-->
U3F1ZWV6ZTEzNzUzMDQwMTQxX0FjdGl2YXRpb24xNTU4MDI5NzIxNDY=
recent
جديدنا

محطات



خديجة بلوش / خاص سبا


مثل جثة نسيت كيف تتحلل، أقاوم، أصارع ثم أترك جلّ الأمور على حالها وأركن للهوامش كي أنعم ببعض الرؤى المتّزنة لأستطيع مواصلة الموت الكئيب.
صور أخرى وجدت نفسها باهتة أو فاقعة، لا فرق كلها صور فاشلة.
في اللحظة التي يستسلم فيها البقية للسبات، للغوص في عوالمهم الغريبة، أظل أنا متشبّثة ببعض الصحو، أعالج أفكاري من تسمم وشيك وأراقبهم.


  • رسائل:
أكتب وأنا على يقين تام أنك لن تقرأ رسائلي هذه.
بالأمس وأنا في الطريق إلى هنا كتبت وكتبت وكتبت، كلما طويت مسافة إلا وانهمرت الأفكار لتملأ كل شيء حولي و تغرقني في ضباب كثيف، ثم قبل أن أُنهي الرسالة اكتشفت أني كنت أكتبها في خيالي فقط وأن الأوراق التي كنت أظنني بصدد إغراقها بالحبر كانت وهمية.
إلى هذه الدرجة تمكن الحزن مني، إلى هذا الحد كنت مغيبة بين خيال قسري ووهم أعمى؟
كنت قلت: أني أنا من سبق لفتح هذا الموضوع. عدت بذاكرتي إلى أول لقاء، أول كلمة، أول قصيدة، ولم أجد أي دليل يؤكد أني من فتحت هذا الباب.
قلت كأنك تلومني:
– أيتها الغريبة لولا قصائدك لاقتبست من القمر حزنه لأمنحك لحظة ضياء.
– لم أكن أكتب لشخص محدد لطالما كتبت من خيال للخيال.
– لست مؤهلة للحب بعد.
– مَن قال أني أبحث عنه؟
نظرت مطولاً إلى الصور المعلّقة على حائطي وقلت باستبداد:
– غيري هذه، في نظرتك تساؤلات كثيرة.
– هذه الصورة بالذات، أحبها وأنا هنا طفلة ونظرتي كانت موجهة إلى والدي، كنت أخبره بها أن الضوء الذي يخرج من آلة التصوير يزعجني، وأن المصور لا يعرف كيف ينفذ لما وراء الهالات التي تحيط بعيني.
– كان أبي يبتسم ونظراته تهدئني وتخبرني أنه لا داعي لأن أمنح أسرار الهالات لأحد سواه.


  • عطلة:
تصيغ السمع وهي مستلقية بكسل في سرير ليس سريرها، وهذا لا يحدث إلا نادراً حين تغير من روتين يجلد أيامها المتشابهة. وأولادها أيضاً يشاركونها هذه الصباحات المتأخرة حين يحملون قبلها بليلة ما خف حمله وكانت قيمته تناسب عطلة ليوم واحد في مكان يبعد مسافة أميال قليلة عن زقاق يتواجد به ما يشبه بيتهم.
هم الآن يشكلون فريقاً متفاهماً لتواتر الحياة التي أُرغموا على عيشها.
لاجئون بشكل ما منذ سنوات في بيت العائلة الصغير ويمنّون أنفسهم بمستقبل أحسن في مكان مختلف وأفضل، والجيران في بيت العطلة القصيرة صاخبون، واستنتجت أيضاً من خلال أصواتهم أنهم فوضويون. تتخيل بيتهم المكون من غرف كثيرة وأثاث كثير غير متناسق.
– لماذا ليس متناسقاً؟ تقول لنفسها.
هي تصادفهم حين تصعد الدرجات، الأم من بعيد تبدو صغيرة السن وبياضها الشاحب مستفز، وحين تقترب منها تكتشف أنها أكبر عمراً والتجاعيد تشكل ما يشبه السياج الشائك حول عينيها وفمها المبتسم. الأب قصير القامة مكتنز ولونه مختلف، والأبناء تترواح زانهم بين النحيف والسمين. هي مشكلة ألّا يتم توزيع إرث الوزن بالتساوي بينهم.
الفتيات أخذن من والدهن اسمراره واكتنازه والأولاد من أمهم شحوبها المنفر ونحافتها الغير عادية. إذن فأثاث بيتهم ليس متناسقاً لأنه سيكون متناقضاً مثل ساكنيه. وجهة نظر غريبة!
تنظر أيضاً إلى نفسها وتلقي نظرة خاطفة نحو أبنائها:
– ما عساهم يقولون عنا نحن؟


  • عمق:
سيمر العمر بلمح البصر وستجد نفسك بعد شبابك الباذخ وقبلها طفولتك الشيقة في سنوات النضج حيث سيخيل إليك أن الحياة لن تمر مرور الكرام قبل أن تكافئك على كل لحظة توقفت فيها عن الانصياع لما تمليه عليك هواجسك الغريبة.
لن تنزعج من لحظة ضعف كنت فيها على وشك الوقوع بين براثن اليأس ولن ترهبك لحظة كنت فيها على وشك الموت. كما لن تتذمر من لحظات كانت فيها أخطائك سبباً في تراجع حياتك لخطوات عديدة للخلف.
لن تتنمّر على نفسك كلما أوقفتك تفاصيل كنت تود دفنها، تفاصيل أنت تخجل منها ولم يركبها أحد سواك.
أنت الآن شخص آخر. شخص لم تكنه سابقاً وأي شيء يتعلق بالماضي هو شيء لم يعد يخصّك أو بالأحرى... لم يعد يؤثر بك سلباً. 


تعديل المشاركة Reactions:
محطات

Kaya Salem

تعليقات
    ليست هناك تعليقات
    إرسال تعليق
      الاسمبريد إلكترونيرسالة