عن دار نوفل
المبدأ الأوّل – بما أنّني أقف عاريًا أمام الصواني، مثل أفراد الهومو
سابيان الأوائل، في القطعان البشريّة الأولى، أعلنت: كلّ كائن بشري هو في أصله
إنسان، لا قرد يقفز على الشجر، كما يسخر منه منتقدو الداروينيّة، من كهنة المعابد
الدينيّة، ولا حمار غبي، كما يراه العسكر في بلادنا. وهذا يعني أنّ الإنسان كائن
بشري، له حرمة الدم واعتبارات الكرامة الإنسانيّة.
المبدأ الثاني – ارتديت ملابس عصريّة، بذلة أنيقة وربطة عنق فاخرة،
مثل مدير عام في إحدى المؤسّسات الرسميّة في بلدنا، حيث تهبط عليه من السماء في
ليلة وحي عسكريّة، وهو يؤدّي الصلاة في بلاط الجنرال، أربع سيّارات، ومزرعة
استجمام، وشركة عقاريّة، وعشيقات عدّة، وأعلنت: جميع البشر، الذين يعودون في
أصولهم إلى الهومو سابيان الأوائل، لا إلى القرود أو الحمير، متساوون أمام
القانون، في دولة المؤسّسات، وهذا يعني أنّ لهم الحقوق والواجبات نفسها، من دون
تفرقة بينهم بالدين، أو الطائفة، أو العشيرة، أو الانتماء الإثني، أو بعدد
الممتلكات، التي تهبط عليهم من السماء، في ليلة الوحي العسكريّة.
المبدأ الثالث – خلعت ملابسي العصريّة، وارتديت ملابس فلكلوريّة من
بلدي: شروالًا درزيًّا، وفوقه ثوبًا كهنوتيًّا مسيحيًّا، ورداء طويلًا علويًّا،
وعمامة سنّيّة، وقلبقًا شركسيًّا، وعباءة تركمانيّة، وزنّارًا كرديًّا، وخفًّا
إسماعيليًّا، ووقفت بها مختالًا كالطاووس أمام الصواني، وأعلنت: لا تشكل الأصول
الدينيّة، أو الطائفيّة، أو العشائريّة، أو الإثنيّة، مادّة للخلافات والمنازعات،
سواء على المستوى المحلّي، أو الإقليمي، أو الدولي، وإنما تنتج كلّ واحدة منها
ثقافة فرعيّة مميّزة، ترفد الثقافة الجمعيّة القائمة على التعدّديّة بغنى متنوع،
ما يؤدّي إلى إنتاج هويّة وطنيّة متميّزة، تجمع المواطنين معًا.
المبدأ الرابع – خلعت الملابس الفلكلوريّة، وارتديت بيجامتي المحلّيّة
بافتخار، وأعلنت: ليس للباس المبرقع المموّه الملوّث بالدم، الذي يرتديه العسكر،
أيّ علاقة بالثقافة الوطنيّة الجامعة في بلدنا، وإنّما يشكّل ثقافة دخيلة على
حياتنا، آتية بأصولها من مراحل وحشيّة في تاريخ البشريّة، تطوّرت على أيدي جلاوزة
من القادة المجانين الغريبي الأطوار المتوحّشين، من أمثال نيرون، وكاليغولا،
وهولاكو، وتيمورلنك، وهتلر، وستالين، وفرانكو، وبينوشيه، وبول بوت، وماوتسي تونغ،
وكيم إيل سونغ، ومن سار على دربهم من القادة العرب بنجومهم العسكريّة
والمعلوماتيّة، وهؤلاء كنماذج فقط.
المبدأ الخامس – شددت بيجامتي على جسدي، وأعلنت: تتخلخل الحياة في
بلدتي، ومثلها في البلدات الأخرى، بغياب طبيب، أو مهندس، أو لحّام، أو خيّاط، أو
بائع حلويات، أو إسكافي، ومن مثلهم. كما لا يمكن العيش فيها من دون النشاطات
الاجتماعيّة الضروريّة، مثل الرقص في الأعراس، والخروج في مظاهرات معارضة للنظام،
وارتشاف القهوة على الشرفات، وتأمّل مؤخّرات النساء في الشوارع. وعلى العكس
تمامًا، لا تتعطّل مظاهر الحياة أبدًا بغياب رجال الدين عن جميع البلدات، ومن كلّ
الأديان والطوائف، وعلى اختلاف عمائمهم، من دون تمييز، لا بل يتحسّن إيقاع الحياة
نحو الأفضل، من دون طقوسهم وشعائرهم العبثيّة، وتنتفي بالتالي مبررات الحروب
الطائفيّة والأهليّة، ومذابحهما الجماعيّة. لذلك، فإنّ مجتمعًا بلا رجال دين هو
خطوة أولى أساسيّة للتقدّم الإنساني الحضاري.
المبدأ السادس – خلعت بيجامتي، وعدت عاريًا من جديد، وأعلنت: إذا ما
اجتمع شابّ وفتاة، مهما كان انتماؤهما الديني أو الطائفي أو الإثني، على سرير
عاريين، أي بلا ملابس خارجيّة تدلّ على هذه الأصول، وبلا ملابس داخليّة تدلّ على
انتمائهم الطبقي، واستلطف بعضهما بعضًا، فإنّهما يستطيعان ممارسة الجنس بشكل طبيعي
وشاعري، وينتشيان عميقًا. ويمكن أولادهما المجيء إلى الحياة من بين فخذي أمّهما،
لا من طريق سلّة يحضرها لقلق من السماء، وينمون من دون ذيول عفاريت، أو قرون
شياطين، أو أجنحة خفافيش، كما يدّعي رجال الدين، عند زواج شابّ وفتاة من دينين
مختلفين، أو طائفتين متغايرتين. لذلك، يحقّ لجميع الشباب والفتيات التمتّع بحقوق
الزواج المدني، ونثر الرزّ عليهم أمام البلديّة أو المحكمة المدنيّة عند إجراء
العقد، كطقس قديم للإخصاب الطبيعي، وبغض النظر عن أيّ انتماء لهم، ما داموا ينتشون
بعمق بالعملية الجنسيّة، ويأتي أبناؤهم إلى الحياة طبيعيّين، وأصحّاء، ويستطيعون
الرقص.