حاورته: تارا إيبو / خاص سبا
الفنان وليد زينو، من مواليد مدينة عفرين الكوردية، خريج جامعة حلب
فرع الهندسة الميكانيكية، عضو مؤسس لجمعية (رنك آرك) للفن التشكيلي، مقيم حالياً في
الدانمارك، كان لموقع (سبا) الثقافي حوار خاص معه.
إلى نص الحوار:
-
متى اكتشفت في داخلك شخصية (الفنان)؟
أنا تعرفت على الفنان القابع داخلي بعد تخرجي من الجامعة والتحاقي
بالخدمة الإلزامية العسكرية، حيث فرزت إلى منطقة شبه صحراوية، كل الاتجاهات فيها
رملية خالية من الحياة، فقط أنا وزملائي، جلبت بعض من الجص، بدأت أشكل عجينة منه،
وأصنع التماثيل، عند أول انجاز لي اندهش زملائي، ولم يصدقوني، إنه العمل الأول لي،
عند كل زيارة إلى المنزل كنت أجلب لهم معي منحوتة، هكذا بدأت قصتي مع فن النحت،
وبعد انتهائي من الخدمة الإلزامية انتسبت إلى معهد فتحي محمد للفن التشكيلي في
مدينة حلب، من أجل صقل موهبتي الفنية.
-
بماذا يختلف النحّات عن الفنان الذي يرسم لوحات فنية؟
هنا فن وهناك فن، إذاً ليس هناك اختلاف في الجوهر، في كلا الحالتين
هناك تجسيد لروح الفنان الذي يقوم بانجاز المنحوتة أو اللوحة، لكن هناك اختلاف
بأدوات انجاز العمل الفني.
-
بماذا تفكر عندما تقف أمام كتلة حجرية؟
أفكر بالذي داخل الكتلة، كما قال مايكل أنجلو "أنا أتخيل التمثال
الذي داخل الكتلة الحجرية، فقط أنا أرفع الغطاء عنه بأعمال النحت"، أنا كذلك،
لا أستطيع أن أمشي على الحجر أو أن أنظر إلية كإنسان عادي، دونما أن أفكر بالذي
داخل هذا الحجر أو الصخرة التي تقع ناظري عليها بخلاف الإنسان العادي يهتم بالصخرة
بعد نحتها.
-
ما الفرق بين العمل بالصلصال والنحت في الحجر؟
العمل في الصلصال يمر بمراحل عدة، هو عملية بناء تبدأ بالعجينة، ويجب
أن تكون العجينة متجانسة تماماً، وتبدأ عملية بناء العمل الفني، ومن ثم يجف ويمر
بمرحلة الشواء من أجل مقاومة العوامل الخارجية.
أما العمل بالحجر يجب أن نختار الكتلة الحجرية المناسبة للمنحوتة
المراد نحتها، متى وصلنا إلى المراد منها نتوقف تصبح جاهزة للعرض.
-
وهل يجوز التراجع عن الخطأ في فن النحت؟
الخطأ في النحت مميت، أي خطأ يدمر القطعة الفنية، إذ لا سبيل عن
الرجوع عن الخطأ، يجب أن يعمل الفنان بحذر وبنعومة مع المنحوتة التي يعمل عليها، وكذلك
في الصلصال يجب أن تكون العجينة متجانسة وخالية من الفراغات، أثناء تحضيرها يحدث
الانفجار للتمثال في مرحلة الشواء ويتحطم وينتهي بسبب تلك الفراغات.
-
ما سبب عدم تطور فن النحت في العصور الإسلامية؟
بسبب العقيدة الإسلامية التي تحرم هكذا فن وتجسيد أي شيء حي في لوحة
أو منحوتة فنية، لكن بالمقابل ظهر فن الأرابيسك الذي تجدينه فن خالٍ من الرسوم
الحية للكائنات البشرية والحيوانات. الأرابيسك هو عبارة عن أشكال هندسية وزهور وأوراق
الشجر والثمار. هو التزويق. أي الزخرفة على واجهات القصور والجوامع وحتى آثاث
المنازل، وسمي هذا الفن في فرنسا بالأرابيسك.
الفنان الذي يعمل في فن الأرابيسك يجرد النقوش من شكلها الطبيعي حتى
لا تعطي إحساساً بالذبول والانتهاء لتعطي الإحساس بالراحة والاستمرارية، وأيضاً
الأرابيسك يشمل فنوناً مساندة له كالحفر والزخرفة والخط والرسم والنقش والتطعيم.
-
لماذا يعتبر لغة النحت هي الحاضرة والأقوى حضوراً بين الناس
على مر التاريخ؟
النحت هو فن قديم جداً يعود تاريخه إلى أكثر من 4500 سنة قبل الميلاد،
وهو فن مرئي بصري توضع المنحوتات في الساحات على مداخل المدن والمعابد والمتاحف
والقصور والقلاع، حتى في الحقول، إذاً هو الأقوى حضوراً بين الناس، لأنه موجود في
أماكن تواجد الناس ويخلق حواراً بينه وبين البشر بشكل دائم ومستمر، ونجد فن النحت
باختلاف أشكاله في الحضارات القديمة الفرعونية والرومانية واليونانية، من خلال
المنحوتات قرأنا روح العصور القديمة وتعرفنا على الحضارات وثقافات الشعوب التي
سبقتنا منذ عصور.
-
أيهما أطول عمراً بين المنحوتات؟
المنحوتات التي تنحت في الصخور أطول عمراً، إذ تتحمل العوامل الطبيعة
بدليل تلك المنحوتات التاريخية في الأماكن الأثرية ما زالت موجودة حتى عصرنا الحالي.
-
حدثني عن جمعية (رنك آرت) للفن التشكيلي. كيف تأسست وأنت
عضو مؤسس فيها؟
هي بالأساس كانت مجرد فكرة طرحت من قبلنا أنا والفنان عنايت عطار
والفنان عيدو الحسين عبر السكايب، وبدأنا نعمل عليها وتناقشنا حول اسمها وتم اختيار
الاسم وشعار الجمعية بالاتفاق بيننا، وبدأنا نحن الثلاثة نتواصل مع الفنانين
الكورد المنتشرين في هذا العالم، وبالفعل استطعنا أن نجمع عدداً جيداً من الفنانين،
وأن نضمهم إلى هذا العالم الافتراضي عبر صفحة الفيس بوك الخاصة بجمعية رنك آرت،
ونحن مازلنا في العالم الافتراضي، أقمنا معرض للفن التشكيلي في مدينة بون
الألمانية بالتعاون مع جمعية ياسا الحقوقية بإدارة الأستاذ جيان بدرخان، وضم هذا
المعرض تسع وعشرين لوحة لعشرين فناناً تشكيلياً كوردياً، تبرع بها فنانون وبيعت
اللوحات بالمزاد العلني خلال المعرض وعاد ريعها كمساعدات لعوائل منكوبة في مدينة
عفرين، من خلال لجنة شكلت من قبل الأهالي في مدينة عفرين، وأقمنا معرضاً فنياً آخراً
مشترك بمساعي الأستاذ عنايت عطار والأستاذ عيدو الحسين في مدينة أنجية الفرنسية
يضم لوحات لتسع فنانين كورد وعشرين فناناً فرنسياً، وبيعت الأعمال الفنية المعروضة
وعادت ريعها من خلال الصليب الأحمر الكوردي لمساعدة أهالي مدينة عفرين.
وبتاريخ 25 – 26 / 12 / 2018 انتقلنا من العالم الافتراضي إلى عالم
الواقع، حيث عقدنا المؤتمر التأسيسي الأول للجمعية في مدينة زيغبورغ – بون
الألمانية، حيث اختيرت مدينة كولن الألمانية مقراً للجمعية، ومن أبرز الشخصيات
الفنية التي حضرت المؤتمر الفنان برهم حاجو والفنان نظام الدين آريج ولفيف من
الفنانين الأعضاء، ووضع النظام الداخلي للجمعية وأصبحت جمعية رسمية معترف بها من
الجهات الرسمية في مدينة كولن الألمانية، ووزعنا شهادات على الفنانين التشكيليين تحمل
تواقيع الفنانين برهم حاجو والفنان نظام الدين آريج تكريماً لمسيرتهم الفنية
الغنية بالعطاء، وللأسف كان من المفترض أن تحمل الشهادات توقيع الأستاذ الفنان
عنايت العطار أيضاً لكن بسبب مرضه وإجراء عملية في قدمه لم يستطع الحضور، وتم انتخاب
السيدة الفنانة التشكيلية الزميلة نسرين بيام رئيسة للجمعية.
-
كلمة أخيرة.
في الواقع لكم بليغ الشكر والامتنان لإضافة طيف الفن التشكيلي الكوردي
على موشور موقعكم الفكري والثقافي والأدبي (سبا) المزركش، هذا كان لقاءً شيقاً
رشيق الإيقاع على نفس الفنان المرهفة التي تأبى الحصار والتحقيق؛ الأمر الذي تداركتيه
بحرفية، كما آمل لمنبركم هذا كل الموفقية والنجاح في رصد كافة إشعاعات الفكر
والثقافة الكوردية بكل مشاربها.