مجد أوزون علي – ألمانيا / خاص سبا
حتى
ذكرياتي الأكثر ترسُّخاً في ذهني، تغيبُ شهوراً وأعواماً، ولكن ذكراك طوال وقتي
حاضرةٌ، وتأبى إلا أن تكونَ فاصلةً بينَ كلِّ الذكرياتِ، التي عشْتُها بعدَك...
لم
يكنْ هناك يوماً خرجْتُ به للخارج، ولم أرَ ملامحَك في وجوه المارّةِ، حتى أني لم
أعدْ أؤمنُ أن هناك أربعين شبيهاً، أو لا يجدرُ بها أن تُقالَ عنك...
فملامحُك
لا تكفيها من الوجوه الأربعين، بل لا تكفيها ألفاً ولا مليوناً...،
ملامحُك
في كلّ وجوهِ العابرين مُكرّرةٌ، وأشياؤك وتفاصيلُك في كلّ الأماكنِ مُتناثرةٌ...
الأماكنُ
الجديدةُ، التي لم أزرْها من قبل، كلّما زرْتُ منها مكاناً وجدْتُ بها اسمَك على
الجدران واللافتات، وفي أسماء المحلّاتِ والشوارع...
وحدتي
التي أعشقُها بدرجة واحدةٍ أقلُّ من جنون عشقي لك، لم تعدْ تخلو من حضور طيفِك
ودردشاته الطويلة...
أذكر
جيّداً، عندَما فاجأَني طيفُك، وأنا بينَ أصدقائي، فابتسمْتُ له، ورأَتْني فتاةٌ
من بين الحضورِ، فقالَتْ ساخرةً من ابتسامتي دون سبب: «أتبتسمُ لملائكتك؟!». فضحكَ
الجميعُ، وأجبْتُ في داخلي «بل ملاكٌ واحدٌ...».
إليك
سرّاً اعتبريه سرّاً من أسراري العلنية، قبلَ بزوغك في إحدى أيّامي، كنْتُ أرفضُ
حدَّ التطرّفِ فكرةَ العيشِ على الذكريات، أما بعدك فقد استسلمْتُ لذكراك، وأصبحْتُ
أعيشُ عليها، كيف أقاومُها، وأنا أتنفّسُها؟! بل أشعرُ أن نسبتها في الهواء الذي
أستنشقُه تفوقُ نسبةَ الأُكسجين.
ذكراك
طوال وقتي حاضرةٌ.