تشارلز سيميك: صوتٌ ينطق بالمنفى والأميركية معاً

يقول : الكاتب والناقد منذر الغزالي

سنظلم الكتاب إذا نظرنا إليه على أنه كتابٌ في الفلسفة، أو في النقد، وسنظلمه أيضاً إذا اعتبرناه مجرّد رسائل كتبت بلغة العشق العذبة.


هو كتاب أدبيٌّ بالدرجة الأولى والأخيرة، كتب بشفافيةٍ وصدق، فيه العشق، وفيه الجدال، وفيه الخصام، وفيه الغزل، فيه معارضاتٌ شعريّةٌ جميلة، وفيه أيضاً نظراتٌ وآراءٌ، في الطبيعة والمجتمع والحرب والسلم، تصل حدود الفلسفة... فيه كلّما يقوله الأديب حين يعشق، بحديثٍ وجدانيّ منساب، دون ضوابط الرقيب أو ضغط المواضيع المجدولة.


هي نصوصٌ حيّة ينبض فيها روحٌ شعريّ رقيق.


وسواء كانت مراسلات الكتاب حقيقة أم متخيّلة، سواء كانت "ميّ" الكتاب امرأةً من دمٍ ولحمٍ وجوارح، أو حبيبةً متخيّلةً، ملهمةً للكاتب، فإنّ ما بين ضفّتي الكتاب أدباً حقيقيّاً، ونزوعاً نحو الفلسفة، ومعرفةً بأحوال العصر، وثقافته، وأقوال لمفكرين تركت لها آثاراً في فكر الكاتب، ما يجعلنا، بحق، نعود لرسائله فنقرأها مرةً ومرةً ومرات، نستحلب عذب كلماتها، ونسبر غور أفكارها.


سنظلم الكتاب والكاتب إذا قرأناه وفي مخيلتنا أثرٌ من رسائل جبران الحقيقيّ وميّ الحقيقية، أو انتظاراً أن تكون كلمات الكتاب تكراراً لكلماتهما، فما لجبران -لو حضر اليوم- أن يكون جبران ذلك الزمان، وما لميّ أن تكون تلك الـ "ميّ"، فما الزمان هو الزمان، وما حوادثه وتصاريفه هي الحوادث ذاتها وتصاريفها قبل مئة عام.الكتاب هو ابن كاتبه، ابن وجدانه وفكره، وصنيع قلمه المحض، الكلمات فيه من وجدان كاتبها، والأفكار بنات أفكاره.


كتابٌ رشيق الكلمات، عذبها، مقتصد اللغة، وما هو مقتصد بالجمال أو الأفكار، يمكن للقارئ الذي يكتفي برشفةٍ من أعلى الكأس أن يقرأه في جلسةٍ واحدة، ويعيده إلى مكانه في المكتبة، ثم ينساه... نعم هذا ممكن، فما هو بالكتاب المقعّر الصعب المتشابك. غير أن القارئ الذي لا تكفيه النشوة إلا في حدودها القصوى، سيصل إلى ثمالة الكتاب ولا يرتوي، سيقرأه مرةً ومرةً ومرات، وفي كل قراءةٍ سيكتشف سرّاً جديداً من أسرار جماله، ويرتشف عذوبةً مختلفة من عذب كلماته، وسيمشي مع الكاتب على خطى ميّ وجبران في دربٍ جديدٍ، سيرى الزهور والأعشاب على جانبيه فتيةً نظرة.... هي زهورٌ جديدة وأعشابٌ جديدة، غير أنه سيشمّ عطر تلك الزهور التي نبتت على جانبي الطريق الذي طرقه ذانك الأديبان العاشقان.

صدر الكتاب عن مطبعة الجسور بوجدة.
وهو باكورة اعماله الإبداعية باللغة العربية، اذ سبق له ان نشر عدة اعمال باللغة الفرنسية. 

رقم الايداع: 2019-MO 1333
الترقيم الدولي: 978.9920.37.264.0 
تصمبم الغلاف و الاخراج الفني: الفنانة و الشاعرة العراقية: سعاد العتابي
ساهم في التنفيذ: الأستاذة العشاب فاطمة/ المغرب