بقلم الأستاذة براءة خضور الرويلي
اسم الرواية : الخيمة(320)
المؤلف : محمد محمود رمو تصميم الغلاف : خالد الوهب الطبعة الأولى : 2018 دار نون للنشر والطباعة
الإهداء : إلى ريما .. الجرح المكنون في خاصرة أمي وأبي وبين تراتيل خصلات شعر أبي الأشيب وفلذتي (كبديهما خليل ..رفند ) .... استوقفني هذا الإهداء النابض بالحب والإخلاص لطيف شقيقة الكاتب التي قضت في مجزرة دموية تعرضت له قريته وقرأت فيه هواجس غربة حيث بكى الوطن المفقود في لحظة الضياع المحتم حيث اللاعودة فقرر أن يصوب قلمه كمدفع نحو الورق ويكتب
مضمون الرواية :
(الخيمة 320 ) لو أن اسم الرواية مر ع مسامعنا قبل الأزمة السورية لتخايلنا البادية وخيمها المترامية ولكن العنوان لم يعد بحاجة إلى شرح وجميعنا عاش تغريبة سورية تختلف أيامها ويختلف زمانها حسب التاريخ المشؤوم الذي هجر فيه من وطنه حين أطبقت عليه مطرقتي النظام وداعش والبطل وليد كان أحد ضحايا الحرب الملعونة والخيمة 320 لم تكن سوى رقم مسكنه الجديد في مخيم سروج
الزمان : بدأ الكاتب بكتابة الرواية في (23-2-2017) وأنهاها في (11-9-2017) ونشرها في أواخر سنة (2018) ولا بد لنا هنا أن نطرح السؤال التالي : لماذا تأخر الكاتب في النشر والجواب سيكون أحد أمرين: إما ضيق ذات اليد حينها أو ربما كانت تلك فرصة مناسبة للكاتب كي يراجع الرواية وينقحها ويعرضها على متخصصين لإبداء الرأي والنقد وهذه حسنة جيدة فالتروي قبل النشر له فوائد كثيرة أقلها منع الخطأ قبل أن ترى الرواية النور ويسير بها الركبان
المكان : تنوعت الأمكنة في الرواية مابين الجامعة والسكن الجامعي ومدينة كوباني (بيت الجد.. الجامع..الساحة ) الحدود السورية التركية مخيم سروج ..مدينة أزمير ..البحر ..جزيرة في اليونان ..مقدونيا .. ولكن بقيت (مدينة كوباني)شريكة في بطولة القصة فهي الحبيبة والمعشوقة وهي الأم والبنت ولعله كان متمسكنا ب (كوباني) ك وطن أكثر من تمسكه بالوطن الأكبر وهذا تجلى واضحا على لسان وليد بطل القصة .. يقول الكاتب : (كان وليد يسير مهاجرا وينظر بحقد وكراهية إلى عبارات مكتوبة على الجدران ..سورية جنة الأرض .. صرخ وليد في قرارة نفسه /عن أية جنة تتكلمون ؟؟ إنها جهنم تناقصت فيها مساحة الحب تدريجيا وصولا إلى الانتحار .. وقول وليد .. كيف نحب وطنا متيما بالموت وأخبار النهايات
الشخصيات : لعل تنوع الأمكنة في الرواية كان عاملا طبيعيا لتكدس الشخصيات الثانوية في الرواية مثل : (الأخوان بيمان وشفان ..الجد .. جار جده عمه ..شيخ الجامع ..أبناء قريته الذين رافقوه في النزوح ..جنود داعشيون ..السائق ..موظف دائرة الهجرة والجوازات ..سكان المخيم .. مهاجرون شركاء في البلم المطاطي سوريون وعراقيون وأفغان) .. اللافت أن من كانت تشاركه البطولة هي (منى )الحبيبة التي تعرف عليها في الجامعة وفقدها كما الوطن ثم التقاها صدفة في المخيم ..وصدفة ثانية في طريق الهجرة إلى أوروبا .. الملفت للانتباه أنها شاركته البطولة رغم أنها كانت أقرب للخيال من الواقع في القصة تظهر كالطيف وتختفي ولم تكن عاملا مؤثرا في مجريات الرواية لعلها صورة عشق حقيقي مر بحياة الكاتب سابقا وأراد أن يخلده في هذه الرواية
الأسلوب : تنوع أسلوب الكاتب بين الأسلوب السردي الوصفي والحوار كان أسلوبا سرديا بطريقة (ال أنا ) فالكاتب كان يحكي سيرة شخصية وليد هو الكاتب نفسه حتى قرار الهجرة ومابعد ذلك كان وليد خيالا ليس إلا .. وبالنسبة للغة فالرواية كانت منسوجة بعبارات قوية وألفاظ جزلة وتنوعت التراكيب فنجد : 1 - (اللغة الشاعرية ): ولاسيما في وصف الحبيبة يقول وليد : /ماالذي تخلقه نظراتها حتى تجعل مني عاجزا عن التقاء نفسي بنفسي وماهي الوصفة التي تستحضرها لتجعل من خيارات الحروف أمامي ضئيلة لسؤالي عن اسمها / وقال وليد أيضا : /تعالي لأرتشف الحب من شفتيك وأتنفس هذا الحزن المكنون من عينيك عشقا / ... 2- اللغة الوصفية: (إذا أردت أن تتعرف على الوطن أكثر عليك أن تتأمل طائرا مبللا يرتجف بردا ويسدل جناحيه على فراخه) ... 3- لغة ندم : (مرات كثيرة تولج نفسك بعبارات ذم لأنك منحت الوطن معان لم يحملها ولأنك أخطأت الوصف في ثنائك على أرض لم توفر لك السعادة) ....
أما بالنسبة للحوار .. فقد لفتني اعتماد الكاتب على اللغة العربية الفصحى في الحوار رغم أن كتابا كثيرين من فلسطين والمغرب والسودان وسوريا لم يجدوا ضيرا في تضمين الحوار في رواياتهم بكلمات بلهجات بلدهم العامية وهذا نوع جديد في اللغة أجازه لهم محمود تيمور حيث ترك الفصحى للسرد والوصف والحوار بالمحكي وحتى الجاحظ في كتابه البخلاء كان يورد الفكاهة والطرفة بعامية أهل بغداد وحجته في ذلك أن الطرفة إذا كتبت بالفصحى فقدت لذعتها وحرارتها
وختاماً كل الشكر للكاتب الصاعد على هذا العمل الجميل وهذا السعي لإيصال هموم أمّة شُردت وعُذبت وهُجرت .