-->
U3F1ZWV6ZTEzNzUzMDQwMTQxX0FjdGl2YXRpb24xNTU4MDI5NzIxNDY=
recent
جديدنا

كفاءات ومواهب وأصوات من بلدان «تامزغا» خارج الحدود


ظاهرة استقالة المثقف صانع نظريات نسقية لاستشراف مشاريع مجتمعية مستقبلية، و ظاهرة التطرف السياسي و الديني و الاجتماعي، و المنظومة التربوية بين إرادة الإصلاح، و إكراهات الإفلاس
العدد الثاني :
عدد اليوم يستضيف من بلجيكا:
المغربية الإطار الجمعوي الأستاذة الباحثة في علوم الاعلام، و علوم الاجتماع و السياسة: الدكتورة عائشة باشا.
محور اليوم مع  د. عائشة باشا:



                                                         ذ. بوزيان موساوي. وجدة/ المغرب.


تمهيد:
تتواجد مجتمعاتنا اليوم في منطقتنا المغاربية (تامزغا) وسط منعطف مصيري خطير.. لأنها بسبب إكراهات إقتصادية، و جيوـ سياسية و تاريخية، لم تتمكن من رسم خُطى تطورها، و نموها بشكل طبيعي، رضوخا لحتمية تاريخية خاصة بها...
مجتمعات عايشت، في احتكاك مستمر، و منذ الأزل، من المحيط إلى الخليج، حضارات و ثقافات الرومان، و الإغريق، و الوندال، و الفينيقيين، و القرطاجيين، و الفراعنة، و العرب، و الأفارقة... وبعدها استعمارا تقليديا من لدن دول غربية من القارة العجوز مثل الفرنسيين، و الإسبان، و الانجليز، و الايطاليين، و البرتغاليين... و اليوم عصر العولمة، و اللبرالية المتوحشة، و تحكّم اللوبيات الاقتصادية العالمية، و أخطبوط القوى العظمى في مصير دول و شعوب. المنطقة.
إختلطت فيها أنماط العيش منها القبلي المتشبع بتقاليد و أعراف الرحّل و أشباه الرحل، و منها الشبه حضري، و منها المتمدّن بالمعنى الحديث.. و تاعيشت داخلها، في حالات السلم، كما في المواجهات، و الاصطدامات، ديانات، و عقائد، و مذاهب دينية مختلفة من وثنية، و يهودية، و مسيحية، و إسلام، و طرائق صوفية مثلتها مختلف الزوايا... إضافة لتأثير أيديولوجيات عابرة للقارات أيام الحرب الباردة... و استفحال ظاهرة التطرف، و التعصّب باسم الدين في الآونة الأخيرة..
اليوم، يتولّد و بشكل تدريجي، و محتشم، وعي ينقصه النضج و الجرأة، لدى المواطن العادي، كما لدى النخب المثقفة، و السياسة، و الاقتصادية... و عي بالظرفية المتأزمة في جميع المجالات الحيوية وجوديا، و معيشيا، و مصيرا... يسترعي وُجوبا ضرورة هندسة نماذج من مشاريع مجتمعية جديدة، و طلائعية، و عقلانية لتخطّي واقع الإفلاس الحالي..


و لأن المثقف (والباحث الأكاديمي على وجه الخصوص) يتحمّل مسؤولية الانخراط في هندسة خريطة طريق ممكنة من خلال بلورة مشاريع مجتمعية ممكنة، أكثر من رجال السّياسة ( باعتبار السّاسة مجرّد وجوه عابرة.. وليدة صناديق اقتراعات مثيرة للجدل..)، ارتأينا من خلال هذه الصفحة المتواضعة، الدعوة للنقاش الحرّ، و البنّاء، بعيدا عن اللغة الخشبية، و الخطابات السّياسوية الضّيقة، و من ثمّ الاستماع لآراء فئة متنورة من مثقفينا الشباب الحاملين لهمّ مجتمعاتهم، و لمشعل التغيير الممكن..
و من بين أهم الإشكالات التي تطرقنا إليها في حوارنا الشيق مع الاطار الجمعوي، الأستاذة الباحثة في علوم الاعلام، و علوم الاجتماع و السياسة الدكتورة عائشة باشا من الجامعة الحرة (بلجيكا):
ظاهرة استقالة المثقف صانع نظريات نسقية لاستشراف مشاريع مجتمعية مستقبلية، و ظاهرة التطرف السياسي و الديني و الاجتماعي، و المنظومة التربوية بين إرادة الإصلاح، و إكراهات الإفلاس..
ـ 1 ـ ظاهرة استقالة المثقف صانع نظريات نسقية لاستشراف مشاريع مجتمعية مستقبلية،
تقول الدكتورة عائشة الباشا:
بعض الأجهزة الحكومية في بلداننا تضيق الخناق على المثقفين، وحريتهم في التعبير، وتضعهم في في مواجهة رقابة تعسفية وقوية. ومع ذلك ، فإن المقاومة التي تعارض الرقابة هي بالتحديد ، تناضل من أجل الحق في هذا المجتمع ، تتم مراقبة المفكر والسيطرة عليه وإعاقة نشاطه ، وفي ظل الظروف "العادية" ، يتمتع بسلطة أقل من زملائه في الغرب. ومع ذلك ، فإن هذه الظروف "الطبيعية" يتم استجوابها بلا كلل ، ولا يتم التعرف عليها من قبله كـ "طبيعية". وأحيانًا يُقدم المثقف إلى العدالة ، ويُدان ، أو يُسجن والآمثلة كثيرة في وطننا الكبيرالحبيب، ومع ذلك ، تنشأ مواقف جديدة بشكل مستمر... هناك غياب تام لتضامن المثقفين مع بعضهم البعض لكي تصبح قوتهم حقيقية... كما أنظروفهم الاقتصادية و المعيشية.. مزرية لا تشجعم على العطاء.. لذا أرى أنه من الضروري بمكان تحسين عرض التعليم، ورفع درجة الوعي السياسي...



ـ 2 ـ ظاهرة التطرف السياسي و الديني و الاجتماعي:
تقول الدكتورة عائشة الباشا:
بخصوص هذا المحور، سأتحدث هنا عن المشهد البلجيكي الإسلامي ، وعشرات المنظمات التي تدعي أنها تمثل مجتمعنا، و التي تتصارع فيما بينها ، كل واحدة منهما تريد بسط السيطرة على الساحة . المسلمون هنا، منقسمون إلى عدة معسكرات متنافرة ، وينفقون الكثير من الأموال لمحاربة بعضهم. بدلاً من المساهمة والاستثمار في إنشاء المؤسسات التعليمية والبحث عن "المعرفة" ، هم يستثمرون لفرض "طريقتهم في الاعتقاد" التي يمكن أن تأخذ عدة جنسيات ، تركية أو مغاربية أو ايرانية…. يجب الاعتراف بأن كل مظاهر "العقيدة" الإسلامية من غير المرجح أن تكون تلك التي يدافع عنها مسلمو بلجيكا. يعكس هذا التشرذم الأيديولوجي واللاهوتي للمشهد الإسلامي في بلجيكا الانقسام وعدم التوافق بين المسلمين حول العالم. ولن أتحدث عن كيف يفرض بعض أفراد مجتمعنا إدراكهم للأشياء بشكل مختلف أو كيف يقاتلون أولئك الذين ينجحون ، دعونا نتحد ونتحكم في الأنا النرجسية. دعنا نسأل أنفسنا عن الصورة التي ننقلها للأخر. نطلق دعوة مفتوحة للعلماء والمفكرين والسياسيين والمحامين والإعلاميين والاقتصاديين الدينيين والثقافيين لتنظيم وفتح ورش عمل حول وضع الجالية للمسلمين في العالم. ، اقتراح حلول للمشاكل التي تواجههم وفقا للقوانين الدولية. دعونا لا ننتظر من "الآخرين" إيجاد حلول لمشاكلنا التي نعرفها بشكل أفضل من أي جهة أخرى.. تخيل أن الجالية المسلمة لم تقم طقوس أضحية العيد (مرغمة)، الأمر الذي جعل كل أسرة مسلمة ببلجيكا تقتصد أكثر أو أقل من 200 يورو للعام الواحد. يمكن استخدام الأموال التي تم جمعها لإنشاء مختبرات للبحث العلمي، أو متاحف و معارض لإبداعات أطفالنا أو حتى بناء جامعة أو مسارح ...
لقد حان الوقت لجعل مكافحة الإرهاب أولوية عاجلة دون تسامح أو تهاون. لقد أثبت التاريخ مدى معاناة البشرية من أيديولوجية العرق الأدنى ، حيث بدأت معظم عمليات الإبادة الجماعية في العالم بهذه الأيديولوجية التي تؤدي إلى ارتكاب جرائم ضد الإنسانية. نختتم بالقول إن ذكرى الضحايا الأبرياء في كرايستشيرش ، بروكسل ، لييج ، باريس ، مدريد ، كوبنهاغن ... ستبقى حية في ضمير الأمم....
ـ 3 ـ المنظومة التربوية بين إرادة الإصلاح، و إكراهات الإفلاس..
تقول الدكتورة عائشة الباشا:
في سياق التحولات الإقليمية و الكونية والتكنولوجية التي باتت أكثر من أي وقت مضى تستلزم بناء مدرسة جديدة تكون في مستوى متطلبات القرن الواحد والعشرين بما يحمله من تحديات اقتصادية وسياسية وثقافية واجتماعية . إذ وجد النظام التعليمي المغربي نفسه في مناخ دولي شديد المنافسة، وأضحى على المغرب بالياته الإدارية والمؤسساتية صياغة إصلاح يضمن الحد الأدنى من الشروط لتحقيق التنمية الشاملة. وتبعا لما كان لخطاب جلالة الملك في 20 غشت 2013 من أثر في تحريك الآليات الإدارية و الدستورية الموكول إليها النظر في موضوع التعليم، فقد عملت وزارة التربية الوطنية على تنظيم لقاءات تشاورية من 28 أبريل إلى منتصف يوليوز 2014 على مختلف الأصعدة مركزيا وجهويا وإقليميا ومحليا خلصت إلى تجميع تقارير تنتظر التفعيل في إطار منظور جديد للإصلاح. في السياق ذاته نظم المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي من 14 إلى 30 أكتوبر 2014 لقاءات مماثلة بمقاربة مختلفة شملت بالإضافة إلى ممثلي التعليم الابتدائي والثانوي ممثلي التعليم العالي و هو ما شكل خلال هذه السنة رجة قوية داخل المجتمع لإعطاء إصلاح التعليم بعدا اجتماعيا ووطنيا ، بل استراتيجيا لما لإصلاح المدرسة العمومية من رهانات على مستقبل المغرب الحضاري في كل أبعاده، غير أن الإطلاع على بعض التقارير التي صدرت عن اللقاءات السابقة الذكر، و من باب توسيع دائرة الحوار على مستوى الإعلام فان إشكالية الإصلاح تستوجب الوقوف عند مجموعة من الملاحظات بناء على ما ورد في التقارير الخاصة بالمشاورات المنظمة من طرف الوزارة والمجلس الأعلى يمكن الإشارة إلى بعض منها : إن قراءة بعض التقارير توحي بان وضع إصلاح التعليم في المغرب يشبه قصة ذلك المعذب في الأرض سيزيف في الأسطورة اليونانية المحكوم عليه بإيصال صخرة إلى قمة الجبل تسقط منه كلما حاول ذلك، ووجه الشبه بين المثالين هو تكرار المحاولات. والاقتراحات الإصلاحية دون جدوى حيث نجد أن الوزارة الوصية عاجزة عن إيجاد السبيل إلى الطريق القويم وهو ما يكشف عن خلل عميق في مقاربة الإصلاح الذي أصبح كل مشروع يمتص ميزانيات ضخمة من ميزانية الدولة دون تحقيق الحد الأدنى من النتائج المرجوة بل يزداد الوضع تفاقما وسوءا على ما كان عليه في السابق ، وهذا ما أكده جلالة الملك في خطاب 20 غشت 2013 حيث قال: “غير أن ما يحز في النفس أن الوضع الحالي للتعليم أصبح أكثر سوءا، مقارنة بما كان عليه الوضع قبل أزيد من عشرين سنة.” إن هذا التراجع يكشف بشكل سريع أن المنظومة التعليمية في المغرب ما تفتقده هو آلية للضبط على جميع المستويات ،من المحلي إلى المركزي، تمكن من استباق حدوث المشاكل وتفاقمها للتمكن من تجاوز جميع الإكراهات التي تبرز من حين لأخر ،وكي أسوق مثالا بسيطا من المدرسة نفسها فإننا في نظامنا التربوي والإداري نراكم تسجيل التغيبات للتلاميذ لنراسل الآباء، لتنتهي

 العملية في أسوء الأحوال بطرد التلميذ أو تغيير مؤسسته دون أن تتمكن المؤسسة من إدراك الصعوبات النفسية و التعلمية التي حالت دون وصول التلميذ إلى الوضع السيئ الذي جعله يتعثر في مساره الدراسي ، إلى غير ذلك من وضعيات مشابهة تهم الهدر المدرسي الذي يقذف بالآلاف من التلاميذ خارج المدرسة كل سنة . يتفق كثير من المتتبعين والمهتمين بالشأن التعليمي أن موضوع الإصلاح ظل يخضع خلال عقود لمنظور تجزيئي سطحي بل ظرفي ، حيث افتقدت الوزارة المعنية إلى نظرة استراتيجية لهذا الورش الهام الذي يشكل أساس كل تنمية ، ولم نعد في حاجة إلى برهان على ذلك ، فكل الدول التي راهنت على الرأسمال البشري والاجتماعي حققت أحسن النتائج على مستوى النمو الاقتصادي . فقد شكل البرنامج الاستعجالي بداية حسنة لتثبيت العمل بمنطق البرنامج والمشروع غير أن الحسابات السياساوية والصراع بين الأحزاب حال دون الاستمرار في تحقيق التراكم المطلوب. فشل مشروع التعبئة والتواصل حول المدرسة :عند قراءة التقرير الوطني صفحة 22 نصطدم بحقيقة مؤلمة أن جميع الأحزاب لم ترد على مذكرة الوزارة فيما يتعلق بمقترحاتها بشأن الإصلاح وهو واقع ينم عن بؤس في التواصل بين قطاع حكومي استراتيجي وأحزاب أخذت على عاتقها مسؤولية تدبير الشأن العام في الماضي والحاضر، وكيف ما كان الحال فالموضوع كان يحتاج إلى عناية تتجاوز مجرد تراسل إداري روتيني، كون أن المدرسة تعد شأنا وطنيا . في مقابل ذلك تجاوبت الأحزاب السياسية مع المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي بمذكرات نشرها هذا الأخير على صفحات موقعه الالكتروني وتتباين الأحزاب في مقاربة تناول الموضوع وحجم المذكرات المرفوعة إلى المجلس . من جهة أخرى فإن الإطلاع على التقرير الوطني لوزارة التربية الوطنية و بعض التقارير الجهوية للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي يكشف عن خجل المتدخلين في إثارة إشكالية ربط المسؤولية بالمحاسبة ، وهو قلب أزمة التعليم ، لأنه عندما تغيب المحاسبة تتفاقم الفوضى واللامسؤولية .فقد أصبح المنطق السائد منذ سنين يختزل في مبدأ “سلك” أي غض البصر عن التجاوزات مما أوصل المؤسسة التعليمية إلى وضع مزري ويتجلى ذلك في عدد حالات الغش في الامتحانات و لا أحد يحاسب أحدا عن هذا الوضع الذي أدخل المدرسة في حالة غيبوبة تتنفس بجرعات أكسجين من النفاق الاجتماعي الذي ينكشف بسرعة على مستوى الروائز الدولية والتقارير التي صنفت المغرب في خانة دول تمتلك قدرات أقل منه بكثير. الفساد الإداري والتربوي والمالي : هذا الوضع الذي وصلت إليه المدرسة تتجلى أعراضه في تدني المستوى من جهة ، وتفاقم البطالة من جهة أخرى، مرده إلى الفساد الاداري، حيث لم تعد الإدارة قادرة على الضبط ، لا على مستوى تدبير تغيبات التلاميذ أو الأساتذة ،أو حتى محاسبة المسؤولين بمختلف مراتبهم بسبب تداخل النقابي والسياسي في الإدارة، مما خلق جوا من عدم الثقة وفساد منظومة القيم حيث تراجعت قيم الجدية والعمل إلى طغيان شبكة الزبونية في كثير من الحالات مما أوصل الوضع إلى ما هو عليه اليوم ، ناهيك عن الفساد المالي الذي تصرف فيه الملايير من السنتيمات...
شكرا للصديقة الدكتورة عائشة الباشا التي تفضلت بالتطرق من وجهة نظرها لبعض رؤوس أصابع المحاور المطروحة التي تحتاج (كما قالت) لدراسات طويلة و عميقة، و من منطلقات و وجهات نظر مختلفة...
و باب النقاش و التبادل في إطار احترام الرأي و الرأي الآخر مفتوحا
مع تحايا فقرة " كفاءات و مواهب و أصوات من بلدان "تامزغا" خارج الحدود"، و الأستاذ بوزيان موساوي.

تعديل المشاركة Reactions:
كفاءات ومواهب وأصوات من بلدان «تامزغا» خارج الحدود

canyar

تعليقات
    ليست هناك تعليقات
    إرسال تعليق
      الاسمبريد إلكترونيرسالة