-->
U3F1ZWV6ZTEzNzUzMDQwMTQxX0FjdGl2YXRpb24xNTU4MDI5NzIxNDY=
recent
جديدنا

قراءة تحليلية في رواية «هيمن تكنسين ظلالك» للروائي «جان بابيير»



قيرين عجو (دهوك) / خاص سبا


من هي هيمن؟
هيمن بطلة الرواية، وابنة مدينة كوباني، في كل فصل من فصول الرواية تكتشف مرحلة من مراحل تطور شخصية البطلة كأنك تكبر وتتطور معها. 

استخدم الكاتب أسلوب المقارنة بين البطلة هيمن وبين مدينة كوباني، منذ مراحل ولادتها ومروراً بتسميتها وإلى تطور شخصيتها وانتهاءً بغربتها الخارجية والداخلية.

تمرّ هيمن بكثير من الأحداث كما مدينة كوباني، وهنا يلعب الكاتب دوراً في وصف المشاهد بأدقّ التفاصيل ويصوّر كل مرحلة من مراحل حياة البطلة منذ طفولتها ومروراً بتفاصيلها الجسدية والفكرية والنفسية، كأنك تعيش كل مرحلة مرّت بها البطلة ومدينة كوباني من فرح وألم وعشق و غربة وحروب وصراع وحنين وفراق... يعتمد الكاتب على ذاكرته وخياله في وصف المشاهد وخاصة بعد مغادرته مدينته، معتمداً على الصور التعبيرية في وصف أدق التفاصيل.

أيضاً اعتمد الكاتب في كتابة روايته أسلوب النص الأدبي حيث قام بوصف اللحظات السعيدة والحزينة والحميمية والحوارية ولحظات الفراق باستخدامه تعابير أدبية وشعرية جميلة ذات مفردات عميقة وأكثر رومانسية.

بطل الرواية الثانية هو مانو (حبيب هيمن) وهو بدوره أيضاً يعيش كل مراحل حياة هيمن بتفاصيلها الدقيقة، فهو الذي يكبرها بعشرين عاماً لم يتوقع يوماً أنه سيعشق هذه الطفلة التي ولدتها أمه والذي حملها وراقب كلّ مراحل حياتها.

المكان (الجغرافيا):
استعان الكاتب بأجمل المفردات في وصف جغرافية مدينة كوباني، وكما اختار أجمل التعابير في وصف جغرافية جسد محبوبة مانو، عندما يقترنان في أمسيتهما الحميمية بعيداً عن العيون و يكشف عن جغرافية جسدها مقارنا بينها و بين مدينة كوباني.

صوّر الكاتب جغرافية بيئته الذي عاش فيها و الأماكن التي كان يزورها و يتسكع فيها و يجتمع فيها مع أصدقائه و مع هيمن. و وصف الشوارع الحارات و السهول حتى أنه قام بذكر أسماء أماكن مشهورة و موجودة في مدينة كوباني.

كما قام بوصف رائع لمدينة رها على الحدود التركية، كما قام بوصف الهجرة إلى الخارج و نقل الصورة بكل واقعية.

الزمان:
اختار الكاتب الزمن الممتد بين فترة ما قبل الثورة ومروراً بمرحلة الثورة على النظام أيام كانت المظاهرات سلمية ولكنها تتحول إلى أكثر شراسة مروراً بدخول داعش إلى المدينة و تعرض معظم الأهالي إلى القتل و الذبح، و امتداداً إلى مرحلة خروج الأهالي من المدينة و اللجوء إلى دول الغرب. يحاول الكاتب أن يصوّر مشاهد الدماء من قتل و ذبح بأدق التفاصيل حتى أنّك تتخيل المشهد أمامك معتمدا بذلك على آلة تصوير هيمن و ذاكرة مانو الدقيقة في التدوين،  فهما اللذان يقومان بتصوير تلك المشاهد الدامية من قتل و جرح و أنين و مناجاة. كي يثير تلك المشاهد أمام العالم. وفي جميع مراحل الرواية يقف الكاتب أو بطل الرواية مانو إلى جانب البطلة هيمن. و قد صور الزمن بشكل دقيق كأنك تعيش كل لحظة بلحظتها. أحيانا تشعر بتوقف الزمن و تسمع النبضات،  و تتمنى أن يمرّ الزمن كي تخرج مع الأبطال من الورطة و الألم و مشاهد الموت و القتل التي يمرون بها.

وينتهي زمن الرواية إلى ما بعد خروج البطلين من المدينة و اللجوء إلى النمسا حيث يستقران في تلك الدولة و يتزوجان لتنتهي الرواية بمشهد حميمي بينهما.

الشخصيات:
اعتمد الكاتب عدة شخصيات في روايته و حاول أن يعطي كلّ شخصية من شخصياته الطابع الواقعي و الحقيقي من شخصيات كوباني. كل واحد من شخصياته لعب دوراً بارزاً في الرواية و أعطى واقعية أكثر, و قد حاول أن يختاره بعناية من واقعه و قد تصادفهم في حياتك.

البطلة والبطل هيمن و مانو هما اللذان يحركان الأحداث و يتحرك الكاتب بشخصياته الثانوية ضمن مساحة امتداد البطلين. و قد يولد أشخاص و يموت أشخاص حسب وقائع الأحداث.

الصراع الداخلي:
يقوم الكاتب في روايته بطرح مجموعة من التساؤلات على المجتمع و الدين و الأحزاب. حيث يناقش الأفكار بجرأة من خلال مشاهد حوارية بينه و بين هيمن و شخصيات الرواية. و يزيل أفكار و يتبنى نظريات و أفكار جديدة.
يطرح الأسئلة و يختار شخصيات كي يجيب على تساؤلاته.

اللغة:
اختار الكاتب اللغة الأدبية و الشعرية في روايته، أعطى مفرداته جمالية لمشاهد الحوارية العميقة من خلال الحوار الذي تقوم به شخصية مانو مع شخصيات الرواية الأخرى.

إلى جانب استخدامه كلمات عامية في عدة أماكن من الرواية و هذا ما أعطى جمالية خاصة للرواية.

أيضا إدخال الكاتب لغته الأم إلى الرواية عند المناجاة و النواح. كما حاول استخدام مصطلحات محلية لمدينة كوباني من حكم و أمثال و غيرها.

اعتماد الكاتب على السوشيال في عدة فصول من الرواية و خاصة عندما كان يتواصل مع هيمن على الماسنجر. كأنك تعيش واقعك بأدق تفاصيله.

مشاهد الهجرة:
برع الكاتب في وصف مشاهد الهجرة المختلفة و صور خروج الناس من مدينتهم إلى تركيا بداية دخول داعش المدينة و أيضا الإنتقال إلى مرحلة الغربة الثانية من خلال اللجوء إلى أوروبا باحثين عن الأمان، و يصوّر الكاتب مشاهد الحسرة و الإهانة و الموت و الغربة بحذافيرها و بتفاصيل دقيقة و متقنة مستخدماً عبارات قوية في كسر النمطية.


بوادر الأمل في روايته:
في عدة مشاهد من الرواية نلاحظ الأمل، حيث أن الكاتب لم يفقده في جميع مراحل فصول الرواية. من خلال تمسكه بحبّه، و ظهور الطفل عندما كانت هيمن و مانو يصوّران مشاهد هجوم داعش على المدينة و تمسكهما بالحياة من أجل حماية الطفل. و أيضاً تحمّل مانو صعوبة و مشقة الحياة في الغربة كي يحصل على محبوبته و يحضرها إلى النمسا، و نهاية الرواية و الولادة من جديد و زواجهما بعد معاناة كبيرة.


في النهاية الرواية تتألف من 699 صفحة إلا أنك ما أن تمسك الكتاب لا تتركه حتى تنهيه، فقد اعتمد الكاتب السلاسة و الإثارة و الفضول و الشوق و الرغبة في روايته. و تشعر بالفضول كي تلاحق الأحداث لتعرف ماذا سيجري مع البطلين. الكاتب في روايته لم يعتمد الترتيب إنما فضّل التقديم و التأخير في الأحداث. هو تارة يكتب الحاضر و تارةً ينتقل إلى مرحلة طفولة كاتب الرواية(مانو). كأنه يتلاعب بالأحداث معتمدا على جمالية خاصة كي يختار المكان المناسب لإعادة ذكرى أو مشهد تاريخي.

أمّا اللغة الحوارية بين بطلة الرواية و البطل اختارها بعناية فائقة و هذا ما أعطى الرواية جماليتها الخاصة.

هنا النهاية التي اختارها الكاتب نهاية فيها  حبّ و نشوة رائعة حيث يجعلك تعتمد على خيالك كي تصور المشهد الحميمي بين البطلين.
تعديل المشاركة Reactions:
قراءة تحليلية في رواية «هيمن تكنسين ظلالك» للروائي «جان بابيير»

can

تعليقات
    ليست هناك تعليقات
    إرسال تعليق
      الاسمبريد إلكترونيرسالة