-->
U3F1ZWV6ZTEzNzUzMDQwMTQxX0FjdGl2YXRpb24xNTU4MDI5NzIxNDY=
recent
جديدنا

الفيلسوفة پاسكال سييز: ما هو الكتاب وكيف تتمُ القراءة؟




ترجمة أمل البحرة

نقلت صحيفة الغارديين “THE GUARDIAN”  دراسة أجريت في حقل علوم الأعصاب، بشأن آثار القراءة الرقمية على الإمكانات الإدراكية للإنسان المعاصر. الكلمة الإنجليزية في هذا الصدد ‏ “ Skim reading” هي ممارسة رقمية تُتَرجم إلى قراءة سريعة أو مجتزأة أو سطحية أو عائمة.
لا تؤدي القراءة الرقمية (Skim reading) إلى الإقلاع عن قراءة روايات القرن التاسع عشر الضخمة فحسب، أو توَلّد " نفاد الصبر الإدراكي" لكنها على صعيد المجتمع تؤثر مباشرة، كما يبدو، على قدرات الدماغ التحليلية، وعلى مَلَكَة معالجة المعلومات المعقدة، في الوقت الذي تضعف فيها المقدرة على إدراك جمال الأشياء وعواطف الآخرين، وهو مانسميه التقمص الوجداني. تجعل القراءة على شبكة الاتصالات من يمارسونها أكثر تعرضاً إلى التضليل الإعلامي والغوغائية،
لكن لماذا؟ لأن هذه القراءة القريبة من التَصَفُح أو الانتقاء والتصفية وتَسَقُط الأخبار تُفْقِر إمكانات الذهن على التَخَيُّل وتصميم الأفكار وعلى تحكيم العقل واستبطان المعرفة، إذن فهي تُضْعِف ممارسته لتفكيره النَّقاد.
أُضْفِيَت الموضوعية عملياَ على بحوث التأثيرات السيئة للقراءة بالوسائل الرقمية لنقل المعلومات بفضل سلسلة من الملحوظات المُثبتة عن المصاعب التي تواجه الأجيال الشابة من قراءة نص حقوقي إلى نهايته لأنه كثير التعقيد مثل عقد إيجار أو عمل، حتى العجز عن قراءة أسئلة مطروحة في استفتاء وفهمها.
هل لديكم شك في أن القراءة عمل سياسي؟ لئن لم يوجد في هذه الدراسة ما يُدهش أو ماهو ثوري فعلاً مما نُقدر رِهاناته حدسياً، فهي أفصحت عن أمور حيوية مع ذلك تختص " هندسة الكلمات"  وفي الحضور الملموس وبالحيّز أو المكانية لِما نتجرأ على تسميته " الكينونة هناك" ( إلماحة من پاسكال سييز إلى فلسفة مارتن هايدغر الألماني ”دازاين«Da-sein»  و Da تعني هناك- المترجمة) (نتجرأ على تسميته الكائن هنا…) أو حضور الكائن في القراءة الورقية التي تسمح حرفياً بأن " نوجد أو أن نكون" في الكتاب، وأن نغوص فيه ثم نعود إليه بسهولة كي نستدل ونتبيّن من جديد، ونقيّم الذي قرأناه وماتم استبطانُه في ذواتنا وتَعَلَمنا منه وأسهمَ في توسيع مداركنا في فهم العالم.
إذن، فإن ثراء الحياة الداخلية الذي يبنيه فعلُ القراءة، يُشكل سياقاً ذهنياً وعاطفياً مهما يختفي في القراءة الرقمية . نحن لن نرغب فعلاً بالعودة إلى قراءة نصٍ ما إذا كنا قرأناه جزئياً، لسبب بسيط هو أننا لانعرف إلى ماذا نعود. أين كان ڤيكتور هوغو وغيره من كبار الكتاب في ما يقرؤون ؟ كانوا موجودين في كتبهم، ورزمات أوراقهم في متناولهم، وانتباههم مُركّز تماماً على مادة الكلمات وعلى رائحة الحبر و الورق.
هذه في الواقع تجربة مدهشة أن نقرأ فعلاً، ونمسك كتاباً في أيدينا ونسافر معه ونتلقى أقوال شخص آخر في ذواتنا . لهذه التجربة القوة نفسها والحضور المجرد ذاته، وهي قوية وحاسمة مثل لقاء غرامي . نعم ، أن نقرأ حقاً، وأن نغوص في كتاب، لا يواكبنا في حياتنا فحسب، بل أنه كموعد عاطفي، كما لو أن حب القراءة ليس إلا التمهيد إلى الحب . القراءة تحمي وتصون … 
وأنتم ماهو رأيُكم ؟

پاسكال سييز

تعديل المشاركة Reactions:
الفيلسوفة پاسكال سييز:  ما هو الكتاب وكيف تتمُ القراءة؟

can

تعليقات
    ليست هناك تعليقات
    إرسال تعليق
      الاسمبريد إلكترونيرسالة