-->
U3F1ZWV6ZTEzNzUzMDQwMTQxX0FjdGl2YXRpb24xNTU4MDI5NzIxNDY=
recent
جديدنا

ضمائر غائبة: في ساعة الجسد


محمد أمين المكشاح / خاص سبا

 

بين الهو والأنا الأعلى، تبخرت الأنا في نظرية فرويد وتجلينا: أنت وأنا سوية…

أشتهيها، لا أنكر، بل أني أؤكد ذلك.

 

أشتهي الروح فيها والحياة النابضة في جميع تفاصيلها، أشتهي كل ذلك وأكثر إلى حد التعب، إلى حد الذوبان والولادة مرة أخرى خارج الزمان والمكان… هي لا تعلم بعد أني أختلج حين أتأمل تجليها كل ليلة، حين أتحدث إليها وأخشى فقدانها، حين تشاركني الخيال الذي تتجلى فيه الحقيقة أكثر من الواقع، حين أشاركها فراش رؤاي وتتجسد الأنثى فكرة وأمنية، وهي لا تعلم أيضا كم أن الغواية مقدسة في حضورها كما في غيابها… علي أن أعترف أيضا أنها لا تغيب، الفكرة لا تغيب ولا تفنى، الفكرة تذهب بعيدا في جوهري، تحيي تفاصيلي المبعثرة، تنادي بالاكتمال وبالسلام، بالتمخضات وبالحرب…

 

أفكر أحياناً أن كل تلك الفراغات الجوفاء وضعتها لاعتقادها أني أشتهي جسدها لا غير، هي لا تعلم أني أشتهي كل تفاصيلها بلا استثناء ولا استغناء، أن كل ما فيها يجعلني أتمرد على النهار والليل لأتأمل فيها، في كلماتها، في صمتها، في غضبها… هي لا تعلم ماذا يكون لي معها في الليل حين تغمض جفنيها…

 

كيف تسربت إلى جوهري؟ في تماهينا وعد بميلاد آخر وبعث في عالم لا يهم فيه غير احتراق الجسد بنظرة واحدة…

 

ذات مرة أسررت إليها أني أرى في الحكاية قدسية رغم التجلي الواضح للجسد…

في البداية ضحكت، ربما لظنها أني أسخر من الدين، أقسم أني لا أحاول إلا أن أفهمه، من منظور آخر ربما، لكن قطعا لا أحاول السخرية…

 

“لا أهمية للزمان ولا للمكان حين تلتقي أفكارنا، موعدنا ذاك إحياء للأصل الأول، آدم وحواء طردنا من الجنة ثم التقينا…”.

 

تعلم أني أحترق حينها، تخشى أن تجعل ناري تفاصيلها جحيما، فتهمس محاولة وأدي تحت الثلج “تحب الأطلس، لم لا نلتقي هناك؟” وتضحك…

 

“هناك أفقد ذاكرتي وأفقدك: أنا من تلك الأرض، من ذاك التراب وهناك إلى التراب أعود لأتعمد في السلام والبرد…”.

 

اللقاء، هل نلتقي حقا؟ أصبحت أشك في ذلك مؤخرا… ليلي أقضيه مفردا، ربما كنت أحمقا حين كنت أسر لها “دعيهم، اهربي معي: هذه ليلتنا…”.

 

تلك الليلة، ليلتنا لم تدم غير بضع أسابيع… رغم النهاية التي تبدو واضحة الآن قبل وقوعها، استطعنا لمرات التماهي مع تفاصيل الكون، كانت تقول “هذا لن يدوم…” وكنت أغضب ولا أعرف لماذا، ربما هي الحقيقة المضجرة ما أغضبني: لم أحب يوما النهايات، أنا مسكون بهواجس الأبد…

 

“كنت طفلة واعتقدت طيلة سنوات أن الأشخاص الذين نحب لا يمكن للساعة أن تفقدهم بريقهم، ظننت أني أدركهم كما هم حين أبلغ… بعد كل هذه السنوات أتسائل، لماذا دائما ما يسبقوننا بخطوات؟ لماذا لا نبقى إلى جوارهم؟”.

 

كانت تتحدث بما يختلج في نفسي، ربما ذهبت أكثر مما ظننت في دخيلتي.

كانت النهاية قريبة ولا مناص منها غير التوقف هناك، على بعد بضع خطوات من اندثار كل شيء…

هكذا كان الأمر: لا مزيد من الكلام، لا وداع ولا وعد…

ربما نلتقي هناك مرة أخرى…

تعديل المشاركة Reactions:
ضمائر غائبة: في ساعة الجسد

Kaya Salem

تعليقات
    ليست هناك تعليقات
    إرسال تعليق
      الاسمبريد إلكترونيرسالة