بوزيان موساوي – المغرب / خاص سبا
تحت عنوان: تَغرفُ من البحر... و تشكّل الحجر
ـ المكان: قرية بسنادا محافظة اللاذقية بسوريا.
ـ الزمان: ظرفية تاريخية حرجة لإحدى أمهات الحضارات الانسانية: بلاد كنعان/ الشام/ سوريا.
ـ البطلة: امرأة عاشقة للبحر .. تجوب مواطن حجارة "الصافون" من "بحر الفينيقيين" في "أغاريت"، و "البسيط"، و "وادي قنديل": الفنانة التشكيلية: الأستاذة هيام علي بدر.
ـ جنس الفن: "التشكيل بصفّ الحصى".. فنّ وُلد عند الفنانة الأستاذة هيام علي بدر، و قبلها مع شقيقها الفنان التشكيلي و الأديب المبدع نزار علي بدر مع الأحداث السورية التي بدأت سنة 2012.
ـ الأداة: حجر "صافون": حجر ناعم الملمس من 800 تشكيل موزّع... نسبة ل "جبل الأقرع" عرش الإله السوري القديم "هدد"... كانت ل"هدد" أهمية كبيرة في أساطير الساحل السوري لا سيما في ميثولوجيا مدينة "أوغاريت" (هي مملكة قديمة في سورية كشفت أنقاضها في تل أثري يدعى "رأس شمرا" وكذالك في ر"أس ابن هاني" تتبع محافظة "اللاذقية" على مسافة 12 كم إلى الشمال من مدينة "اللاذقية" على ساحل البحر الأبيض المتوسط)...
ـ الرسالة: تقول الأستاذة هيام علي بدر: "في حقيبتي أجزاء الوطن و الحب و الحرب و السلام و الفراق و العشق..."
ـ المقام : مقاربة نقدية تعريفية بالأعمال التشكيلية الفنية الراقية للفنانة التشكيلية الأستاذة هيام علي بدر..
لعبارة "يغرف فلان من بحر"، و "ينحت من صخر" دلالة في اللسان العربي الفصيح: فعن رواية لمالك بن الأخطل الشاعر (وردت هذه القصة في البيان والتبيين للجاحظ ، ج 4، ص 273)، غذ قال لأبيه بعد عودته من العراق:
"وجدت جريرًا يغرِف من بحر، ووجدت الفرزدق ينحِت من صخر".
قال الأخطل: "الذي يغرف من بحر أشعرهما".
وظيفة هذه المرجعية اللغوية الأدبية لا علاقة لها بالمفاضلة الشهيرة بين جرير و الفرزدق في فن الهجاء بالشعر... المقام مع الفنانة هيام علي بدر هو: أن كلا عنصري المفاضلة حاضر: البحر و الصخر بالمعني اللفظي للمفردتين بعيدا عن كل مجاز أو تأويل... هي لا تغرف الماء و لا الشعر من البحر، بل تغرف الحصى... و بالمعنى المجازي جمعت فنانتنا التشكيلية بين ما يوحي به الصخر (حصى "صافون") من بلاغة الصمت المُفضي للتعتيم و إسكات المكبوتات، و صلابة المادة الجامدة رغم نعومتها، و ما توحي به من غرابة و تعقيد يشبه الواقع السوري خاصة و الوطن العربي عامة... و بين ما يوحي به البحر من انسيابية مياهه و تجدّدها بين مدّ و جزر، و سرّ الاسترخاء الذي يحدثه صوت الموج كموسيقى لتهدئة الأعصاب المتوترة، و الخوف من المجهول القابع في أغوار البحر و أعماقه...
معادلة غريبة بين صخر يحطّ من الجبل ليستوطن البحر، و بحر ينحت الصخر لِيحوّله بفعل التعرية لأيقونات جميلة تحمل رسائل لا يفهمها إلا عاشق البحر كما الفنانة هيام علي بدر...
و عن هذه الرسائل حدّثتني الفنانة التشكيلية هيام علي بدر، قالت:
"يُهاتفني البحر في كل وقت و حين، بدون موعد مُسبق، يدعوني كما لِموعد غرام... أو كما ملاك الوحي في الأديان... أو كما ساعية بريد مُرغمة عشقا لإبلاغ رسالة جاء بها البحر من ظلماته، أو من أنواره... (تضيف) أخرج من بيتي مهرولة و مسرعة، لا أكترث لا لقساوة البرد، و لا لشدّة الحرارة، و لا لصعوبة المسالك و أخطارها... لا أبحث عن شيء... هو البحر من يوحي لي ... هو من يختار الحصى... أحملُه وحدي على ظهري حتى لمّا يحلّ بي سقم أو علّة... و أخطر علّة ما يكابده شعبي و بلدي... يسرح بي الهاتف البحري في ملكوت الخيال (و كأننا ب "عوليس" الإلياذة" يستمع لإيحاءات حوريات البحر الساحرات الملهمات)... أرتّب مواقع الأحجار... و كأنها كانت مرتّبة منذ البدء... مع سِفر التكوين... حتى تتشكّل اللوحة... هي ذي أنا... هيام علي بدر... و لمْ أدّعِ يوما أني فنانة..."
من بين ما كتب عنها الناقد أحمد الجمال في الصحيفة الالكترونية "الجريدة" (عدد 4313)، قال:
" عشقت الحجر فمنحها أسراره، وبرعت في رسم العالم بطريقتها الخاصة التي تعلمتها من شقيقها الفنان المعروف نزار علي بدر، وأضحت السورية هيام علي بدر واحدة من أبرز الفنانات التشكيليات في العالم العربي. وتناقش أعمالها موضوعات عدة ترتبط بالوطن والمواطن والحرب والسلم والعشق والهجرة والطبيعة. وفي حوار مع «الجريدة» قالت بدر إن الحجر بالنسبة إليها هو الرفيق والخليل وملاذ الروح، لافتة إلى أن أكبر عقبة تواجهها في عملها هذا هي الوزن الثقيل للحجارة التي تحول دون تلبية دعوات تصل إليها من دول عدة لإقامة معارض هناك..."
و عن سؤال لنفس الناقد لفنانتنا:
"من أين استلهمت فكرة إبداع تشاكيل فنية بالأحجار... هل هي الطبيعة أم ثمة شيء آخر؟"
أجابت:
" - لكل امرئ جوهر بداخله. إنِ استَروَحَ واستَطاب الراحَة في عَيشِهِ داسَ هذا الجوهر مُتَجاهِلاً إيثارِه بهذا المُلك الروحي الفَريد الذي لَم يُقَدِر قيمَتِه نا
شداً ومُفَضِلاً رَغَدَ العَيش على العَمَل في البَحث عن هذا الجوهَر لِيَبقى عَدَداً روتينياً مُستَنسَخاً كَغَيرِهِ مِنَ البَشَر.. وإن شَحَذَ مِعوَل الهِمَّة حافِراً في طَيَّاتِ روحِه عَمّا يَستَشعِره في أعماقِهِ مِن نَوادِر حَباها له الإلَه، وَجَدَ ما يُرضيه وما يُغنيه عَن أيّ طيب يُشغِله عما وجد.. كذلك هي الفنون.. بذار ربانيَّة ورسائل إلهيَّة اختصها الإله في عباده هكذا انبلج عن روحي ضباب المجهول لأرى الأرض التي يحفر فيها أخي الفنان الألمعيّ الشهير مبتكر هذا الفَن نزار علي بدر، باعثاً همتي بعد رقادٍ طويل مُتأثرة به وبروحه الفريدة خالقة هذا الفن العظيم."
عرفتُه صدفة بواسطة الفضاء الأزرق... أعجبتُ بفنّها قبل أن أتعرّف عن الانسانة بداخلها: الأم و الأخت و الصديقة و الفنانة لكل من عرفها عن قرب... و سوريا الوطن و الأرض و البحر و التراب و الحصى... جرحها البليغ... و رغم كلّ الألم، لا تفارق الابتسامة ثغرها... و لا تخلو لوحاتها من أمل و تفاؤل و بأحلام جميلة... حوّلت البحر في مخيالها إلى رسول حب و سلام... و جعلت الحصى (حجر الصافون) ينطق بجمالية فائقة كلّها رسائل لِمن يفهم...
و لنا عودة في القادم من الأيام للوحات الفنانة التشكيلية رائدة "فنّ التشكيل بصفّ الحصى"
ـ المكان: قرية بسنادا محافظة اللاذقية بسوريا.
ـ الزمان: ظرفية تاريخية حرجة لإحدى أمهات الحضارات الانسانية: بلاد كنعان/ الشام/ سوريا.
ـ البطلة: امرأة عاشقة للبحر .. تجوب مواطن حجارة "الصافون" من "بحر الفينيقيين" في "أغاريت"، و "البسيط"، و "وادي قنديل": الفنانة التشكيلية: الأستاذة هيام علي بدر.
ـ جنس الفن: "التشكيل بصفّ الحصى".. فنّ وُلد عند الفنانة الأستاذة هيام علي بدر، و قبلها مع شقيقها الفنان التشكيلي و الأديب المبدع نزار علي بدر مع الأحداث السورية التي بدأت سنة 2012.
ـ الأداة: حجر "صافون": حجر ناعم الملمس من 800 تشكيل موزّع... نسبة ل "جبل الأقرع" عرش الإله السوري القديم "هدد"... كانت ل"هدد" أهمية كبيرة في أساطير الساحل السوري لا سيما في ميثولوجيا مدينة "أوغاريت" (هي مملكة قديمة في سورية كشفت أنقاضها في تل أثري يدعى "رأس شمرا" وكذالك في ر"أس ابن هاني" تتبع محافظة "اللاذقية" على مسافة 12 كم إلى الشمال من مدينة "اللاذقية" على ساحل البحر الأبيض المتوسط)...
ـ الرسالة: تقول الأستاذة هيام علي بدر: "في حقيبتي أجزاء الوطن و الحب و الحرب و السلام و الفراق و العشق..."
ـ المقام : مقاربة نقدية تعريفية بالأعمال التشكيلية الفنية الراقية للفنانة التشكيلية الأستاذة هيام علي بدر..
لعبارة "يغرف فلان من بحر"، و "ينحت من صخر" دلالة في اللسان العربي الفصيح: فعن رواية لمالك بن الأخطل الشاعر (وردت هذه القصة في البيان والتبيين للجاحظ ، ج 4، ص 273)، غذ قال لأبيه بعد عودته من العراق:
"وجدت جريرًا يغرِف من بحر، ووجدت الفرزدق ينحِت من صخر".
قال الأخطل: "الذي يغرف من بحر أشعرهما".
وظيفة هذه المرجعية اللغوية الأدبية لا علاقة لها بالمفاضلة الشهيرة بين جرير و الفرزدق في فن الهجاء بالشعر... المقام مع الفنانة هيام علي بدر هو: أن كلا عنصري المفاضلة حاضر: البحر و الصخر بالمعني اللفظي للمفردتين بعيدا عن كل مجاز أو تأويل... هي لا تغرف الماء و لا الشعر من البحر، بل تغرف الحصى... و بالمعنى المجازي جمعت فنانتنا التشكيلية بين ما يوحي به الصخر (حصى "صافون") من بلاغة الصمت المُفضي للتعتيم و إسكات المكبوتات، و صلابة المادة الجامدة رغم نعومتها، و ما توحي به من غرابة و تعقيد يشبه الواقع السوري خاصة و الوطن العربي عامة... و بين ما يوحي به البحر من انسيابية مياهه و تجدّدها بين مدّ و جزر، و سرّ الاسترخاء الذي يحدثه صوت الموج كموسيقى لتهدئة الأعصاب المتوترة، و الخوف من المجهول القابع في أغوار البحر و أعماقه...
معادلة غريبة بين صخر يحطّ من الجبل ليستوطن البحر، و بحر ينحت الصخر لِيحوّله بفعل التعرية لأيقونات جميلة تحمل رسائل لا يفهمها إلا عاشق البحر كما الفنانة هيام علي بدر...
و عن هذه الرسائل حدّثتني الفنانة التشكيلية هيام علي بدر، قالت:
"يُهاتفني البحر في كل وقت و حين، بدون موعد مُسبق، يدعوني كما لِموعد غرام... أو كما ملاك الوحي في الأديان... أو كما ساعية بريد مُرغمة عشقا لإبلاغ رسالة جاء بها البحر من ظلماته، أو من أنواره... (تضيف) أخرج من بيتي مهرولة و مسرعة، لا أكترث لا لقساوة البرد، و لا لشدّة الحرارة، و لا لصعوبة المسالك و أخطارها... لا أبحث عن شيء... هو البحر من يوحي لي ... هو من يختار الحصى... أحملُه وحدي على ظهري حتى لمّا يحلّ بي سقم أو علّة... و أخطر علّة ما يكابده شعبي و بلدي... يسرح بي الهاتف البحري في ملكوت الخيال (و كأننا ب "عوليس" الإلياذة" يستمع لإيحاءات حوريات البحر الساحرات الملهمات)... أرتّب مواقع الأحجار... و كأنها كانت مرتّبة منذ البدء... مع سِفر التكوين... حتى تتشكّل اللوحة... هي ذي أنا... هيام علي بدر... و لمْ أدّعِ يوما أني فنانة..."
من بين ما كتب عنها الناقد أحمد الجمال في الصحيفة الالكترونية "الجريدة" (عدد 4313)، قال:
" عشقت الحجر فمنحها أسراره، وبرعت في رسم العالم بطريقتها الخاصة التي تعلمتها من شقيقها الفنان المعروف نزار علي بدر، وأضحت السورية هيام علي بدر واحدة من أبرز الفنانات التشكيليات في العالم العربي. وتناقش أعمالها موضوعات عدة ترتبط بالوطن والمواطن والحرب والسلم والعشق والهجرة والطبيعة. وفي حوار مع «الجريدة» قالت بدر إن الحجر بالنسبة إليها هو الرفيق والخليل وملاذ الروح، لافتة إلى أن أكبر عقبة تواجهها في عملها هذا هي الوزن الثقيل للحجارة التي تحول دون تلبية دعوات تصل إليها من دول عدة لإقامة معارض هناك..."
و عن سؤال لنفس الناقد لفنانتنا:
"من أين استلهمت فكرة إبداع تشاكيل فنية بالأحجار... هل هي الطبيعة أم ثمة شيء آخر؟"
أجابت:
" - لكل امرئ جوهر بداخله. إنِ استَروَحَ واستَطاب الراحَة في عَيشِهِ داسَ هذا الجوهر مُتَجاهِلاً إيثارِه بهذا المُلك الروحي الفَريد الذي لَم يُقَدِر قيمَتِه نا
شداً ومُفَضِلاً رَغَدَ العَيش على العَمَل في البَحث عن هذا الجوهَر لِيَبقى عَدَداً روتينياً مُستَنسَخاً كَغَيرِهِ مِنَ البَشَر.. وإن شَحَذَ مِعوَل الهِمَّة حافِراً في طَيَّاتِ روحِه عَمّا يَستَشعِره في أعماقِهِ مِن نَوادِر حَباها له الإلَه، وَجَدَ ما يُرضيه وما يُغنيه عَن أيّ طيب يُشغِله عما وجد.. كذلك هي الفنون.. بذار ربانيَّة ورسائل إلهيَّة اختصها الإله في عباده هكذا انبلج عن روحي ضباب المجهول لأرى الأرض التي يحفر فيها أخي الفنان الألمعيّ الشهير مبتكر هذا الفَن نزار علي بدر، باعثاً همتي بعد رقادٍ طويل مُتأثرة به وبروحه الفريدة خالقة هذا الفن العظيم."
عرفتُه صدفة بواسطة الفضاء الأزرق... أعجبتُ بفنّها قبل أن أتعرّف عن الانسانة بداخلها: الأم و الأخت و الصديقة و الفنانة لكل من عرفها عن قرب... و سوريا الوطن و الأرض و البحر و التراب و الحصى... جرحها البليغ... و رغم كلّ الألم، لا تفارق الابتسامة ثغرها... و لا تخلو لوحاتها من أمل و تفاؤل و بأحلام جميلة... حوّلت البحر في مخيالها إلى رسول حب و سلام... و جعلت الحصى (حجر الصافون) ينطق بجمالية فائقة كلّها رسائل لِمن يفهم...
و لنا عودة في القادم من الأيام للوحات الفنانة التشكيلية رائدة "فنّ التشكيل بصفّ الحصى"