recent
جديدنا

أرواح مرقّعة

الصفحة الرئيسية


جوانا مسلم / خاص سبا



أجزاءٌ عاريةٌ نابضةٌ بالحياة، تغطّيها قطعةَ قماشٍ رقيقةٍ مبلّلةٍ من نوع فاخرٍ، تكادُ تلتصقُ بروحها بانسيابية عالية، لتبرزَ كلّ تفاصيلها وخطوطِ أحلامها وأفكارِها المغرية، المائلةِ منها والمستقيمة.

ذاك النوعُ من القماش الذي يصدرُ من مكان بعيدٍ، بعيد جدّاً، كقرب الموتِ إلينا، من دهاليز وتلافيفِ دماغٍ في عصر ازدواجه مع «الليبيدو».

مرقّعٌ بنقوش من عادات بربرية.
مطرّزٌ بكنار ذهبيّ من قيم وأحكامٍ شرقية.
يا لجماله الفتّان بأذواقهم الديكتاتورية!!

تلك الأجزاءُ ما إن نهضَت بنفسها حتى تُلغى أسماءٌ وتمحى تواريخُ وأماكنُ من ذاكرة مولودٍ حديثٍ لم يستيقظْ بعد، حيث ينفى تاريخٌ كاملٌ، ويكتبُ آخرُ جديدٌ بمجرّد دسّ إصبعها في حبر خيالها الجامح، ترسمُ به وجوهَ جائعين ثائرين هاتفين لحرّية معتقداتهم وممارساتهم الليلية، بأصوات غازيةٍ غاضبةٍ، تنطلقُ من مدافع أصواتهم بنكهة بارودية، لترتفعَ عالياً…، عالياً جدّاً.

هناك!
حيث ضبابٌ كثيفٌ، وهمٌ وخيمٌ.
الأصواتُ أعلى وأعلى، جموحُها يزدادُ أكثر فأكثر، فدسَّ أعنف بالحبر، فبراعة أكثر بالرسم، فغرقا بتفاصيل اللوحة أعمق، إلى أن تنتفضَ الريشةُ بحبرها في الهواء، فتولدُ أرواحٌ بريئةٌ مجهولةٌ تائهةٌ خلفَ كلّ هذا الضباب، ملتحدةٌ بقوة مع ذرّات الدخّانِ المنبعثةِ من حناجرهم بحنان متهجّمٍ، كهجوم طفل لنهدي أمّه حينما يثأرُ جوعاً.

تلك الأرواحُ التائهةُ لسبيلها،
لا تعرفُ الذهابَ، إلا إلى حيث مدافع أصواتهم تشاءُ الإطلاق.

google-playkhamsatmostaqltradent