زهرة القاضي
حينَ يضيعُ شيء
في البيتِ، نسألُ أمّي مباشرةً عنه، وكانتْ تُجيبُ يقِيناً. الآنَ، يدبُّ ورمٌ في
جِسمِها. يسألُها الطّبيبُ: أين تَشْعِرين بالألمِ؟ تُجيبُ هي: لا أعرفُ، الورمُ
ليسَ جوربَ ابني حتّى أعرِف مكانَه.
وُجدَ جوربُ
أخي. وُجدَ الورمُ. ولمْ توجَدْ أمّي.
* * *
أحملُ أبي إلى
طبيبِ الذّاكرةِ. يسألهُ الطّبيبُ إن كانَ يذْكُر ملامحَ أمّي. يُجيبُ هوَ: لا
أذُكُر أنّ لِي زوجةً، ولكنْ أذكُرُ أنّ امرأةً في النّومِ تَضعُ جُرحَ يدِها بينَ
عينيّ. وعشتُ اللّيالِي كلّها في ثُقبٍ بلونِ الدّم حتّى نسيتُ كيفَ أرى، وكيفَ
أسمعُ، وكيفَ أكتبُ.
* * *
قيلَ لِي يوماً
إنَّ أباكِ شاعرٌ حقيقيٌّ. كانَ يكْتُبُ من دمِ جُرحِ أمّي.
* * *
أنا أيضاً
شاعرةٌ حقيقيّةٌ
جُرحتُ في
صغَري أكثرَ
من مرَّةٍ
برزَ عظمِي
أكثرَ من مرَّة
خاننِي أكثرُ
من رَجُلٍ
أنا شاعرةٌ
حقيقيّة
لأنّي شاعرةٌ
خارجَ النصِّ.