رنا سفكوني
أنا لا أنوب عن الذين قرؤوا تاريخ أمتي، ولا أحمل لهم عناوين أجدادهم، أولئك الذين فقدوا هوياتهم على مفارق الروح وحدهم كانوا يعلمون أن مَن يسكن مدينة لا تشبه روحه سيعتزل البكاء والفرح الطويل.
منذ أعوام وهم يغربلون أقدامهم بين رصيف وآخر.
لا أنا كنت قادرة على خطى مقذوفه على شوارع فارغة من قناديلها، ولا المدينة سكنتني.
يا أنا ووجعي الطويل كحبل أمي السري... أمد على أصابعي ليل من أحب وأشتهيه مدينة لا يسكنها سوى الجنون...
عبث ما أحلم به..
أستيقظ ولا أرى في ظلام المدينة سواك ناهضاً تعرش على ما بقي مني... وكنت كغيرك من الذين أسرجوا خطاهم وعدوا على أصابعهم ما بقي لنا من الأيام..
لربما رحيلك أسهل من بقائنا متأرجحين بين شارع وآخر للوقت..
سأقذف بهذا النبض بعيدا وأشرع روحي للاشيء وأعد الحكايات لينطفئ الغياب..
أرسمك كما كنت منذ سنين قادما نحوي تسحب ذراعي إلى كتفيك وتقطف توتك البري من عرائش نبتت على جسدي في الغياب..
لا ترحل صورك من ذاكرة خضبها حسنك، ويداي مازالتا معلقتين على انحداراتك
كم من المرات دربت أصابعي على رسم تفاصيل ذلك الجسد، حتى بات الضوء لا معنى له..
أشتاقك يا أنا مغمضة على كل الشهوات إلاك.
أين أنت من غربتي...؟
حزمت حقائبك الصغيرة وخطوت نحو مجهولك.
لا ظلك يمتطي حلمك
ولا حلمي يسرج الانتظار
يا أنت كم تخضبني بالشوق الكثيف لك في برد أيامي.
يا أنت وأشتهي أن انضواء روحي تحت حنينك..
فلتعد
ولتسحبني من أمام مرايا رسمت حاجبي مطولا أمامها..
ها أنا أهيئ قميص ليلنا وأنقع الياسمين بالشهوة..
وأرسم شفاهنا على حافة القلق.
أحبك
فلتنحن على جنوني
ولأفترش الهواء سريرا لجسدينا
أحبك
بعدها لتنتهي كل الحكايات ويهرم الله في سكونه.
وأطفئ خاتمة عمري بقولي
أنا الغريب الساكن على فاصلة الوقت
والجسد النابت في عتمك.