-->
U3F1ZWV6ZTEzNzUzMDQwMTQxX0FjdGl2YXRpb24xNTU4MDI5NzIxNDY=
recent
جديدنا

بروين حبيب لموقع «سبا»: في المدن أبحث عن الوجوه وبيوت الكتاب والأدباء


حاورتها: فاتن حمودي


حين يتحول السفر إلى رواية تعيشها، هي روايتك حتما من خلال وجوه وشخصيات وأعلام الثقافة، هو ما تفعله الشاعرة والإعلامية بروين حبيب، فرحلتها خاصة، ونظرتها للمدن طالما ارتبطت بوجوه مرّت من هنا.
تقول بروين:” وحدي أصافحُ بابَ بيتي في المساء، لأتهجى العزلة،.أهمس و نفسي الوحيدة: ليته، كان يملك مفتاح البيت، ليته، كان يملك مفتاح هذا البيت..يفاجئني غدا بباقة من الغيم”.
وأنت تحاورها تلمس امرأة  نادرة المعنى، سليلة المحبة، امرأة تحمل في نصها النخل و عشق الخيّام، و قباني،  تلوب بين مدينيتين ، منامة المحبة و التأسيس، و دبي الضوء و الطموح، ولأنها عاشقة فإن العزلة وحدها هي من يحمل مفتاح بيتها  لتتصدر على أريكتها يتقاسمان معا وجع المرأة و سحر الأشياء الهاربة، و لأنها تدرك  بأن الشهرة زائفة، فقد  أرادت الوقوف على أرض المستحيل( الشعر)، فأبدعت “رجولتك الخائفة طفولتي الورقية” 2001، وديوان “أعطيت المرآة ظهري” 2009، و الفراشة 2012.و انستجرامياتي، وغيرها
حول الرحلة والسفر وما تركته المدن في الروح كان لنا معها وقفة، وكنا كمن يقف أمام فصول رواية تبدأ ولاتنتهي، تبدأ من مسقط رأسها المنامة مرورا بدبي وحواراتها لأهم القامات الثقافية في الوطن العربي، لذا ليس غريبا أن يستهويها في المدن التي تزورها بيوتَ الكتَّابِ، والمتاحف ورائحة الحبر العالقة في حروف أصحابها ، وما بينهما من فلسفة الحياة والعمل، والغربة والأسفار.كل هذا مشغول بخيط الحب، وكأننا نجلس أمام حفيدة بينلوب المنتظرة أبدا لفارس المعنى.

- حدثينا عن المنامة مسرح الطفولة؟
تقول بروين حبيب عن مسرح طفولتها في المنامة:
استحضار الطفولة  و مراحل الدراسة من أجمل المتع التي ألجأ إليها في غربتي، فهي مثل رياضة نفسية أحاول من خلالها الإقتراب إلى عالمي  الذي صرت إليه  و هي لعبة( الفلاش باك)،  بلغة السينمائيين، كم تروق لي ساعات و ساعات، كأنني أمارس فيها السؤال الذي يهطل عليّ بغزارة كلما أفضى العمر بي نحو منعطف جديد.

- لكل مدينة حكاية، وحكايتك مع دبي رسمت لك آفاق النجاح والشهرة، حدثينا عن هذا الجانب؟
إذا كانت البحرين مسقط رأسي، فإن دبي مسقط  لقاءاتي مع العمالقة الذين التقيتهم في برنامجي”نلتقي مع بروين”، على قناة دبي، وفي مدن عربية متعددة.
ففي دبي التقيت معظم رموز الفن والثقافة والأدب، التقيت أدونيس، الواسيني الأعرج، نوال السعداوي، 500 أسم في الثقافة العربية، والذين ينحدرون من أجناس أدبية مختلفة، من هنا فإن  دبي مسقط نجاحاتي ومشروعي في تلفزة الثقافة، لهذا أسميها مسقط روحي.
 في هذه  المدينة أتوقف عند الكثير من معالمها الساحرة، ولكن تبقى منطقة  البستكية المكان الأحب إلى روحي، والذي يعيدني إلى دبي القديمة، في حي الفهيدي، حيث  كان استديو برنامجي فحين أزورها اشعر بلسعة حنين في روحي أتذكر الممر الذي مشيت به مع سلمى خضراء الجيوسي وعادل أمام، من هنا فإن علاقتي بالمكان ترتبط بشبكة العلاقات الحميمة، أو التي تعلمت منها، وهي ذاكرة وجوه.

- إلى أي درجة يشكّل لك السفر مرجعا ثقافيا وترفيهيا للروح، وما الذي يستهويك في السفر والرحلة؟
السفر هو استعادة المكان بوجوهه، هو لحظة أكتشاف  للذات والآخر، لمعالم المكان لتأسيس ذاكرة المكان، ذاكرة ترتبط عندي بالقراءات.
تعلقت بالأمكنة من خلال قراءاتي،  فحين زرت الدانمارك قرأت الشعر في أودنسه، مسقط رأس هانز  كريستين أندرسون، أشهر كتّاب الطفل، الذي قرأته حين كنت طفلة، لهذا حين وصلت إلى الدانمارك سألت عن متحفه الشخصي، وزرته.
 في المدن أبحث عن بيوت الكتاب والأدباء، فحين زرت اثينا سألت عن بيت كازانتزاكي كاتب رواية زوربا، زرت بيته المخصص للكتابة، وحين زرت مالقا بحثت عن بيت الفنان بيكاسو، هكذا فعلت أيضا في سويسرا قصدت بيت شارلي شابلن لأستحضر تلك الروح التي أسست للسينما لاحقا، أما في تركيا فقد مضيت إلى مدينة اسطنبول لأزور متحف رواية أورهان باموق، ولا أدري لماذا أنا مسكونة بالعالم الذي مرّ من هنا.

- ماذا تقولين عن القاهرة، المدينة التي تلقيت فيها تعليمك؟
أعتبر القاهرة شريانا رئيسيا في حياتي، فيها تعلمت ونلت شهادتي الماجستير والدكتوراة، عشت الثقافة والجامعة، وكنت  حين أقرأ  الشاعر أمل دنقل أنزل إلى مقهى الريش، أمشي بشارع طلعت حرب، ازور مكتبة مدبولي، ارى الحكايات أمامي، القاهرة بالنسبة لي هي القاعة التي أمتحنت ودرست فيها، لا أزال أذكر قاعة طه حسين، كلّ العراقة والقِدم في هذه المدينة تعنيني، المدينة ألتي أحببتها وعشت فيها واختلفت معها، لكنها تبقى المدينة التي تحمل لي دفء خاص،
بعد ما كبرت اصبحت أراها بشكل مختلف، في آخر زيارة لي للقاهرة لم أنزل في فندق على النيل، مثل “الفور سيزنز”،أو” او الجاردن سيتي”، حاولت أن اسكن في المينا هاوس على الهرم، أن أطل على الأهرام كنت بحاجة إلى طاقة عمودية من الهرم، وأحسست بأن هذا الفندق الذي كنت أزوره حين كنت طالبة، حيث  كان بإمكاني فقط أن اشرب فيه  فنجان شاي، اليوم استطيع أن اسكنه.

- وماذا تقولين عن  لندن؟
لندن مدينة ضاربة في روحي شارع أكسفورد الذي تمشيت فيه مع المخرج الراحل مصطفى العقاد، وصديقي الدكتور نجم عبد الكريم، جلساتنا مع عثمان العمير، والإعلامي عبدالرحمن الراشد.
لندن بالنسبة لي، ضفة ثقافية مهمة، أول أوبرا حضرتها في العالم  في ناشيونال انجليش أوبرا، زواج فيجارو، لندن بالنسبة لي تجمعات العرب المهاجرين.

- قُلتِ مرة عشقت البحر أخيرا، عشقت المهدية، ماذا تعني لك تونس؟
تونس سحرتني،لهذا  اشتاق إليها كلَّ مرةٍ بطريقةٍ مختلفة، تونس وجوه مثقفيها محمد بنيس ، في تونس زرت الأضرحة قبر الحبيب بورقيبة، فالقبور تعني لي لمسة وفاء لناس أحببناهم.
 تونس الأبواب الزرقاء، سيدي بوسعيد،صديقاتي والمشاوير في الأزقة التي تجعل لكأس الشاي  بالصنوبر مذاقا خاصا، تونس تعيدني لما حكاه لي  عنها يوما الشاعر أولاد أحمد الذي ذهب خطفا ، تونس هي يوسف المزغني.
آخر مرة استضافوني في المهدية المدينة الفاطمية، المدينة التي عشقتها، المدن رائحة وصورة وناس من لحم و دم.

- ما الذي تبحثين عنه في المدن، وما الذي يبقى في الذاكرة؟
المدن لقطات هاربة من عمري، في باريس بحثت عن مقهى هوغو، وعن المقهى الذي جمع سارتر وسيمون دي بوفوار. ومراكش سحرتني في المفارقة بتجاور الأغنياء إلى جانب الفقراء، فندق مامونيا الأرستقراطي وتجاوره مع ساحة البسطاء،
أما لبنان فأزورها  عدة مرات في السنة، بيروت، الشمال “بشِّري” ومتحف جبران، الصنوبر الإطلالات المسارح البشر، اللبنانيون يتقنون فن مصادقة الحياة،شارع الحمرا المقاهي وجلسات النميمة مع المثقفين، جبيل المدينة المفضلة عندي ساحل الأبجدية الأولى، لهذا أجد نفسي أبحث عن الطبيعة، و عن العراقة أيضا.

- لماذا تكررين زياراتك للمكان نفسه، ما سرّ الإكتشاف في السفر؟
عشت فكرة الأكتشاف، أكتشاف قارة، حين زرت أستراليا، زرتها مرات زرت  سيدني، وقرأت الكثير عن تاريخها وسكانها وطبيعتها، هذا يدفعني دائما لأعاود الزيارة.
أما تركيا فتمتلك سحر الشرق والغرب معا، وهو ما رأيته في استانبول. ولو مضيت بذاكرتي نحو امريكا، فقد  زرتها مرة واحدة، حين كرمت بجامعة جورج واشنطن وحصلت على جائزة المرأة الديناميكية في تخطي الحواجز وكسر القيود، ومواجهة الصعاب للعام 2011، ودرّست  قصتي لطلبة الجامعة ضمن الشبكة العالمية (أون لاين )
لم تعني لي مدينة واشنطن، أما نيويورك فقد تصعلكت فيها،  نيويورك مدينة صاخبة استهوتني مسارحها، مضيت إلى مسارح البرود وي، وعرفت حينها بأن هناك مدنا تغادريها دون أن تشعري بالشبع، رحلات فيها قصص مبتورة وهو ماشعرت به مع نيويورك.
وسوريا القلب العربي قطعة من روحي بدون مبالغة علاقتي تكاد تكون عضوية مع دمشق، كان عندي حلم صغير وأنا طالبة في كلية الآداب أن أشرب فنجان قهوة مع الكاتب الراحل حنا مينه، لم أتخيل ان أتعشى معه ولكن هذا حدث وانا أصور معه برنامجي، ولم أتخيل أن امشي مع الروائي الدمشقي خيري الذهبي في الشام نأكل التفاح في النوفرة المجاورة للأموي في الشام القديمة،
سوريا كانت تحتفي بي، سوريا الزبداني وبلودان الكرز والنبع في صيف، آه يا دمشق.سوريا مهمة جدا في حياتي، إنها جغرافيا السفر إلى القلب.

- لماذا تمضين دائما نحو الوجوه الثقافية في المدن والأمكنة التي ترتادينها؟

المدن لحظات بارقة،  فلاشات تاتي في الدماغ، خطوات مارسيل خليفة في مدينة عمشيت، والطرق التي كان يسلكها في طفولته ويشير لي إليها، قطرات الماء البارد ونحن بين السماء والأرض وكاننا مع القديسين في مغارة قاديشا في لبنان.
  خطواتي مع قاسم حداد في حواري مدينة المحرّق” يا حبيبي سوف احكي لك عن ليل المحرق”.

- كيف تربطين بين المكان والزمان، في عالم بات التواصل فيه أفتراضيا؟


المدن هي الوجوه هي حركتنا داخل الزمن هي لحظة خارج الزمن، لكن المكان موجود، المكان يبدو اليوم أفتراضيا ولم يعد  ذلك المكان الهارب في مخيلتنا، لهذا فإن العالم الأفتراضي يجعلني أمضي إلى المكان الحقيقي، والمكان الأشبه بالحلم والذي طالما أرتبط بالفن والأدب والتوق نحو الحياة.
فالمغرب كازبلانكا هي جائزة البوكر، التي تشرفت ان أكون أحد أعضاء  لجنة التحكيم فيها، البحر الجميل الفنادق الصغيرة على الشاطيء الناس البسطاء
الجزائر جبل أوراس، الكتاب والأدباء والأحتفاء بي، زيارتي للمغارة التي كتب فيها ابن خلدون مقدمته في علم الاجتماع، المعرفة لاتنفصل عن المدن، والسفر طوق حياة ونجاة وغرق.
فتيات الأوتوكيو:
وعن إطلاقها صفة “ فتيات الأوتوكيو”، على المرأة الإعلامية، في ظل التشيؤ و الاستهلاك أجابت:
في منطقة الخليج العربي، أياً يكن الحقل المعرفي الذي تنشط فيه المرأة، لابد  من التوقف ملياً عند الظروف الصعبة والخاصة جداً التي ترسم قدر المرأة الاجتماعي وتؤطر شكل حضورها التاريخي،..ففي ظل “التشييؤ” والاستهلاك الذي تتعرض له “رمزية” المرأة في شتى القنوات الفضائية العربية والتي لا تبقي غالباً، من كينونتها إلا تلك “الصورة الفاقعة” للجمال الأنثوي، ثرثرة، حركة شفاه، ولا يهم ما الكلمات، فالعين أبلغ من الأذن في التقاط الصور المثيرة للخيال الدفين... فتيات “الأوتو كيو”... حوريات عربيات حطم “الأوتو كيو” آخر ما تبقى من فرق بينهن وبين الرجل في القدرة على الكلام. فـ”الأوتو كيو”، هو الصفحة الضوئية التي تثبت أسفل الشاشة، ومنها يقرأ الجميع نساء ورجالاً، ويظن المشاهد المستلقي في أريكته وأوهامه، أن مذيعته ومذيعه يقول كل ما يقوله يخبر ويدلي برأي ويتفلسف من رأسه، لكن الحقيقة أن “الأوتو كيو” هو الذي يتكلم.
وحول تجربتها في برنامج ثقافي تعده و تقدمه، أشارت إلى أن، البرنامج الثقافي، ليس طموحاً أول لأي مذيعة عربية تنشد السلام لنفسها في مهنتها. مع ذلك ظلت فكرة البرنامج التلفزيوني الثقافي قضيتي الشخصية منذ نعومة أظفاري في هذه المهنية الصعبة والشائقة، والتي نضّيع مرات كثيرة الحدود التي ترسم علاقتنا بها كهواية، وكمهنة وكرسالة فكرية واجتماعية. ولكن من دون أن ننسى أبداً أن عالم الصورة هو مسرح طموح شخصي، فالتلفزيون ماكينة أكول، تطحن الصور والأخبار والأفكار والكلمات والرموز والعناوين والمواعيد، لتصنع لمشاهد في غرفة تلك الوجبة المنتظرة.

المرأة وصورتها:

وعن صورة المرأة في الإعلام العربي، ومدى تصحيح هذه الصورة و تطويرها، أضافت بروين، بأن الجواب رهين سؤال آخر، يتعلق بالقائمين على الأقنية الفضائية وأجنداتهم الخاصة ومواصفات السوق وشروط المعلن،ولكننا نجد محاوراً صحافياً بهذا العمر كحمدي قنديل مثلاً. والسبب بديهي،  فعمر انخراط المرأة في العمل الإعلامي جاء متأخراً، مع أن المرأة في شتى المجتمعات المدينية العربية غادرت بيتها وانخرطت في العمل العام منذ مطلع القرن العشرين، وربما قبل ذلك بكثير..
وأشارت إلى أن، هذه الأفكار والملاحظات، إنما هي خلاصات أولى، وخواطر تتداعى إليّ على هامش تجربة مع البرامج الثقافية، استمرت حتى الآن نحو  عقدين من الزمن ، بدأتها مع برامج قدمتها في البحرين أولاً: “شظايا الإبداع”، ثم، في دبي: "صواري"، و”وجوه”. وأخيراً وليس آخراً بطبيعة الحال مع برنامج " نلتقي"

وسلسلة من الشروط والاعتبارات التي تتحكم بالصورة التلفزيونية،  بل وبالسؤال الفكري عما يعنيه التلفزيون للمجتمعات العربية الحالية؟ 
هناك بطبيعة الحال قوى وإرادات وتيارات سلطوية حديثة أكبر منا جميعاً هي التي تحدد وظيفة الشاشة التلفزيونية ومن خلالها شكل الصورة ووظيفتها...
و لفتت بروين قائلة: مرة خطر في بالي: ترى هل توجد عندنا محاورة سياسية في عمر باربرا والترز على مشارف الثمانين؟ الجواب على الأرجح لا؟ ولكننا نجد محاوراً صحافياً بهذا العمر كحمدي قنديل مثلاً. والسبب بديهي،  فعمر انخراط المرأة في العمل الإعلامي جاء متأخراً، مع أن المرأة في شتى المجتمعات المدينية العربية غادرت بيتها وانخرطت في العمل العام منذ مطلع القرن العشرين، وربما قبل ذلك بكثير..
وأشارت إلى أن، هذه الأفكار والملاحظات، إنما هي خلاصات أولى، وخواطر تتداعى إليّ على هامش تجربة مع البرامج الثقافية، استمرت حتى الآن نحو  عقدين من الزمن ، بدأتها مع برامج قدمتها في البحرين أولاً: “شظايا الإبداع”، ثم، في دبي: “صواري”، و”وجوه”. وأخيراً وليس آخراً بطبيعة الحال مع برنامج “نلتقي”

نظرات متعددة و اختلاف:

أما عن  اختلاف النظرة و التقييم لبروين، فأجابت:
يبدو لي استناداً إلى التجربة الشخصية أن جانباً إضافياً من معضلة الثقافة في علاقتها بالتلفزيون يكمن في أن الأدباء والمثقّفين ينظرون إليه نظرة تحفظ، وأنا نفسي أعاني من ذلك فهم مثلاً ينظرون إليّ كإعلامية، وفي الوسط الإعلامي ينظرون إليّ كشاعرة ومثقّفة. وهذا الفصل التعسّـفي يجعلني غريبة مرتين. وعندي ليس من تناقض في أن أكون إعلامية وشاعرة وأكاديمية معاً، أو مثقّفة، في مصطلحات الوسط الثقافي.  لكن هذه الحالة هي حالة إشكاليّة بامتياز،وتصلح
وتصلح أن تكون نموذجاً معبّراً عن الخلل في نظرتنا إلى الأشياء.

ثقافة النجوم:

أما عن دور الفضائيات  في تكريس ثقافة عربية حديثة، فإنها ترى، بأن :
الانفجار الحداثي في الفضائيات  لم يتمكن من نقل ثقافة عربية حديثة إلى الناس، الواقع أن الذي حدث شيء آخر، فقد ظهرت الحاجة إلى “الشاعر النجم” وليس إلى الشاعر المبدع، وإلى الروائي ذائع الصيت وليس إلى الروائي الجيّد، وإلى الكاتبة المشهورة بسبب “تجرّؤ” كتابتها على القيم، وليس إلى الكاتبة الجريئة صاحبة الكتابة العالية، و”المفكّر المنتشر” وليس المفكّر العميق صاحب الأفكار المضيئة، و”الداعية السطحي” اللاعب بالكلام وليس الداعية الورع والنزيه، و”الموسيقي الاستعراضي المتثاقف” وليس الموسيقي الملهم والمبدع، فالتلفزيون يحب “النجوم”، “نجوم الأدب والثقافة والفكر”، ويختارهم مما يطفو على السطح، بحق وبغير حق، ليضاهي بهم (وليكونوا على قدم المساواة) مع المطربة الكبيرة “منفوخة الشفتين” المشهورة رغم محدوديّة صوتها، والمغنّي الكبير الذي راج اسمه بسبب أغنية يتيمة، والممثّل التلفزيوني المشهور، والممثّلة التلفزيونية المشهورة، وهكذا.. فالقياس هو الشهرة ومتطلّباتها و”مستوى” الناس واهتماماتهم.
تابعت: فمن تجاربنا كتلفزيونيين، نعرف أن هناك إداريين في محطّات الفضائيات يفرضون اليسير والبسيط والتافه على مشاهدي التلفزيون، بحجّة أن “الجمهور عايز كده” بينما هو، في واقع الأمر، ما يريدونه هم، بل ما يطابق تصوّرهم الشخصي للأشياء ليس إلا.
وحول دور الإعلامي المثقف في إيصال مايريده من خلال منبره الإعلامي، أجابت:” إن دوره أشبه  بمن يمشي في حقل من الشوك”.

أرض المستحيل: 

بعيدا عن الإعلام، وقريبا من الشعر، سلاحنا المتبقي لتحمل الحياة،  أجابت الشاعرة  على سؤالنا:هل باستطاعة الشعر أن يمنح بروين الهدأة، و يجعلها تتحمل الحياة، و نتخطى العزلة؟
بقولها: هل ثمة في الشعر خلاص، رحمة، محو للأنين الداخلي الذي يجتاحنا بفعل خيباتنا الحياتية المتكررة مرات ومرات، وبالتالي كيف لنا أن نقرأ ما خطه يوما جان كوكتو في وصف الشعر،” لا أحد  يجهل بأن الشعرعزلة مخيفة، لعنة الولادة، ومرض الروح”، اعتقد بأن الشعر هو الوقوف على أرض المستحيل، لذا فإن القصيدة التي أبحث عنها تشكل بالنسبة لي أرض وسماء،  مختلفتان عن كلّ أرض وسماء، منطقة للحوار مع العالم، الآخر، الطبيعة، الوجود الميتافيزيقي، من هنا فإن قصيدتي لا تريد  بهذا المعنى تجاوز العالم،إلى ذات منفصلة عنه، ربما هي طريقة تناسبني لخوض رحلتي في عالمي للأنغمار في الجمال، والإحتراق فيه كما الفراشة، ومن ثمّ النهوض من الرماد كما العنقاء، فالشاعر والشاعرة كلاهما فانٍ، وما القصيدة سوى أجنحة العنقاء، من هنا قد يكون  سارتر محقا حين كتب في القديس جينيه:” العبقرية ليست موهبة، إنها الطريق التي يبتدعها المرء في حالات اليأس”، أو ما قاله لورنس فيرلنغتي عندما عرّف الشعر:” الشعر كناري حقيقي في منجم الفحم ونحن نعرف متى تغرّد الطيور الحبيسة”.



تعديل المشاركة Reactions:
بروين حبيب لموقع «سبا»: في المدن أبحث عن الوجوه وبيوت الكتاب والأدباء

can

تعليقات
    ليست هناك تعليقات
    إرسال تعليق
      الاسمبريد إلكترونيرسالة