هيئة التحرير
لنعِد معاً ترتيب أشياء أخرى. في الشتاء يطول الوقت أكثر. لنجرّد الحسابات، ما هي الديون المترتّبة علينا، ما لنا وما علينا، ماهي الأشياء المفيدة التي نفعلها في اليوم، هل أعلنّا الحداد على هدر يوم كامل دون طائل واستيقظنا من صمت إحدى الكتب لندخل عالمها الصاخب بالمعرفة، ماذا لو كانت السنة تفتقر إلى فصل الشتاء، هل كنا شاهدنا دموع السماء بهذه الغزار، أو أن السنة خمسة فصول، ما الذي كان سيحدث؟
لنتخيل فصلاً خامساً باسم نزيف الأمل، ونخرجه من ثقب السنة، أو لتُجهَض الفصول المعتادة التي نعرفها ويطرح كل فصل شهراً؟!
لا، سيصبح هذا الفصل بديناً، ولن يستطيع أن يرتدي أثواباً على مقاييس الفصول الأخرى التي ستبدو نحيفة واهنة. لم تنجح عملية القسمة فهناك تفاوت في الحجم والعدد، فلتكن شهوة عابرة في مؤخرة السنة، والشهر يلبسكم أو يهديكم وردة ونجلس في حلة الوقت البهية. هذه الحياة هبة لنا فلنعرف كيف نستهلكها، لنعُد إلى حقول الكلمات، في اليوم كم كلمة ننطق؟ الكلمات مثل البذور، منها ما ينبت ومنها تكون جوفاء لا تثمر عن شيء. كيف نضيف كلمة إلى أخرى ونخرج بمعانٍ جديدة؟ ربما تحتوي الجملة في داخلها قنبلة موقوتة أو سجادة يركع عليها العابد، أو لذة تقطفها الشفاه بقبلة لخلق دينامية الكلمة في المتن. نحتاج إلى تفاعل وترابط بين العناصر التي تحتويها لتتفاعل وفق بنية مركّبة بأماكننا، أن نُظهر الجمال وكذلك القبح في السؤال والجواب لكيلا نخون القارئ، للتمكن من الإيقاع وعدم الوقوع في مطب التكرار.
لا شيء يأتي بالمجان، فلنلهث وراء ما نسعى إليه، ونراقب الأرض بأي ثمار ستحبل، لنرتب باحة أفكارنا من جديد وندوزن خطواتنا للسير. كم هدرنا من الوقت في سفر في خطوات عابرة و ضجيج حروف لم تنجُ بمعانيها.
الأشياء من حولنا مبتذلة، والصور لحظات تغادر من الفصول بعبث وجهلنا بالحرف ورنينه هو السبب في العطب وعدم إيصال المعنى إلى الغاية. الساعة لا تتوقف كي نرتب المائدة ونحلم بما نريد. عندما تصافحون الجملة كأنها يد الحبيب/ة في لقائكم الأول يمكن أن تكون وجبة دسمة لجائع، وقد تكون عكاز يعبر بكهل، لنداعب ثدي الكلمة بلذة وعشق، إذا كنا نريد أطباق شهية على مائدة نصوصنا؛ يجدر بنا أن نشقى حتى نحصل عليها، ثم نرقد هناك أكثر لتغمر أرواحنا كأننا نستمع إلى موسيقى الحرف بحياة داخلية بعيداً عن الصفحات الملبّدة بالغيوم والرمزية المبتذلة. لتكن مرآتنا التي تعكس ملامحنا.
هكذا هي اللغة، أن تعرفها وتعشقها.