نوجين قدّو
كانَ عِراكُنا جنائزياً،
عندَما قُتلَ أحدُهم في الأوساطِ
عندَما انشغلْتَ أنتَ بمراسيمِ الغسلِ والدفنِ
وتولّيْتُ أنا أمرَ البكاءْ.
لم أشهدْ ملامحَ القتلى قبلَ ذلك
كنْتُ أنكمشُ على نفسي خشيةً
أشعرُ أنني أُصبْتُ لا بالعَمى،
وإنما بالبُكمِ!
كنْتُ أرى كلَّ شيءٍ
حينَما هُزِموا، وبَصَقوا الدماءَ
ومن ثمّ أنفاسَهم
بينَما ابتلعني الذُّعرُ حيالَ ذلك!
وددْتُ لو أصرخُ
لو أبكي
فبكيْتُ...
لكنني افتقدْتُ دمعي!
كانَ بُكاءً صحراوياً قاحِلاً
نِدائي يَصطدمُ بقصباتِ صَدري
فأشعرُ كما لو أنها معركةٌ أخرى
تدورُ في داخلي.
أستطيعُ سماعكَ تضحكُ،
تصرخُ،
توبّخُهم،
ترميهم بالشتائمِ
وتلعنَ وجودَهم
كنْتَ بعيداً،
أخبرْتُكَ أنني أخافُ،
وكنْتَ تعلمُ
ولكنك بقيْتَ مُستديراً نَحوهم
ليهمسَ لي قلبُكَ: لا تجزعي!
فأسكنُ، ويسكنُ قلبي...
وتُمطر.
لأغتسلَ تحتَ غيمةٍ رحيمةٍ
فأسمعُ صوتَ أحدِهم:
«أخيراً نَجوَنا».
وآخر يقول:
«لقد قُتلَتْ فضاءاتُ الخيالِ
وماتَ الضبابُ بعبوّةٍ ناسفةٍ».
توضّأْتُ بالمطرِ،
ظننْتُ أنني أحلمُ
فأشرقَتِ الشمسُ فوقَ شُكوكي
وأخبرَتْني إحدى خُيوطِها:
أن الذين ماتوا لم يكونوا أشيائي،
أحبّائي،
وأن روحي تنبضُ بالحياة.
قالَتْ: أن الموتَ يُجيدُ اللعبَ
وأن مَن ماتوا استحقوا الغيابَ
ورحلوا...
22 تموز، 2022م
ألمانيا