recent
جديدنا

الخيال والسلطة في رواية مازن عرفة الجديدة «نزوة الاحتمالات والظلال»

الصفحة الرئيسية


أعلنت دار الخيّاط – واشنطن عن صدور الرواية الجديدة للكاتب السوري مازن عرفة بعنوان «نزوة الاحتمالات والظلال»، لتنضمّ إلى المكتبة العربية كإضافة نوعية تحمل رؤية فكرية وأدبية متميّزة عن الإنسان، في تقاطع أقصى للخيال مع الواقع.

يعيد مازن عرفة – في عمله الجريء بحسب الدار – رسم خريطة الأسطورة والسلطة، حيث تتقاطع رغبات الآلهة مع نزوات الطغاة، وتتشكّل الحقيقة من صدى الظلال، لا من أرضية الوقائع. وهو يستدعي بهذا الميثولوجيا الشرقية، وينسج منها فضاءً غرائبياً، يختلط فيه المقدّس بالفجّ، والحكمة بالجنون، وينصهر استيهام الكائنات المتخيّلة مع وحوش الواقع.

وتتطرّق «نزوة الاحتمالات والظلال» إلى الاستبداد بوصفه طقساً مقدّساً، والشبق بنية سرد، واللغة قوة إبداعية تخلق وتُميت، لا تُروى فيها الحكايات لتُطمئن، بل لتكشف، وتفتح جراحاً مغلقة، وتطرح أسئلة الوجود عبر شخصيات تتأرجح بين الخلود والسقوط.


وقال مازن عرفة في تصريح خاص لموقع «سبا» الثقافي أن روايته تسرد مجموعة من الحكايات المترابطة على طريقة «العوالم المتعدّدة الكونية»، المستمدّة أدبياً من أفكار «النظرية النسبية» و«الفيزياء الكوانتية».

هذا وينسج الكاتب في روايته الجديدة عالماً يفيض بالمشاعر العميقة، في إطار المفارقة الغرائبية، حيث تتقاطع النبوءة بالتهكّم، والهُوية بالتحوّل، والحكاية بالاحتمال. إنه عمل لا يشبه غيره، لا في صوره، ولا في صوته، ولا في شجاعته. إنها رواية تتجاوز القراءة الشخصية لتغدو تجربة جمعية.

وأضاف مؤلّف رائعة «وصايا الغبار» في حديثه مع «سبا»: «في الرواية تتكسّر حدود الأزمنة والأمكنة والعلاقات السببية، لينتج منها عوالم اللامعقول السريالية وعوالم الواقعية السحرية. تُغترف الحوادث من «التراث الديني الأسطوري»، و«حكايات الصحراء»، الموغلة في القدم، لتشكّل ومضات من حياة طاغية، عسكري/ ديني، ينبثق من الغموض والإبهام، ويعيش أجواء سحرية شبيهة بعوالم «ألف ليلة وليلة».

ويُعدّ مازن عرفة أديباً وباحثاً سورياً، وُلد في دمشق عام 1955م، وهو من الأسماء البارزة في المشهد الثقافي السوري المعاصر. جمع في مؤلّفاته بين العمق الفكري والبناء الفنّي الرصين، متناولاً فيها قضايا الإنسان والمجتمع من زوايا فلسفية وإنسانية، بلغة متماسكة وأسلوب رفيع. حصل على إجازة في اللغة الفرنسية من جامعة دمشق (1983م)، ثم على دكتوراه في علم المكتبات والمعلومات من جامعة «ماري كوري سكودوفسكا» في بولونيا (1990م). يتحدّث إلى جانب العربية الفرنسيةَ والبولونية والألمانية.

يقيم منذ عام 2017 في ألمانيا، ويواصل نتاجه الأدبي والنقدي مكرّساً تجربته لرصد التحوّلات الثقافية والوجودية، ومؤكّداً على أهمية الكلمة أداة لفهم الذات والعالم من حولها.

 

مقطع 1 من الرواية:

«أنا الزعيم الجنرال... هكذا، انبثقتُ إلى الحياة في «حكاية جديدة». في ذاكرتي ومضات بعيدة، مبهمة وغامضة، من «حكاية قديمة»، تشتعل فيها برارٍ موحشة، تمتدّ دون نهايات، يكتنفها الغموض والريبة، لا تعمرها إلا كائنات سحرية متشيطنة، أعيش بينها. ثم امتلأت بوحوش غريبة الخلق والطباع، حضرت معي من «بلاد الغرائب والعجائب». وكي لا تنكشف حقيقتها أمام الناس، حوّلها لي «سيد أكوان الشرّ» إلى «جنود يرتدون ملابسَ مموّهة»، انتقلوا معي إلى «الحكاية الجديدة»، وهم يرافقونني فيها باستمرار، وأنا فقط مَن يعرف حقيقتهم. لكن الناس، عندما يصادفونهم، يولون الأدبار، مذعورين، مع أن أشكالهم الخارجية اتخذت هيئة جنود، فهل يتوجّسون بحقيقتهم؟».

 

مقطع رقم 2 من الرواية:

«يقارب العدد اليومي ألف إنسان، ندفنهم أحياء، بكامل ألق جسدهم الإنساني، بناء على تعليماتكم الرحيمة، كي تصلكم التقارير الأمنية نظيفة من الأشلاء والدماء. بل ونسمح لهم بالاستحمام قبل رميهم في القبور الجماعية، وإهالة التراب عليهم. إليكم الآن التقرير الصباحي «أيّها الزعيم الجنرال، لقد جمعنا من المتمرّدين مئة شاب، جميلي المحيا، وبعمر الرجولة، وثمانين فتاة عذراء، يعبقن بالحياء، وسبعين طفلاً، أجمل من الورود. وتم دفنهم جميعهم أحياء، بعد أن عطرناهم برائحة الفل والياسمين».

لهذا يصلون إلى وكري بأجسادهم، ولا يدعوني أنام. لتتغير أوامري، ولأنسى الرأفة بالمتمرّدين على سلطتي.

«الحصيلة اليومية هي الآن مئة طن من أشلاء الجثث التي تمزّقت بالقصف، أو احترقت وتشوهّت بالنيران، مع مئة طن من لحم مفروم يتم نزعه من جنازير الدبابات. هذا هو التقرير اليومي بناء على تعليماتكم الجديدة، فأنتم لا ترغبون بعد الآن أن يموت الناس بأجساد سليمة».

 

تجدر الإشارة إلى أن رواية «نزوة الاحتمالات والظلال» هي الرواية الثامنة لعرفة، والتي امتدّت على (190) صفحة، من القطع الوسط، وقد أصدر المؤلّفات التالية:

1 – «العالم العربي في الكتابات البولونية في القرن التاسع عشر»، (باللغة البولونية)، لوبلين 1994م.

2 – «سحر الكتاب وفتنة الصورة: من الثقافة النصّية إلى سلطة اللامرئي»، سوريا، دمشق، دار التكوين، 2007م، (464 ص).

3 – رواية «وصايا الغبار»، سوريا، دمشق، دار التكوين، 2011م، (663 ص).

4 ـ كتاب «تراجيديا الثقافة العربية»، سوريا، دمشق، دار التكوين، 2014، (295 ص).

5 – رواية «الغرانيق»، لبنان، بيروت، مؤسّسة نوفل/ هاشيت أنطوان، 2017م، (356 ص).

6 – رواية «سرير على الجبهة»، لبنان، بيروت، مؤسّسة نوفل/ هاشيت أنطوان، 2019م، (335 ص).

7 – رواية «الغابة السوداء»، المملكة المتّحدة، لندن، دار رامينا، 2023م، (205 ص).

8 – رواية «داريا الحكاية»، فرنسا، باريس، ميسلون للثقافة والترجمة والنشر، 2023م، (184 ص).

9 – رواية «ترانيم التخوم»، فرنسا، باريس، ميسلون للثقافة والترجمة والنشر، 2025م، (300 ص).


google-playkhamsatmostaqltradent