حسان عزت
_1_
هذا الحصانُ الأبيّ الأصيل
لم يكنْ لأبيكَ يوماً وجدّكَ
فانزلْ
وهذا العرشُ والملكُ لشعبي الأبيّ
وهذي البلادُ
وسرُّ الألوهة
والأبجديّةُ
والحبّ
وشمسُ الوجودِ التي عمْرُها الكونُ...
بلادي...
فمن ورّثوكَ ومن أوصَلَكْ...
ألستَ صبيَّ الهَلَك
تظنّ البلادَ والملكَ والشّعبَ لكْ
قلتُ لصاحبي يومَ دعاني أقولُ برأيي الصريحَ بعرشٍ أرادوهُ لكْ ولدٌ...
ولوْ صار أسطورة وقاضي بلَدْ
ومالَ برأس لهُ عن جوابي وأربَد
وأزورّ عنّي
يريدُ الوزارةَ !!
قلتُ ولاتَ يقيمُ زمانُ أبيهِ عليه
ولو رسّموه بملكٍ لقيصرَ
أو عمّدوهُ بتيجان كسرى ولَدْ
وقالَ أرى فيه نجباً وأحببْتُه
أنا ربّيتهُ وأخاه المهندس والذهبي...
أردتُ القول... وما قلتُ...
وأضمرتُ أن الزّمان يقول به ما يقولُ...
فعادَ يسألُني لأعيدَ هواهُ...
لعلّ...
فيمنَحني أن أكونَ وأنحو معه...
محالٌ
كيف أُعْمى ولو منحوني الوزارةَ
والمجلسَ الملكيّ معه؟!
وما عادَ لي صاحب أبداً وسدّ...
تركت الزمان يقولُ...
وقال كما الشمس رعناء وخسيسة...
زنِّيم ويسقطُ في درَكِ الهالكين الهلك ْ
_2_
هذا الحصانُ الأبيّ العنيدُ
بعمرِ السماوات وأنجمها
وضوء المجرّات فيها
لم يكنْ لأبيك
فانزلْ...
نصف دهر وقرنٌ وأنتمْ تُروضون فيه...
وها أنتَ تلْجُمه بعد أبيك
وألفاً من التابعينَ الفَنَك
ومازالَ مُرّاً وصعباً كما أوّل الخلق
جرحُه بلغ الأرض
وصهيلُه السموات
ووعدٌ لهُ الآن
أن تقتُلَه وتبيد حماه
أو يقتُلَكْ...
اِقتله إذاً لتفوز
نصفُ قرنٍ ولم يقنَع اللصُّ فيكم
زنيماً ووغداً
ولم يقنِعِ الهرِمُ الألمعيُّ ربيبُ الوصايا
وحرزُ أبيكم بأحقاده
ولاتَ يفيءُ المروّضُ منكم إلى حكمةٍ في اليقين
وينسى الحقودُ الذي قام بالغلّ
عبر مئاتِ السنين
أيصفحُ... ينسى...
وكيف لينسى سليل القرود بقرداحة؟
شلوِ السّفود الحلَك
ْإنّهُ المستحيلُ والصّعبُ
وليسَ يُصاف الزّمان حقود سفّاح وغِلٌّ...
فلو جبلٌ قُلِب الآن
ولو جُفِّف البحرُ من مائه
ولو حُشدتْ كلُّ حيتَانه والأساطيل
وحلّتْ لكم معجزاتُ الصّراعِ وأزمانه
وأضحتْ جراحُ بلادي المداد
وقتلى بلادي رمال العدَد
ولو أيّام عنترة بنِ شدّاد حلّت
وجندُ سليمان والجنّ ورؤيا يوحنّا...
وما زلزل الأوقيانوس العظيم
لما اِنصاعَ هذا الحصانُ العظيمُ
لكم أبداً
ولا نام نومتَهُ في الأبد
محالٌ وعُظمى ومعجزةٌ
أن تحُطّ وتنصاع هذه الشّموس العنيدة
أو ترضخَ الآن بعد العجاف وبعد الصّمد
الحُرّ يعرفُ صاحِبه
والأرضُ تعرفُ زارِعَها
ومن عِرف الفرس العربي الأصيل
محالٌ لهُ يرتضي المسخ فوق صهْوتِهِ
ولو كانَ أسطورةً في الجهاتِ
فانزلِ الآن عن ظَهرِه...
أتُقتلنا الآن بجيش الجيوش
وحشد الحشود الذي سَوّلَكْ
أتقتُلنا وتحرقُ كلّ البلَد؟
خسِئت
ولو أطبقتْ بالأرض كلّ الشياطين وإبليس...
نرميكَ...
يَرميكَ شعبي العظيم
ولو عزّزك الكون وجيش الجحيم
من الرّوس وخامنئي ونصْرالله ومنْ خوّلَك
ويلفظكَ الأباطرة الأولى
نصّبوك
وقد مرّغوكَ بزبل الرّغام
(والذلّةِ العارِ والهَشْتَلَكْ)
وقالوا برِئنا وكلٌّ يحيل إلى من هلَك
أتبقى؟
وقالت الأولى زيفوا وأهالوا بزيغِ القلوبِ لنا القوّةُ الآنَ
لنا الملكُ والعهدُ والأرضُ كلُّ البلادِ
وقالوا لنا الماءُ والضّوءُ والدّمُ والرّوحُ...
وظنّوا استكانَتْ وذلّتْ لهمْ
بلاديَ لمْ ترتَحل
ولمّا تزلْ كما الرّوحِ باقيةٌ لاتموتُ
وولّادةُ شاميرامُ العُهودِ تعيدُ الحياةَ وتبني البيوتَ
وشعبي يدورُ ويملأُ أرضَ الورى والسكوت...
يدورُ يدورُ يدلّ السّراةَ ويَهدي الهُداةَ ويُعطى الأُساةَ السّطورَ
ويَطْحَنُ قمحَ العُصورِ...
وقُلنا خَسئتُمْ بما تشتهونَ
وقلنا أتبقى بما وسموكَ
تظنّ بجيشِ الغزاةِ وقهرِ الحياة
وطوفانِ دمّ كأنّ القيامةَ قامتْ
ويبقى لك الملكُ
خسئت...
الملك لله
الملكُ للهِ والشّعبِ
الملكُ لأبنائِنا في غَدٍ
ويبقى...
فما أنتَ إلّا الأبله دوناً عنِ العالمينَ
وما أنتَ إلّا سليلُ الهلَكْ
ما أهبلكْ.