recent
جديدنا

أقنعة

الصفحة الرئيسية


هدى سليمان

 

لتدخلَ عالمَ المرأةِ «المرأة» عليكَ أن تثبتَ قناعكَ جيّداً.

أن تبقي عدّةَ الصداقةِ التي تدّعيها جاهزةً .

أن تغسلَ وجهكَ عدّةَ مرّاتٍ في الصباحِ، لئلّا يفضحك وجهك منذ الصباح.

لتحبَّ شاعرةً، عليكَ أن تقتنعَ أنّ الشعرَ وحدهُ لا يكفي.

تخيّلْ!

وأنتَ تتلو على الكونِ مشاعركَ وحزنكَ الشجيَّ وركضكَ الحثيثَ في مضمارِ اللغةِ، ذهاباً وإيابًا... ذهاباً وإياباً.

وأنتَ تلهثُ لتغريها بجملةٍ، وتداعبَ قلبَها باستعارة، تخيّلْ، كلَّ ذاكَ السباقِ، واللهاثَ المسموعَ خلفَ رويّكَ وقافيتكَ، وعرقَ جبينكَ النازفَ فوقَ الكلماتِ! وهي في المقلبِ الآخرِ تقلّبكَ كصفحةٍ قديمةٍ من كتابٍ مهترئٍ، تخاف أن تتفتّت بين يديها، فتصبح استعاراتك وكناياتك رماداً فوق رماد…

تدخّنُ سيجارتَها ببطءٍ، ويعروها المللُ، والقرفُ، وهيَ تلاحظُ انتقالكَ بينَ صدرٍ وعجزٍ، في النهايةِ هي تحبُّ البيتَ الآمنَ، لا المبنيَّ على «الصدرِ» و«العجزِ»…

 

لتحبَّ صادقةً، عليكَ أن تثبتَ قناعكَ جيّداً، لا تنخدعْ بالطلاءِ الوطنيِّ، سيقولونَ لكَ الكثيرَ من الترهاتِ في سوقِ الرجالِ، تحرّرْ ممّا قيلَ لكَ، لقد أسروكَ في أوهامِ الرّجولة،

المرأةُ الصادقةُ تسقطُ أقنعتكَ كلَّها، تحرّرْ من أوهامِ رجالِ الدينِ، والسياسةِ، والمجتمعِ، وثَبِّتْ قناعكَ جيّداً، الطلاءُ الوطنيُّ مغشوشٌ، الطّلاءُ الوطنيُّ مغشوش، فلا تدفعْ ثمنَهُ من كرامتِكَ…

 

لتحبَّ امرأةً حرّةً، أخرجْ من رأسِ صورةِ الإماءِ في بغدادَ، كانَ ذاكَ منذُ زمنٍ، ولا بأسَ أن تفهمَ أنّ حريمَ السلطانِ هيَ قصّةٌ عابرةٌ، لستَ البطلَ فيهِ.

لا تطرقْ بابَها، أنتَ الخارجُ من فتوى طازجةٍ، في النهايةِ ستبدو أمامَها كخروفٍ معلّقٍ فوقَ نارٍ، لا هيَ من أوقدتْها، ولن تكونَ من تطفئُها…

 

لتحبَّ امرأةً قارنْ المسافةَ بينكَ وبينَها، قسْها على خطوطِ الطولِ والعرضِ، أخلاقَها.. طيبتَها.. نظافةَ روحِها.. وإذا وجدتَ فرقاً بسيطاً.. غادرْ، اهربْ، ستتعرّى على الملأ، سيفضحكَ قِصَرُ النظرِ عندكَ، ستتخبّطُ كثيراً بينَ حيطانِ رجولتِكَ المزعومةِ، ستؤلمكَ قدماكَ وأنتَ تحاولُ الوصولَ إليها، وإذا وصلتَ! يا لتعاستِكَ! ستسقطُ في فخاخِ نرجسيّتك وتعملقك وتضخّمك. والتضخّمُ يضرُّ بشرايينِكَ… أمّا شرايينُها فيسيرُ الدمُ فيها هادئاً، وستنظرُ إليكَ من شرفتِها وأنتَ تغادرُ، بقصرِ نظركَ، وقصرِ أهدافِكَ… وستتمنّى لكَ وصولاً موفّقاً، هذا إذا أسعفكَ الحظُّ بالوصولِ...

 

لتحبّني، راجعْ ما كتبتُهُ فوقَ، وتصوّرْ قدرتي على التلاعبِ بكَ في نصٍّ، ستغيّرُ رأيكَ حتماً.

وهذا يسعدني...

لأن لا شيء أكثر مللاً، من أن ألاحظَ تنقّلكَ بينَ «صدرٍ» و«عجز».

وأن ألمحَ لهاثكَ خلفَ الكلماتِ…

ولا شيء متعبٌ، أكثرَ من أن يسقطَ وجهُكَ أمامي.

فثبّتْ قناعكَ جيّداً، بشعٌ وجهُكَ، عندما يصبحُ، بلا وجهٍ.

google-playkhamsatmostaqltradent