آية سامي الشيخ
حين رأيتك، علمت أنّك رجل كبريتي، وعلى الرغم من أني امرأة شمعية اقتربت
أخذتَ عيّنةً من جلدي، حلّلتها في مخابر قلبك، وبعدها قلت:
- إذاً متمرّدة.
ابتسمت بمكر ودهاء، واجهتك بسحري:
- لا تعنيني قوانين الطبيعة، كوّنت من طين الاندفاع.
عبثت بخصلات شعري، فشعرت بالخوف؛ كدت تقترب من صندوق أسراري الذي أخفيه تحت جلد رأسي.
خفت أن تلتقطك أصابع الحقيقة، فتعرف مسقط قلبي حيث مشفى مجانين الحبّ.
جثوت على قدميك، ثم فتحت ذراعيك قائلاً:
- هل تقبلين الموت منّي؟
ارتعشت أوصالي، وشعرت بحرارة حروفك حينها، وأخذ جزء مني يذوب حين أجبتك:
- نعم!! أقبل.
كان الحبّ حينها كسيارة تسير بلا فرامل، وكانت القصّة مرهونة بالترقّب، استطعت أن أرى لسان النهاية يسخر من كلينا، يحمل نبوءة لعقنا للهلاك.
سارت الأيّام على مضمار سباق، وكانت الدّقائق تتنافس في الركض، وقبل أن نصل لنهاية الطريق، ظهر الموت، أنت الكبريتي العملاق رحت تطلق النار عليه.
وأنا الشمعية الطرية رحت أطلق النور عليه.
لم يبرح
سرقتني يداك الملتهبتان، ورحت أذوب على شكل الدموع، بكيت على كتفك، وكانت دموعي تحترق قبل أن تلمس جلدك، فصرخت بعد أن تذوّقت الحياة:
- أريد أن أعيش.
فأجبتني مشتعلاً:
- ليس بعد الآن.
ارتطمنا بقصر من أعواد ثقاب، سقطنا في أعماقه.
وأنت أيّها الكبريتي الخائن قد اشتعلت، رأيتك تصافح الموت، تقدّمني إليه كهدية مغلفة بالدموع.
أنا الشمعية، كنت أذوب أمامك، أتوسّل لنيرانك أن تمنحني الخلاص، فكنت تبتعد مكتفياً بنفخ النار على جسدي الشمعي، ثم تتركني أتلوّى على مهل.
انتظرت كثيراً حتى ذبت، قبل أن أنتهي اقتربت منّي ساخراً يسيل لعابك على وجهي كجمر:
- الموت لا يقتل الموت، لكنّه يقتل الشمعيين أمثالك.
ظهرت خلفك بعد كل استجداءات الخلاص، كبحرٍ هائج، دمّرت نيرانك الغبية، أيّها الأحمق جعلت قلبي يُلبس الفرص ثوب التوسّل، جعلت حبّي عبداً ذليلاً، جعلت من نفسك إلهاً!
تحت شعري المحترق، خلف جلد رأسي، خبّأت جنوني وانتمائي، وأجبتك:
- الموت لا يقتل الجنون؛ إنّما يحييه.
ولأنّي المجنونة الوفيّة لمسقط قلبي، ولأن القواعد لا تعنيني، أستطيع الخروج عن الضعف بابتكار أقنعة القوّة.
أنا البحر حين الاحتراق
والشمع حين الحب
والحياة حين الموت
والأمّ حين الوجع
والانتقام حين الغدر
والقوّة حين الضعف
القوّة حين الضعف
القوّة حين الضعف
القوّة
القوّة
قوّة
ق
وّ
ة.