-->
U3F1ZWV6ZTEzNzUzMDQwMTQxX0FjdGl2YXRpb24xNTU4MDI5NzIxNDY=
recent
جديدنا

قراءة في رواية اللحاف للكاتب أيمن ناصر

بقلم:محمد رمو
لن أبالغ أنّ طوال قراءتي لرواية اللحاف رحتُ في سفر طويل ،متعبٌ وشاق،في دهاليز مدن اليمن والسودان .
وجدتُ حُوث وأم درمان مدينتين نقيتين بعكس الصورة المغبرّة التي لطالما نراها في التلفاز أو من الصور التي تأتينا من هناك .
تعرّفت على العادات والتقاليد اليمنية ,وعلى اللهجة السودانية الخفيفة ,ولهجة أبناء المحافظات الشرقية .
ولن أبالغ أنّني عشت تجربة مريرة مع أنكيدو وأوديسيوس وسائر أساطير الأغريق في تعابيرهم الجلية عن الحبّ والضعف والحنان ,عن العطش والجوع ..
داعبت الموت مع حمزة برفقة ذاك السوداني العملاق في غرفة صغيرة بحجم وطن ,مرسمٌ ولوحات زيتية ،وعمامة بيضاء تحوّلت فيما بعد إلى كفن ,ولحاف ميدوزا ...

لن أستطيع أن أدرك حجم الأسى الذي تركه حرق اللحاف في نهاية المطاف ,وأعتقد لو أنّه تم توريث اللحاف لأبن الــ "سيد" لكانت نهاية درامتيكية توحي لأفكار مختلفة ،فلحاف ميدوزا صار شعاراً للموت على طول الرواية وهي دلالة أنّ الموت حقّ وأنّه آتٍ مهما حاولنا عقد صفقات وهدنات معه كما فعل سيد، لكن إلى ماذا يشير الكاتب عندما يحرق اللحاف..؟
الرواية طويلة بحجم جمالها ,دقة في السرد ,وترابط الأحداث بصيغة أدبية جميلة ,فلسفة الألون تجلّت في كلّ سطر من أسطر الرواية ,الصوفية وحبّ الإله ,والتغنّج بماضٍ قلّما نراه في روايات الأدب الحديث .
سيد ،شخصية عملاقة شكلاً ومضموناً ,أسود من الخارج ,ونقي من الداخل ,يقول الكاتب في تصوير شخصيته "لماذا كلّ الأشياء البيضاء غلافها أسود " ,شخصية مرحة ,مثقفة ,تشبه شجرة نخيل منسيّة على ضِفاف النيل ,يريد أن يجابه الموت بكامل بنيانه ,لا أن يكون قريح الفراش ,يحمل ورم خبيث في رأسه ,يكبر مع الأيام ليعطي القارئ لمحة عن نهاية رجل شجاع تخلّت عنه حكومته ورمته جثّة بين وديان عدن وصنعاء ,لكن ما حدث أنّ تلك النهاية التي تخيّلتها لم تحدث حينما اخترقت رصاصة طائشة جسده وأردته جبلاً مسطّحاً .
أعتقد أنّ هذا التداخل في الأحداث يمنح المتشائمين طيف أمل ,وأنه مهما تخيّلت نهاية مظلمة ,فقد يكون هناك ثمّة ضوء يدخل إلى أعماقك ولو كانت على شاكلة موت.
حمزة ,فنان تشكيلي ,يشبه الكاتب حد المطابقة ولو أنّي تعرّفت على الكاتب منذ فترة قصيرة ,محبّ للخير ,وفيّ ,صديق صدوق ,يعلم جيداً ماذا يريد ,وإلى أن يريد أن يرسي بقاربه على حد توصيف الكاتب ,فاهم للحياة انطلاقاً من نظرية الألون والفن التشكيلي ,يطفو ويغرق في أحداث الرواية كما كلماته ,أو كما نظريته عن الحياة
سلّط الكاتب الضوء على قضايا اجتماعية ,من بينها قضية "الشيخ عبدو " والتي ترسم صورة حيّة لمآلات وضعنا الحالي ,شخصية متديّنة تستخدم الدين في سبيل كسب ثقة من حوله وكذلك في سرقة قوتهم .
الشيخ عبدو ،شخصية انتهازية بعكس شخصية زياد ,ذاك العربيد العاشق للنساء والخمرة ,لكنّه أكثر صدقاً منه وأقل اتزاناً في قراراته من لحية شيخ عبدو الطويلة
الرواية تطرّقت إلى قضايا سياسية ولو كانت على شكل رموز , أُصدرت عام 2008 عن اتحاد كتّاب العرب ,وكانت حينها الأجهزة الأمنية في أوج قوّتها ,وكان على الكاتب أن يحاكي الوضع السياسي وفق منظور ضبابي لا يسمي الأشياء بمسمياته.
ابن الفرات ماذا يفعل في اليمن إن وفّرت له حكومته عملاً في بلده ؟
يقول الكاتب "الغزالة البنت الحضرمية التي رضيت العمل في ممنطقة نائية نصيبها من الحضارة نصيب الشرق الأوسط من الديموقراطية "
الوزير يأمّن فيزا لسيد لكي يسافر إلى أوربا
مسألة التهريب وبيع حبوب مهلوسة ..
شكراً أيمن ناصر ...


تعديل المشاركة Reactions:
قراءة في رواية اللحاف للكاتب أيمن ناصر

devrav

تعليقات
    ليست هناك تعليقات
    إرسال تعليق
      الاسمبريد إلكترونيرسالة