سليم بركات
ما الذي تراه؟ قل لي أيها الطفل ما الذي تراه؟ هضبتان في الأفق، وعقد من القرى وتراب يترنح بين صيف طائش وبين شتاء أحمق. وموعدك أيها الطفل موعد نبات أو طير. تغمض عينيك على ضحى تتساقط من سلاله الأقنعة، وتقبض بكفيك علىى لجام غامض، كأنما تتهيأ أنت للكهولة، أو تتهيأ لك الكهولة، لتختزلا، معا، ذلك السحر الذي ينبض مرة واحدة فتنتحر الحياة شوقا إلى نبضة ثانية.
هيهات أيها الطفل أن ترى غير ما رأيت. وما الذي رأيت، قل لي، غير عربات تئن، وينابيع هاربة من ضربات الغبار؟ كفاك انتحالا للأشكال لتطمئن إليك الأشكال. كفاك دفعا بي إلى ندامى احتضنوا الجذور وناموا. لكن بالله، لا تخفف من وطء الغمام علي ووطء الثلج، حيث المحك بينهما تنحر العصافير والوقت، ناثرا من نشيجك على الأرض طفولة للأرض، ناثرا شباك دمك السكران لتلتقط الملحمة .