، و " قلقلة في حقائب سفر " (رواية ـ 2016 )، و " جريمة نصف زرقاء " (مجموعة قصصية ـ 2017).

2.    كتاب، سؤال كتابة، وحيثيات قضية:

تتفرع من هذا العنوان إشكالية من سؤالين محوريين، سنحاول الاجابة عنهما في تضاعيف مقاربتنا للرواية:
سؤال الرواية و السيرة الذاتية، و سؤال المرأة / القضية، وهو موضوع أطروحة الرواية.

مقاربة الرواية:

1 ـ ـ سؤال الرواية و السيرة الذاتية:

1 ـ 1 ـ في شأن تصنيف " أثلام ملغومة بالورد" كرواية:

تقص الرواية في ما يناهز 108 صفحة حكاية أنثى / قضية، و السؤال، هل لعدد الصفحات دخل في تسمية جنس أدبي؟ هل " أُثلام ملغومة بالورد رواية فعلا؟... بعض النقاد يفرقون بين القصة Le Récit و الرواية Le Roman و القصة القصيرة La Nouvelle انطلاقا من حجم الكتاب و عدد صفحاته، و منهم من يضيف معايير أكثر ملاءمة لكل جنس مثل عدد الأجزاء و الفصول، و عدد الشخوص أو الشخصيات، و تعدد الفضاءات / الأمكنة، و تعدد الأزمنة، و عدد الأحداث و مدى تسلسلها و تشابكها و ارتباطها داخل حبكة درامية.

" أثلام ملغومة بالورد" ليست رواية ـ نهرية ـ و تشبه في حجم مجلدها و عدد صفحاتها بعض القصص، لكنها رغم قصرها قامت باحتضان أسرتين كبيرتين، و كأننا مع تراتبية هرمية للشخصيات شبيهة في تصورها لا في تفاصيلها بما كانت عليه في رواية ـ مائة عام من العزلة ـ لغابرييل غارسيا ماركيز.. أسرتين فلسطينيتين من القدس و من الداخل الفلسطيني لكل عضو فيهما قصة بأمكنتها و أزمنتها و أحداثها و عناصرها الدرامية تصب كلها كروافد في بحر الرواية، و مؤثرة على الشخصية / المحور حياة بطلة الرواية، كما بعض روايات الأدراج roman à tiroirs لبورخيس.. و يختزل المكان داخل فلسطين ليتعداه لكل الأوطان التي تعيش فيها المرأة نفس الوضع، كما يختزل زمن الرواية في زمن السرد: بداية السيرة و نهايتها مع دعوات للسفر للماضي و لاستشراف المستقبل.

نقرأ: ... و أنا أخط آخر حرف علمت أن كل ثلم يرسم رحلة حياة بدأت للتو.. ـ ص. 108 .

ـ أسرة جدة و جد حياة من الأب فؤاد: منيرة و محمود و العمات و الكنات و الأعمام .

ـ أسرة جدة و جد حياة من الأم هاجر: عزيزة و حسين و الخالات و الأخوال.

و من يعيش في محيطيهما...

تتشابك الأحداث، تصنعها الشخصيات أو الأقدار او الثقافة السائدة او الظرفية التاريخية لتؤثر على البطلة حياة مباشرة، أو في الغالب على أمها هاجر و محيطها بطريقة غير مباشرة... فلا تظهر المرأة حصريا كضحية للعنف فقط، من خلال البطلة حياة، و إنما أيضا من خلال عدة وجوه: هي الأم هاجر المغلوبة على أمرها، و الطفلة / الشابة حياة بطلة القصة، و الجدة منيرة المتسلطة العنيفة، و العمات العوانس.. إلخ ...وجوه لها مصير يكاد يكون مشتركا و متوارثا و مكرسا يعاد إنتاجه من جيل لجيل..إن سلمنا أن " أثلام ملغومة بالورد" رواية تجاوزا لجدال عقيم متداول لدى النقاد منذ بدؤوا يقترحون تصورات أو سيناريوهات ممكنة لتعريف دقيق للرواية ـ و ما فلحوا ـ ، نتساءل: هل " أثلام ملغومة بالورد" رواية سيرة ذاتية؟

1 ـ 2 ـ في شأن تصنيف " أثلام ملغومة بالورد" كرواية سيرة ذاتية:

من التعريفات السائدة لرواية السيرة الذاتية أنها حكي استعادي نثري، يتسم بالتماسك و التسلسل في سرد الأحداث، يقوم به شخص واقعي عن وجوده الخاص، و ذلك عندما يركز على حياته الفردية و على تاريخ شخصيته بصفة خاصة، و يشترط فيه أن يصرح الكاتب بأسلوب مباشر أو غير مباشر أن ما يكتبه هو سيرة ذاتية.

و بحثا في رواية " أثلام ملغومة بالورد" لصابرين فرعون عن وجود هذا الشرط، أي التصريح بأن ما تكتبه سيرة ذاتية، قرأنا:

ـ عشت حياة مشابهة لما مرت به بطلة روايتي، حتى أني لم أختر لها اسما و إنما انخرطت في دورها كما هي، رافقتها و هي تبرأ من أوجاعها، رجوتها ألا تحملني وزرها و هي تحترق مع كل كلمة تنطقها، و عتقتني من أثلامها و هي تلتحم معي في أحلامي وطموحاتي، تراودني عن حياتي الضائعة بين الكتابة و الكتب في شوط إضافي... كم نحن متشابهتان، نتألم من الحياة و نستمر في الحلم بواقع مغاير، نرتبط به شعورا، ونختلف شكلا.... ستحكي لكم قصتها، و سأصغي كما تفعلون لبحة صوتها المجروح مثل زجال يشذو بالأووف و العتابا... ـ ص. 11 .

و قبل الاستماع / قراءة الحكاية، تظهر الكاتبة صابرين فرعون و تختفي و كأن كل زمن السرد / كل الرواية مختزل في البحث عن ـ خاتمة للرواية ـ هي تقنية شبيهة بما يسمى ب ـ الفلاش باك ـ : في بداية الرواية تكتب: ـ ... تركتها و توجهت للحمام، و تفكيري منصب في كتابة خاتمة الرواية... ـ ص. 8 .

لتعود الكاتبة بنا في آخر الرواية لموضوع الخاتمة و تكتب:

ـ لمعت في خاطري خاتمة مناسبة للرواية... ص. 108 .

نلاحظ أن الكاتبة صابرين فرعون قد لجأت إلى تقنية المشابهة LA VRAISEMBLANCE لتخلق مسافة بينها و بين بطلة الرواية حياة. و اضطرت لأسباب موضوعية و أخرى فنية لتغيير أسماء الأبطال الحقيقيين بأسماء وهمية. موضوعية لتفادي المساءلة القانونية المحتملة بسبب تعرضها كتابة لحياة شخصية خاصة لأشخاص حقيقيين يحرم القانون المساس و التشهير بهم.. و فنية جمالية تتلاءم و لعبة الكتابة السردية كتقنية تعدد الأصوات الساردة، و تغيير زوايا الحكم على الحيثيات و التداعيات، و اتخاذ المواقف، و إظهار ردود الأفعال...

و يفصح النص الروائي عن أسرار لعبته وثقافته أكثر لما تستعمل الساردة مرارا هاجر بدل أمي، و بدلا عن أبي تستعمل فؤاد، و منيرة أو عزيزة بدل جدتي... كثيرا ما تسرد الأحداث بضمير المتكلم الأنا، لكن سرعان ما يتبدد هذا التبئيير الداخلي ليصبح خارجيا لما تكون الأنا مجرد شاهدة، ليسود التبئيير من الدرجة الصفر لما ينظر للبطلة كونها ـ هي حياة/ الشبيهة ـ لا ـ أنا ـ صابرين فرعون. و كثيرا ما تحضر هذه الأخيرة ـ صابرين فرعون ـ بشكل غير مباشر كذات عالمة بالمواصفات السيكولوجية لأبطال روايتها، و وضعهم الاجتماعي بعاداتهم و تقاليدهم و أعرافهم، فتراها تصف و تعلق و نتوقع منها كقراء ردود أفعال.. نقرأ:

ـ في الوصف:

نقرأ: ـ فؤاد، والدي في عقده الخامس، تعود اصطياد فريسته بنظرته القاسية و الحادة، ينحدر من عائلة فتحاوية لا يظهر انتماءه لها إلا حين يحتاج مصلحة ما، نرسيسي لا ينقصه إلا شهادة تؤكد معرفته بالطب و الحقوق و السياسة و الدين، و يعرف الجامع ايام الجمعة أو عندما يبحث عن شخص ما، يعمل بستانيا عند اليهود في أحياء القدس، لم نعهد منه حنان الأب أو حكمة رب البيت يوما، رسب في الثانوية العامة في صباه، و حمل أولاد عمومته المسؤولية... ـ ص. 13 و 14 ... وصف بعيد جدا عن التبئيير الموضوعي.. هو في منطلقاته و مراميه موقف و وجهة نظر و حكم قيمة.

ـ و في التعليق:

نقرأ: ـ كرهنا أيام السبت التي ترغمنا على الاجتماع و إياه على مائدة طعام واحدة، فهي أيام عطلته المخصصة للأكلات الدسمة التي يتلذذ بها، لا يبسمل أو يشكر الله على نعمه، بل يتناول حصته و يلتهم حصصنا من لحم الخروف... ـ ص. 29 .

ـ و من ردود الأفعال:

نقرأ: ـ معركة طاحنة دارت في روحي، نيران كثيرة حرقتني، لم تميز بين روح تنزف و جسد تلسعه الحروق، و أنا أتساءل: هل نملك من الارادة ما يحررنا من نزعات الشر التي يتبناها أبي و هند؟... ـ ص. 42 .

و رغم كل هذه الاحتياطات و المسافات التي يراد بها الايهام بدل الاعلام بأننا كقراء مع عوالم رواية السيرة الذاتية في رواية " أثلام ملغومة بالورد" لصابرين فرعون، تفاجئنا الكاتبة في آخر صفحة من الرواية بانتفاضة لم نتوقعها، كأنها تقول: ـ أي نعم، هي قصتي، هي سيرتي الذاتية، لما كتبت، نقرأ:

ـ ... لمعت في خاطري خاتمة مناسبة للرواية و أنا أعقم مكان الجرح، فأحضرت ورقة و قلم حبر، و دونت الملاحظة التالية: ـ ربع ساعة من الوقوف أمام صرختك المكتومة ـ كرامتي ـ ، ستهشم المرآة لشظايا، قد تظنينها ستدميك، لكن الحقيقة أنها كل ما بقي من روحك.. أنت سيدة موقفك، و هو خيارك الدائم...... و أنا أخط آخر حرف علمت أن كل ثلم يرسم رحلة حياة بدأت للتو.. ـ ص. 108 .

و نتفهم كقراء كل هذا التمرد من طرف الكاتبة / البطلة / القضية: هو ردة فعل إيجابية / سلبية ؟.. سلمية / عدوانية؟.. مستلبة / متحررة؟... كتبت ما يشبه السيرة الذاتية لطرح قضايا تتجاوز حدود الزمن و الجغرافيا.. أهمها على الاطلاق في هذه الرواية ـ ظاهرة العنف ضد النساء ـ ..

2 ـ سؤال المرأة / القضية و موضوع أطروحة الرواية:

من بين التيمات الرئيسة في الرواية "العنف ضد المراة" في مجتمع ذكوري تسوده عقلية القبيلة، و يتم عبر ملفوظات السرد و آلياته الأدبية / الفنية تشخيص هذا الواقع و تفكيكه و تحليله من بؤرة داخلية و خارجية (البطلة امرأة/ ضحية، و شاهدة، و كاتبة...)، مما يجعل القارئ يتساءل عن مدى مصداقية و موضوعية الطرح و الموقف و ردود الأفعال من طرف الأنا المرأة و القضية و الطرف في النزاع / الصراع، والساردة / الكاتبة / المؤلفة.. وهل علينا كقراء التعامل مع "أنا" البطلة / الكاتبة بصيغة المفرد، أم كذات مفرد / رمز تبحث عن ذاتها بصيغة الجمع (حياة ليست مجرد امرأة بل المرأة الفلسطينية ككل)؟..

و في رحلتنا عبر ربوع الرواية، حاولنا تقصي الحقائق من وجهة نظر الكاتبة / البطلة / الضحية، فتوقفنا في عدة محطات منها تمثل / تعريف الرجل / الذكر الأبدي L’éternel masculin كما العبارة الساخرة للمنظمات النسائية الغربية، تجليات العنف ضد المرآة، و الموقف من المرأة المتعلمة، و المرأة و القوانين و الأعراف و التقاليد السائدة.

فالكاتبة عبر ـ الأنا ـ الشبيهة تصرح بأن العنف ضد المرأة في أسرتها جيني وراثي: ـ ... بعد أن أنجبت محمود، من يحمل اسم جدي و وريث أبي، الابن الأكبر لسلالة في دمها يسري الظلم و الجور بالنساء... ـ ص. 14 .

نقرأ أيضا: ـ ... كأن العنف عندهم سلوك يتوارثونه في الجينات ـ . ص. 18 .

و أنها عاينته عن قرب و اكتوت به منذ بداية طفولتها الأولى، نقرأ: ـ ... كانت والدتي هاجر قد أنجبت أخي ثابت في ثلج يناير من شتاء 1992 م. بلغت من العمر حينها ثلاث قصائد و بضع أبيات من الخذلان و البرد، عندما صحوت على معنى العنف الأسري... ـ ص. 13 .

2 ـ 1 ـ تمثل / تعريف الرجل / الذكر الأبدي في الرواية:

نقرأ: ـ ... و كرهت شيئا اتصفت به النساء بالمجمل... ، و هو تعليم الرجال أنهم مصدر قوة البيت، حتى و لو بضربهم و تعزيرهم لأزواجهم و أخواتهم و بناتهم، فالرجل في عرفهم، صوته يجب أن يملأ البيت لتخافه النساء و يحسبن حسابه، و مهما أخطأ عليهن أن يطعنه دون نقاش. الواحدة منهن إن وقفت في وجه رجل البيت و قالت ـ لا ـ لأي أمر كان، يعتبرونها عاصية لزوجها و تحتاج لتأديب !... ـ ص.23 .

2 ـ 2 ـ بعض تجليات العنف ضد المرأة في الرواية:

ـ العنف الجسدي:

نقرأ: ـ ... مضت الأيام بطيئة، يضرب فؤاد أمي في شهورها الأخيرة من كل حمل، و يدعي أنها حوادث، و في المشفى يرغمها على الموافقة على أقواله أنها انزلقت عن الدرج أو الكرسي أو السلم و هي تعلق ستائر البيت، أو احترقت بالمكواة أو الماء الساخن أثناء الاستحمام... ـ ص. 27 .

ـ العنف اللفظي و المعنوي:

نقرأ: ـ ... نجوت و أخواي من أصل سبع بطون، آخرها كان بنتا، أختي التي طالما تمنيت أن تأتي لهذا الكون...، لكن سرعان ما تشاركت و والدتي الغصة و الممرضة تخبرني على الهاتف أن الله أخذ أمانته...، و عمتي ميسون عند رأسي و أنا أتحدث على الهاتف في بيت جدي، تسخر من وجعنا: ـ بلعون، هم الشمالية و خاصة اللاجئين هيك، بثمروش، بتموت خلفتهم. ـ ص. 27 .

2 ـ 3 ـ العنف الأسري و الموقف من المرأة المتعلمة في الرواية:

نقرأ: ـ ... تفوق البنات في الثانوية العامة منح الفتيات في القرية حلما كبيرا، يرغم العائلات على تسجيلهن بالجامعات من باب المفاخرة بتعليمهن.....، خيرني بين الجلباب و الذهاب للصف السابع في المدرسة الثانوية أو البقاء في البيت حتى يتقدم لخطبتي أحدهم، و هو احتمال غير وارد لي حينها، لأنه أرغم عمتي ميسون و عمتي زليخة على العنوسة، و رفض تزويجهما، بينما فرت عمتي هنية و عمتي حمدة و تزوجتا بوجود الشرطة رغم أنفه و أنف جدي، اللذين ادعيا أنهما دفعا الغالي و النفيس لتعليمهن، و من حقهما أن يعوضهما العرسان كل ما استثمراه في تعليمهن بالإضافة للمهر !... ـ ص. 32 .

2 ـ 4 ـ المرأة و القوانين و الأعراف و التقاليد السائدة في الرواية:

ـ عقلية القبيلة:

نقرأ: ـ ... عقلية القبيلة التي تسكنهم، و الغالبية ينحدرون من بيئة محافظة، ترغم الفتاة على لبس الحجاب، حتى لو لم تكن مقتنعة به، مثلما فعل والدي حين أرغمني على لبس الجلباب قبل بلوغي... ـ ص.32 .

ـ عقلية ضد الانفتاح على العصر في الرواية:

نقرأ: ـ... وشين بأمي، و ملأن رأسه بتفاهات غيرتهن لأنها اشترت لنا حاسوبا، لم يكن متوفرا لكل الأهالي في البلدة حينها، و ادعين أنها تصرف المال فيما لا حاجة لنا به و أن هذا الاختراع سيضيع وقتنا و يلهينا..... رمى بالحاسوب عن الطاولة فارتطم بالأرض و كسر... ـ ص. 34 و 35 .

ـ المرأة و بعض الأحكام القضائية الجائرة في الرواية:

نقرأ: ـ ... توجه أبي لديوان قاضي القضاة الشرعي، ليتخذ تدابير مهينة بحقي أنا، أراد أن يلوي ذراع والدتي بي، فاستصدر مرسوما يقضي بعدم تزويجي إلا بوجود وكيلي ـ والدي ـ و تم تعميمه على محاكم الضفة الغربية...... علمت بالقرار بعد سنوات، حين تقدم لخطبتي شاب من جنين.... يوم عقد القران في المحكمة، فتح القاضي ملفا أخضر و أخرج منه ورقة مطبوعة و مختومة بختم قاضي القضاة، و أخبرنا أنه لا يمكن لي الزواج حتى يتم إلغاء القرار، مما أشعل فتيل تمردي على فؤاد... ـ ص. 36 .

و من ثم التمرد حتى على عاطفة و مفهوم الحب، نقرأ:

ـ ... الحب !! أين سمعت هذه الكلمة ! يبدو أني قرأتها في الروايات و الشعر، تطرق أبواب صديقاتي و أصدقائي يعيشون جنونه و بعضهم يندم على الزواج عن حب و يفضلون الزواج التقليدي أو عريس الغفلة، بينما تحاول المسلسلات التركية و الهندية إثبات العكس للجمهور العربي... ـ ص. 9 .

خاتمة:

هي كما توقعنا رواية واقعية هدفها كما ورد في الصفحتين 7 و 8 ، كون: مربح الكاتب ما يمنحه للقارئ من تجربة و معرفة و وعي، لا قيمة للمال أمام بصمة نتركها في التاريخ.. كم أديب و فنان حمل اسم فلسطين للمحافل الدولية. صنع كوة في جدران هذي البلد و أسمع أصواتنا التي تتوق للطيران خارج أقفاص الحدود و سجون الاحتلال و... ـ.

لكن ـ الرواية كما وصفها عدد من الروائيين ـ و القول لقحطان بيرقدار ـ مجلة الألوكة الأدبية عدد 29/04/2009 ـ هي الفن الذي يوفق بين شغف الإنسان بالحقائق و حنينه الدائم للخيال، و لعل هذا الوصف ينطبق على الفن بصفة عامة و على الرواية و رواية السيرة الذاتية بصفة خاصة، حتى لو ادعى الكتاب أنفسهم غير ذلك إلا أن رواية السيرة الذاتية تبقى إلى جانب ذلك عملا أدبيا، أي لابد للخيال من أن يكون له دور فيه، فالنص الأدبي لا يكتسب صفته الأدبية إلا بالانتقال من الواقع إلى التخييل...

و هذه إشكالية أخرى، قد تكون مقاربة لقراءة ثانية لنفس الرواية.

هذا من جهة، أما من جهة أخرى، فأطروحة الرواية تفتح باب نقاش كبير و طويل على مصراعيه: لا يمكن اختزال العنف في العنف ضد النساء من طرف الرجل، قد يكون عكسيا في بعض الحالات و السياقات فينقلب من المرأة ضد الرجل، أو ضد الأطفال، أو ضد الأصول... الظاهرة أكبر من أن تكون ضد إناث أو ذكور أو فئة عمرية... و قد تتجاوز بعض الطروحات النظرية في علم النفس و علم الاجتماع و علم الاجرام القائلة بأن العنف وراثي عبر التقاليد و الأعراف أو عبر الجينات... و قد تتجاوز حتى شروحات أهل الدين القائلين ب ـ النفس الأمارة بالسوء ـ و إغراءات الشيطان... للاحتلال أو الاستعمار دور، و للأنظمة الديكتاتورية دور، و لأخطبوتات الرأسمالية المتعفنة يد متعفنة خبيثة رئيسة، و للسياسات العنصرية المتخلفة أياد و أرجل و أسنان.. النقاش مفتوح...


تعديل المشاركة Reactions:
سؤال الهوية، أم البحث عن الذات بصيغتي المفرد والجمع في رواية «أثلام ملغومة بالورد»

canyar

تعليقات
    ليست هناك تعليقات
    إرسال تعليق
      الاسمبريد إلكترونيرسالة