حسان عزت
رأيت
الشِّعْرَ في صباحٍ شتوي
بملاءات
بيضاء ثلجاً يغطّي كل شيء
الشّعرُ
الحزينُ مثلي
المفعمُ
بالرغبات والمطر ومهاري الريح
بل بثمار
الكرز الواحمِ
ملاءاتٍ بيضاء تغطي الأشجارَ والبيوتَ وكلّ شيء إلّا
وجهَ حبيبي
إلّا
شبابيكَ بيته المضيئة بقدسية
قبّة
النور وهي تتجلّى في رئمينِ يهتزّان ليقضما قلبي
أذكرُ
في ليالي الصيف البعيدة
كنّا
ننامُ على السطوح
تحت
ملاءة بيضاء
هرباً
من لسعِ البعوضِ الداشر
كنّا
نتبادل تحتها العناقات والقبل
وكنّا
نغتلي في قهوة أجسادٍ بالزّحن والأكلان
رأيته..
الصباح المغطّى بالشِّعرِ الآن
في صباحات
الميلاد والرغبة
بأجراس
كنائس بيت لحم
وشجرةِ
العطشان
وكانَ
المسيح يقطعُ المسافةَ بين فلسطين وشام
يمشي
على الثلج
حافياً
بوجهٍ عاشقٍ وعينين
مضيئتينِ
بأزهارِ اللوز والكرز
وكان
كبّاد بيتنا على فرسِه يتلألأ
وفي
لحظةٍ غامرة من حلم
ومن
صلاةٍ
ومن
ملاءاتِ الثلجِ التي تُغَطّي كل شيء
رأيتُ
وجه حبيبتي في ابتسامة المسيح الحزين
وهو
يمسح على بيوت سورية وفلسطين ينثر عليها ندفاً من شقائقَ وثلجٍ
وهو
يصعد إلى السماء
حافيا
معانقاً صبية
بشعرها
الطويل
وكانت
على وشكِ الذبيحة
ولا
أعلمُ لمَ ظلّ ذلك الصباح من الشعر وذلك البرد العظيم بموسيقى
ووجهُ المسيح يسكنُ قلبي
وأنا
معلْقٌ بأجراس باب توما
ومآذنِ
الأمويّ
وعبد
الباسط يقرأ في صباحِه الغامضِ سورةً من قرآن الخلق وهو يصدح :
وبرّا
بوالدتي ولم أكن جبّارا شقيا
وأرى
الشامَ بكلّ جنوناتِ عشقها
وغموضِها
وهي
تقرِصني من الرّوح
وتقولُ
ضُمّني ياكسلان
اصعدْ
بي درجَ الورد
وخذني
كما المسيحِ
بملاءاتٍ بيضاء